*سووووووش.*

كرة صغيرة من الضوء خرجت من رأس روبين، ثم تجسدت سريعاً لتشكيل جسداً من الضوء شبيهاً بجسد البشر، ثم تكلم الهيكل البشري بنبرة بدت منزعجة، “أبقيتني منتظراً أكثر مما ينبغي.”

“ليس طويلاً بما يكفي.” نظر روبين نحو عينا المستبصر، و تكلم بصوت قاس.

عقد المستبصر حاجبه عندما سمع هذا، و بدأ يتفحص روبين بشكل اكثر دقة..

مع أن روبين كان يحاول السيطرة على نفسه قدر الإمكان إلا ان تنفسه ما يزال غير منتظر، ضربات قلبه سريعة، و قوية كطبول الحرب، العرق بدأ ينزل من شعره، عيناه مفتوحتان على اخرهما، و مُركتزان بالكامل…

بدى كشخص يستعد للمخاطرة بكل شيئ!

قبل أن يتمكن روبين من قول كلمة أخرى، رفع المستبصر يده، و قام بتلويحها بسرعة.

حاول روبين التكلم أكثر من مرة، لكن لا صوت يخرج، أمسك رقبته بنفسه، و حاول ضخ قانون الحياة، و استعمال قانون الصوت، و غيرها من الأشياء التي فكر فيها، لكن لا فائدة، فنظر نحو المستبصر بنظرة أكثر قسوة من سابقتها.

“لا اعلم ما يحدث معك، لكنك بدوت على وشك قول شيئ ستندم عليه لبقية حياتك، هذا إن عشت بعدها. انا لست والدك يا فتى، و لن اسمح بكلمة تقل من احترامي! لكني أراك شخص تستحق فرصة أخرى لذا دفعت مئات السنين من فترة تدريبي لمساعدتك على إبقاء فمك مغلقاً، أنصحك أن تستغل الفرصة لتصفي ذهنك، و تختر كلماتك.” تكلم المستبصر، و هو يرى يراقب روبين ما يزال يحاول فك ما فعله به.

“………….” فتح روبين فمه على آخره، و صرخ بكل قوته، صرخة لو كان صوته موجوداً لدوت في المدينة كلها، لكن حتى الذبابة بجواره لم تسمع شيئاً..

إستمرت صرخته المكتومة لأكثر من دقيقة كاملة، قبل أن يرجع ظهره مجدداً ليستند على الكرسي، و هو يلهث.

“هل إرتحت الأن؟ سأزيل ختم الصوت عنك، لكن يستحسن أن تفكر جيداً في ماذا ستقول… و مع من تتكلم.” قال هيكل الضوء، ثم قام بتلويح ذراعه مجدداً.

“هااا.. هاا..” صوت أنفاس روبين العالية أصبحت مسموعة أخيراً، أغلق قبضته، و بدى و كأنه على وشك الصياح بشيئ فجأة! …لكنه أغلق فمه مجدداً، لم يقل شيئاً.

بعد حوالي نصف دقيقة إكتفى برفع إصبعه ببطئ، و الإشارة نحو الجنوب الغربي…

“همم؟” استغرب هيكل الضوء من تلك الاشارة، لكنه تتبع مسار إصبع روبين بعينه، مخترقاً بعينه الجدران، و الجبال، و الغابات، نظره ظل يمتد بسرعة الضوء حتى أخيراً وصل لـ..

مدينة يورا.

“هذا….” لف هيكل جسده بالكامل عندما رأى مدينة يورا، و بدأ يفحص المدينة بدقة بحاجبين معقودين، لم يترك عظمة شخص، او حبة رمل بدون أن يلمسها بحسه الروحي، بعدما أنتهى من فحص يورا حرك حسه الروحي، و بدأ يفحص القارة كلها بقعة بقعة..

بعد اكثر من دقيقتين خفض المستبصر رأسه قليلاً، ثم إستدار ليواجه روبين بتعابير وجهه المعتادة تكلم، “فهمت، هذا مؤسف، لكن ما دخل هذا بي؟”

*بااااا*

ضرب روبين مستند كرسيه فإنكسر، ثم صاح بصوت عالٍ، “لولاك لما غادرت جوار عائلتي! أنت من أرسلني لذلك المكان القذر!!”

وضع هيكل الضوء يده وراء ظهره، و تكلم بوجه خالٍ من الملامح. “لو بقيت كنت ستموت معهم، ماذا تظن نفسك؟ أنت ما تزال ضعيف كالرضيع الأن بينما نتكلم، فماذا كنت ستفعل في حرب كبرى وقعت قبل أكثر من عشر سنوات؟ ترفع سيفك، و تُقاتل؟ كنت ستموت! كنت ستخترع معجزة لتساعدك على الانتصار؟ انت تعرف أن الأمور لا تسري بهذا الشكل! حتى بعين الحقيقة لا يمكنك عمل المعجزات بإرادتك… ماذا كنت ستفعل؟ تسمح لهم بأن يأسروك، و تترك عائلتك لتُستعبد بدلاً من أن يتم قتلهم؟ هذا غير مقبول، حياتك أثمن بعدد لا يحصى من المرات من كل افراد *عائلتك* مجتمعين، و انت تعرف هذا، توقف عن التصرف بطفولية.

انت أذنت بإستعمال طلاسمك، و إبتكاراتك بشكل أسرع مما ينبغي، بدلاً من ان تقوي نفسك، و عائلتك أولاً ذهبت، و هاجمت مملكة بتهور، و أعلنت للجميع قدراتك، بعدها سُحبت في حرب، و راء حرب، و أعلنت عن إبتكار وراء ابتكار، ماذا كنت تتوقع؟ أن ينتظرك الاقوياء في عالمك حتى تصبح اقوى منهم؟ انت إتخذت القرارات، و تحمل عواقبها، لا تلقي اللوم على الاخرين! بل يجب ان تشكرني لأني انقذت حياتك، و إعطيتك فرصة للإنتقام بإرسالك إلى نيهاري، رأيت بالفعل ما فعلته بالقارة من دمار فارق ما فعلوه لعائلتك الاف المرات، و رأيت عشرا الالاف من البشر يحملون نسل دم عائلة بروتون يعيشون بهناء، سيطرت على القارة، و جمعت عدد كبير من أفراد عائلتك، ارى ان الامور تسري بشكل جيد.. ما المشكلة؟”

*كرننننش*

قبض روبين يده حتى أصدرت صوتاً، و كأنها على وشك ان تُسحق، ثم تكلم، و الدموع تملئ عينيه. “لماذا لم تخبرني بما يحدث على الاقل، كان عليك اعطائي الخيار لأقرر ما علي فعله… تنظر ليورا، و تتظاهر أنك مندهش، أتخبرني حقاً أنك لم تعرف ما يجري هنا؟ أتخبرني ان *المستبصر* لم يُكلف نفسه مرة بمتابعة ما يحدث في كوكب حليفه؟ دعك من هذا.. أتخبرني أنك لم تشعر بميلا و ريتشارد و هما يعبران من بوابة الفضاء قادمين لنيهاري؟! ألم يخطر في بالك إني قد أود أن أعرف أن عائلتي تُقتل؟ ألم يخطر لك أني قد أريد معرفة أن زوجتي تؤكل، و ابني يُعذب؟ ما فائدة اسمك إذاً؟!”

“..إبنك؟” عقدت هيكل الضوء حاجبه.

 

 

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x