(” روبين؟ ما الذي تفعله عندك في كوكبك الناشئ؟ لماذا انت لست في نيهاري؟! جد مكان آمن بسرعة لنتكلم بحرية.”)

تجمد روبين عندما سمع هذه الكلمات…

كانت مجرد أفكار ظهرت في رأسه بدون صوت مميز، او اي شيئ، مع ذلك فور سماعها عرف فوراً من المتكلم، لكنه لم يعرف بماذا يرد..

او بالأحرى.. كان يحاول كبح ما يريد قوله.

وجهه المفرود الذي تجمد للحظة بدأ يقشعر، و بدأت حواجبه تتقارب من بعضها، في لحظة تحول وجه روبين إلى الغضب الشديد..

فأغلق فمه الذي كان مفتوحاً مستعداً للكلام، قبض يده التي كان يمسك بها فخذ الأرنب بلطف فسحق العظام في يده إلى تراب، و بدون علمه سمح لهالته الداكنة بالتسرب …

تحول شخصية *الشخص الملتحي* من شخص غير مبالٍ بأهوال العالم من حوله، إلى شخص تحرق النيران قلبه فزع الشاب الجالس أمامه، و تلك الهالة… تلك الهالة!

وقف بسرعة، و أعطى انحناءة خفيفة، ثم تكلم بفزع. ” آسف لم أكن أعرف أني اطلب شيئ بهذه السذاجة من خبير، انا آسف سأغادر، اسفه حقاً.” ثم أخذ خطوة نحو الباب بسرعة، ناسياً حتى حقيبته التي تركها وراءه بجوار روبين.

لكن في تلك اللحظة مد روبين يده فأمسك بذراع الشاب، و قال. ” أخبرتك اني سأساعدك، أتريدني أن ارجع في كلامي؟ اجلس مكانك!”

“كييه!!” قد تكون كلمات روبين مبشرة، و يتكلم عن المساعدة، و الوعد، و أشياء جيدة، لكن الغضب شديد الوضوح على وجهه، و قبضته القاسية التي كاد بها ان يسحق ذراع الفتى بدون ان يشعر، جعلت الشاب على وشك تبليل سرواله. ” لكن.. لكن هالتك التي اطلقتها تلك ستجذب العفاريت، أنهم بالتأكيد في الطريق الأن، يجب على كلانا الهرب!!”

“قلت لك أجلس!” صاح روبين مجدداً، هو نفسه كان شارد الذهن لم يعرف ما إن كان يصرخ على الشاب نفسه، او يحاول التفريغ شيئاً من مشاعره التي اهتيجت.

لم يعلم الشاب ما الذي يخبئه له هذا الشخص الغريب، لكنه قبل بمصيره، و عاد ليجلس مكانه كما قيل له.

“هاي، ما الذي يحدث هنا؟ من منكم كان يصيح الأن؟ أتعتقد أنه بيت أمك؟!” جاء أحد الاشخاص المدرجين بالدماء من داخل الغرفة، و هو يحمل خنجر طويل، و وجهه نحو روبين، واضح ان الدماء على جسده لم تكن دمائه.

المعركة داخل المخزن كانت قد انتهت تقريباً بالفعل، 5 أفراد اتفقوا على تقسيم كل شيئ بينهم، و اتحدوا على قتل البقية، و هذا كان أحدهم..

“من إذن لك بالكلام؟” صاح روبين بصوت عالٍ عندما سمع كلام هذا الشخص، و نظر نحوه بنظرة قاتله.. حرفياً قاتلة.

*باااا*

*دروووب*

سقط ذلك الشخص حاملاً الخنجر على ظهره، نزل جثة هامدة، بدون رأس.

و الرأس لم توجد في اي مكان حوله، او بمعنى أصح هى توجد في كل مكان.. فقد تم تفجيرها إلى أشلاء صغيرة.

“كييييييه!!!” تشنج الشاب، و أخفض رأسه اكثر حتى كاد يلتصق ببطنه.

*بااا*

ضرب روبين على الطاولة، و صاح بغض. “توقف عن عصر ما تبقى فيك من دماء، لن تمت قبل أن انفذ وعدي بمساعدتك، مفهوم؟ ماذا، ألم ترى شخص يستخدم قانون ضخ الدم الثانوي لتفجير رؤوس الحثالة من قبل؟ انا إستخدمت المئات من تلك الاساليب لقتل الآلاف من أولائك الحثالة أثناء رحلتي خلال الشهور الماضية فحسب، أتعتقد أنك مميز لأنك قتلت أفراد عصابة؟ تعتقد انك تمكنت من الانتصار على النظام الأن، و ستموت بطلاً؟ هاي، أرفع رأسك، و انظر في عيني! إسترجل! ألم تكن تريد أن تموت قبل قليل؟ اين شجاعتك الأن؟ أتعتقد انك مررت بالجحيم؟ انت لم تختبر بعد جحيماً في حياتك!”

“هاي! ما الذي حدث هـ-” خرج رجل آخر من المخزن، و تحت إبطه بضع زجاجات من الخمر، لكن قبل ان يكمل كلامه.

*بااا*

*درووب*

” الاخ هارفي، أخرج و أعرف ماذا يحدث في الخـ–”

*باا بااا بااا*

*درووب درووب درووب*

“كيييييييه!!!!” الشاب الجالس أمام روبين ما يزال يغلق عينيه، لكنه كان يعرف جيداً ما حدث للتو.

ذلك الشخص الملتحي غريب الأطوار قتل آخر خمسة أشخاص في المطعم!

قتل ثلاثة منهم بدون أن يراهم حتى!!

من قد يفعل شيئاً كهذا؟ و ما هو قانون ضخ الدم الثانوي هذا بحق الجحيم؟!

الفتى لم يعد قادر على التحكم في أعصابه بعدها، و بعض البول بدأ يتسرب منه..

اما روبين فلم يعر اهتماماً بشيئ اخر، فقط أغلق عينيه، و أراح ذقنه على كلتا يديه، ثم بدأ ينظم ضربات قلبه، و تنفسه..

هو كان ينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر، لكنه كان يخشاها ايضاً..

هو كان بإمكانه بسهولة استدعاء المستبصر في اي وقت من خلال شظية روحه التي يمتلكها، لكنه إمتنع عن فعل ذلك.

غضبه العارم يخبره أن يستدعيه و يستجوبه و يلومه على ما حصل!

و حس المنطق المتبقي لديه يخبره أنه آنى لبشري ان يتحدى شخص يرى نفسه إلهاً..

لذا بقي منتظراً حتى يأتي اليوم بمفرده، و عندها يحدث ما يحدث، و قد أتى أسرع مما توقع..

بعد خمس دقائق—

*بااانج*

“رااااااااااور!!! من الذي تجرأ، و–” دخل المطعم خمسة عفاريت في نطاق الفروسية، و واحد في نطاقة القدسية، بملامح غاضبة، و هالات سوداوية دموية، مجرد حضورهم كفيل بجعل كل من هم في مستويات أساس الطاقة ينبطحون على وجوههم من الرعب.

لكن بمجرد دخولهم سمعوا صوت من الجانب. ” هذا الشخص مُعفى من عقوبة الإختراق للفروسية، يمكنه التجول بحرية داخل حدود هذه المدينة بشرط أن لا يتنمر على الابرياء الذين لا ينتمون لأي عصابات، لو حدث و تنمر على احدهم بقوته فمعكم الإذن بقتله، مفهوم؟ اريدكم ايضاً ان تقيموا حاجز حولي، لا احد مسموح ان يقترب من هذا المطعم لمسافة تمتد لمئة قدم على الاقل، اريد هدوء تام.”

“من أنت بحق الجحيم لكي تتكلم معنا بهذا الشكل؟!” تقدم رئيسهم، العفريت في نطاق القدسية مُظهراً مخالبه، مر اكثر من عام على تحركه في هذه القارة، و لم يُكلمه أي بشر بهذا الشكل من قبل!

” “شاليخت تيما زي! (لا تجبرني على تكرار كلام).” قالها روبين بلغة أهل نيهاري هذه المرة، و نظر للعفاريت الستة بعيون توهج باللون الذهبي اللامع.

توقفت قدم العفريت في الهواء، و ما نزل على الارض كانت ركبته

*باا*

*باا باا باا باا باا*

ثم نزل وراءه العفاريت الخمسة الاخرين. ” نسمع، و نطيع، معاليك.”

“معاليك..” الشاب كان بالفعل يشعر أنه يحلم من ركوع العفاريت الستة بهذا الشكل، لكنه شعر أنه تلقى ضربة بمطرقة على رأسه عندما سمع آخر كلمة قالوها، ثم نظر نحو الشخص الملتحي أمامه، الشخص الذي تلمع عيناه بالذهبي، و صاح. ” انت.. انت روبين بورتون!!”

“ألم تسمع معاليه يقول انه يريد الهدوء؟ أشكره على انه منحك حياتك، و تعال!” وقف العفريت القديس، و أمسك الشاب من خلف رقبته، و بدأ يسحبه نحو الباب.

لكن الشاب لم يشكر كما أخبره العفريت، بل بدأ يصيح، ” اللعنة عليك يا روبين بورتون! أنت السبب أن أهلي ماتوا! انت سبب في كل شيئ!! انت السبب!! انت السببـ–” و لم يكتفي حتى ضربه العفريت على رأسه ففقد الوعي.

ثم إنسحب العفاريت ساحبين الفتى المغشي عليه ورائهم، تاركين روبين يجلس وحيداً في صمتٍ تام..

*شهيق*

*زفير*

*شهيق*

” الاخ الاكبر المستبصر، يمكنك الظهور الان، فلنتكلم…”

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x