“إبتعد عني!”
“اترك هذه الزجاجة إن اردت المغادرة حياً!”
*دِش*
“اااااااااااااااااااه!!”
“لا، لا، ارجو—-”
المعركة في تلك الغرفة أخذت في الإشتعال رويداً رويداً حتى وصلت حد المذبحة، و حتى بعد هذا اخذت تشتعل أكثر.
كان هنالك الكثير من الناس في المطعم، فهو المطعم الوحيد في المدينة بعد كل شيئ..
كلام ذلك السكير عن موت عصابة فرسان المستقبل قد يكون خاطئ، لكن بعد رؤية صاحب المطعم يُقتل بهذا الشكل فكلهم الأن سيكونوا مسؤولين أمام العصابة، كلهم سيكونوا فرصة للمسائلة، و ربما الموت.
سواءً العصابة، و صاحب المتجر قُتلوا، و هذا يعني ان مورد الطعام الأساسي في المدينة انتهى.. او أن العصابة أحياء، و سيأتون ورائهم لقتلهم.. في الحالتين كارثة تستوجب الهرب.
أفضل فرصة لهم هى أخذ كل ما يمكن أخذه، ثم اصطحاب عائلاتهم خارج المدينة فوراً، لكن الجميع يفكر بنفس الطريقة، و الجميع في هذا الزمن أصبح لديهم ما يكفي من وحشية للقتل على أتفه الاسباب.. فتحول المشهد إلى ما هو عليه.
*باااا*
أثناء المعركة الدائرة بين عشرات الأشخاص، أحدهم ركل باب المطعم بقوة فكسر الباب.
دخل ذلك الشاب بعينين حمراوين، و جسد يملأه الجراح، و منقوع في الدماء، بدى و كأنه خرج من معركة حياة، او موت مع وحش في قعر الجحيم، لكن و على الرغم من حالته فنية القتل التي تصدر منه كانت ما تزال مشتعلة…
بعدما دخل ذلك الشاب صُدم بالمشهد أمامه..
بدلاً من المطعم الفخم الهادئ الذي لا يجرؤ أحد على التنفس فيه بصوتٍ عاليٍ، وجد أجساد ملقاة على الارض أينما نظر، و وجد الغرفة التي يتقاتل فيها عشرات الأشخاص على بعض الخبز، و النبيذ.
دهشته الاولى خففت حدة نية القتل التي كانت تملأه، ثم بدأ ينظر حوله بتروٍ أكثر.. حتى وجد صاحب المطعم ملقىٍ على بطنه، و الدماء تسيل من كل بقعة في جسده، كان واضح انه ميت، و شبع من الموت.
“هييه~” أعطى الشاب تنهيدة طويلة، ثم تخلى عن وقفته الهجومية، ظهره الذي كان مفرود مستعد للقتال إنحنى قليلاً ، إحدى يديه كانت مشغولة بحمل حقيبة بدت ثقيلة، أما الثانية فقام بلفها حول بطنه ليمنع النزيف…
ثم نظر بجانبه، نحو الشخص الوحيد الذي وجده ما يزال جالس مكانه بجوار الباب يأكل طعامه في سلام.. بدون سابق إنذار، او كلام، تقدم الشباب خطوتين، و جلس أمام ذلك الشخص، و وضع الحقيبة بجواره.
*مضغ.. مضغ.. مضغ..*
استمر الشاب في النظر في وجه الشخص أمامه بدون قول كلمه، فقط راقبه لبضع ثوانٍ، و هو يمضغ طعامه، و يبتلعه، ثم يرفع قطعة أخرى نحو فمه بعينان شبه ميتتان، حتى بعد جلوس الشاب أمامه بدى ذلك الشخص، و كأنه لا ير أحداً
“هيه~ لا اعرف كيف، لكن لا يمكنني تحديد مستوى قوتك… هذا يعني إما أنك مجرد ضعيف، و متخلف عقلياً لا يعرف ما يدور حولك الأن، او أنك تعرف أنك قوي بما يكفي لتخرج من هنا حياً، و نظراً لأنك ما تزال حياً حتى الأن في هذه الأوقات الصعبة، هذا يعني انك غالباً النوع الثاني..” تكلم الشاب بصعوبة كبيرة، و هو ما يزال يضغط على جراحه.
*مضغ.. مضغ..*
“انت تبدو مألوف بعض الشيئ.. اين رأيتك من قبل؟ …إسمع.. لدي لك صفقة كبيرة لن تخسر فيها أي شيئ سوى دقيقتان من وقتك، هل انت مهتم؟” دفع الشاب الحقيبة التي كان يحملها بقدمه اليسرى ببطئ، و قربها من الشخص الجالس أمامه. ” انها تحتوي على أحجار طاقة عالية الجودة، و ذهب، و بعض الطعام، و الشراب، كلها لك.”
*مضغ… بلع.*
لم يرفع الشخص الملتحي قضمة أخرى لفمه، بل بطرف عينه لمح الحقيبة التي كانت مفتوحة نسبياً، و رأى فيها بوضوح كل ما كان يصفه الشاب، او اكثر، ثم نظر نحوه مجدداً، و قال كلمة واحدة. ” لماذا؟”
” انا قمت بحفر قبر عميق على بُعد شارعين من هنا، ستأتي معي إلى هناك ، انا سأسقط فيه ، و انت كل ما عليك فعله هو ردمي بالتراب حتى لا يبق أثراً للحفرة، ثم تأخذ هذه الحقيبة، ما رأيك؟” قال الشاب متحمساً.
نظر الشخص الملتحي نحو الشاب أمامه لثانتين، هو بالفعل قام بتخمين السبب، لكنه كرر سؤال مجددا على اي حال. “…لماذا؟”
“… لقد قمت بأسوأ فعل يمكن لإنسان عمله هذه الايام.. اخترقت للفروسية.” أسند الشاب ظهره على الكرسي مجدداً، و نظر نحو بطنه التي كانت تنضح دماً. “هالتي غطت جزء كبير من المدينة في المعركة قبل قليل، لابد ان العفاريت يبحثون عني الان.. لست نادم، حققت ما اريد بذلك، و يمكنني الموت بسلام، لكن اريد الاحتفاظ بجثتي، عندما أتخيل أن تلك الاشياء القذرة ستنهش لحمي أشعر أني-.. أني…!! ارجوك يجب ان تساعدني، و تخبئ جثتي!!”
نظر الشخص الملتحي للشاب الصغير أمامه، الولد مجرد مراهق ربما في الـ 17 من عمره، وصوله للفروسية في هذا العمر يعني انه عبقري بكل المعايير، لكن الان يريد الدفع لشخص حتى يدفنه حياً..
“…هل تريد ان تموت؟” سأل الشخص الملتحي مجدداً بصوت منخفض.
“اجل، لم يعد لدي شئ لأحيا من أجله، لقد مررت بالجحيم في هذا العالم، الموت في سلام يعتبر حلم بعيد المنال الأن..”
“..حسناً سأساعدك، لكن بطريقـ-” أومئ الشخص الملتحي، و كاد أن يضيف شيئاً، لكن في تلك اللحظة صوت صدر في رأسه هو فقط يمكنه سماعه: (” روبين؟ ما الذي تفعله في كوكبك الناشئ؟ لماذا انت لست في نيهاري؟!”)
الموضوع التاليالموضوع السابق