” هل أصابك الكبر بالخرف أيها العجوز الاحمق؟!” كادت المرأة العجوز جي أن تفقد عقلها بعدما رأت، و سمعت ما يفعله العجوز غو.

” إخرسي أنتي! لولا تنشئتك القذرة له لما وصل بنا الحال لهذه النقطة، أنتي من جعلتيه بهذه الغطرسة، جعلتيه يعتقد أن لا أحد تحت السماء يستحق أن يعمل له حساب، تربيتك القذرة هى من جعلته يعبث مع الشخص الخطأ.” أشار العجوز غو نحو المرأة، و تكلم.

ثم عاد للنظر نحو الإمبراطور، و أعلن بصوت سمعه الجميع. ” إلياس بارنيت، أنت تسببت في جلب هذه المحنة على الامبراطورية، و الأن كدت تقتل شعبك بدلاً من أن تتحمل المسئولية، أنت خيبة أمل على الامبراطورية، و علي انا شخصياً، انا أتبرأ منك كإبن، و اليوم سأسترد منك عرشي!”

“إدعموا الإمبراطور الشرعي للبلاد!”

” ذلك الولد لم يعد واحد منا!”

” نحن ندعم فخامته جلالة الامبراطور غو بارنيت!!”

الامبراطور الحالي إلياس بارنيت أخذ ينظر حوله كالمجنون، يرى نظرات الحقد، و الكراهية من الناس البسطاء في الأسفل، يرى *الخونة* الذين ينادوا بعزله في وسط المعركة، يرى أتباعه الذين بدأ بعضهم بالتراجع بعيداً عنه…

“اااااااااااه! ااااااااااااااااااااااااااااااااااه!! سأقتلكم جميعاً! سأقتلكم جميعاً!!!!” صرخ إلياس بِعُلو صوته، و إندفع بقوة نحو العجوز غو..

——————————-

بعد ساعة واحدة

“غرررر–”

“إتركوا جثته، مهما كان هو كان الإمبراطور السابق لهذه القارة!!” بدى العجوز غو، و كأنه نسي الجراح التي تملئ جسده، تقدم، و وقف أمام جثة إبنه الذي قتله بيده، بعينان تملأهما الدموع، و بدأ يلوح نحو العفاريت القادمين نحوه كالمجنون.
كانت معركة شديدة..

الإمبراطور إلياس كان يحتاج لأكثر من عشرين ملك عفاريت لكبحه، و ربما قتله بعد معركة طويلة، هذا بجانب خطر الحكماء الذي كانوا ما يزالوا بجانبه، لو تم الامر كما هو مخطط له لكانت المعركة ما تزال فعالة، و متكافئة للأن!

لكن إعلان العجوز غو – الذي إتضح أنه الإمبراطور السابق – انه تبرأ من إبنه، و حقيقة انه أوقف هجوم إبنه الذي قصد به قتل كل – الخونة- المختبئين من شعبه، أغضب الامبراطور إلياس لدرجة تفوق الوصف.

لم يعد بإمكان أحد الوقوف في طريق الإمبراطور الذي فقد عقله من الوصول لوالده، في لمح البصر إنقلبت الأية، و خولفت كل التوقعات.

في لمح البصر بدأت معركة هائلة جمعت جيلان من أباطرة اللهب…

الإمبراطور إلياس كان قد فقد أكثر من نصف طاقته في الأحداث التي وقعت حتى الأن، و مع ذلك أظهر قوة هائلة ليس اسوأ من تلك التي جمعها لصنع كرة اللهب العملاقة، لكن المفاجئ فعلا كان أن العجوز غو الذي يبدو على وشك الموت من أزمة قلبية، تقاتل مع ولده الشاب بندية!

بعد أكثر من نصف ساعة من القتال بدأ فارق الخبرة الكبيرة يظهر لصالح العجوز غو الذي بدأ يوجه ضربات دقيقة للإمبراطور جعلته يتراجع شيئاً فشيئاً، لكن هذا كل شيئ..

أثناء النصف ساعة كان ملوك العفاريت قد انتهوا من قتل كل الحكماء الذين تبعوا الإمبراطور، بما في ذلك المرأة العجوز، و ذهبوا لتطويق موقع المعركة بين الأب، و إبنه.

حاول جابا و بيلي عرض المساعدة على العجوز غو، لكنه كان يصرخ ان يبتعدوا، و انه واجبه التخلص من هذا الإبن الضال بنفسه، فكان يصمت البقية، و ينتظروا.. لو قُتل الإمبراطور بدون تدخل أحد منهم فهذا بطبيعة الحال جيد بالنسبة لهم!

لكن بعد ذلك مضى أكثر من ثُلث ساعة أخرى يماطل العجوز، و يوجه ضربات بدون فائدة، او يتفادى هجمات إبنه الجنونية، بدى و كأنه خائف من أن ينتهي القتال، بدى و كأنه يريد أن يتطلع في وجه إبنه لأطول فترة ممكنة…

إستمر هذا ظهر الغضب على وجه ساكار، و تحرك خفية من خلف الامبراطور، و بضربة واحدة ضرب العمود الفقري الإمبراطور و أخرجه من الناحية الاخرى!

بدى العجوز غو لوهلة أنه يستعد للإنقضاض على ساكار، و إستعد بقية العفاريت للهجوم عليه، لكنه سيطر على نفسه في النهاية، و أمسك يده عن ساكار.

لكن لم يستطع إمساك نفسه، و هو يرى جثة إبنة تهوى نحو الارض، و يرى عدد من العفاريت يطيرون نحوه بأفواه مفتوحة… “إتركوا جثته، مهما كان هو كان الإمبراطور السابق لهذه القارة!! ثانياً نحن إستسلمنا، أظهروا بعض الرحمة، و اتركوا جثث الموتى، و شأنها!”

“إبتعد ايها العجوز و إلا أبعدتك، المُعلم أعطى أوامر بأن ساكار، و امون هم من سيأكلان هذه الجثة، و هذا ما سيحدث.” هبط جابا أمام العجوز غو بمطرقته الضخمة على كتفه، و تكلم.

“اه! سأشكر المولى شخصياً عندما أراه!!” تكلم ساكار بفرحة غامرة، بقية ملوك العفاريت بجواره بدأوا ينظروا نظرات تملؤها الحسد، فهم كانوا يريدون اقتسام الجثة بينهم، متى سيحصلون على جثة عالية المستوى كهذه مجدداً؟

بيلي أيضاً تدافع من بين الواقفين، و وجاء ليقف بجوار جابا بحاجبين معقودين، و تكلم. ” ماذا ايها العجوز، هل أنت من سيحدد ماذا سيحدث؟ هل صدقت نفسك أنك إستعدت عرشك، أو شيئ كهذا؟ إقلق حول حياتك، و حياة من لم يُقتلوا بعد، كل جثث الذين قُتلوا اليوم ستتحول إلى طعام بلا إستثناء!”

“لكن..!!” العجوز كاد ينفجر عند سماع ذلك، فضلاً عن إبنه الاكبر، ماذا سيقول عنه شعبه إن رأوا تلك الكائنات يأكلون أصدقائهم، و أقاربهم؟!

أخذ بيلي خطوتين للأمام، و أمسك بياقة العجوز، “إسمعني جيداً أيها العجوز المهزوم، صحيح أننا جئنا هنا لعقابكم على ما فعلتموه بيورا، لكن الهدف الرئيسي كان إطعام العفاريت، معاليه روبين كان يريد إبادة كل الكائنات الحية هنا لإطعامهم، و انا من ترجيته لنتبع تعاليم الحرب المعهودة، إن لم ترد التفريط حتى في جثث الذين ماتوا بالفعل، فلا مانع عندي أن أتبع إرادة معاليه الأولى، و أقضي على بقيتكم، مفهوم؟!”

“ألـ… ألـ.. هاه؟!” قلب العجوز غو قُبض عندما سمع هذه الكلمات، و توقفت الدموع في مقلتاه، كل الدمار الذي حدث حتى اليوم كان النسخة الخفيفة؟ لقد جاؤوا أصلاً لإبادة الجميع؟! فجأة التفريط في بضع جثث لم يعد أمراً يصعب تخيله..

بينما بيلي يمسك بياقة العجوز الباكي سمع صوتاً جاء من الخلف. ” العم غو بارنيت؟ هيه~ هذه ليست طريقة جيدة لمعاملة كبار السن يا هذا.”

إلتفت الجميع للمصدر فوجدوا ثلاثة أشخاص يطيرون خلفهم، كانوا إمرأتان، و رجل يبدون في الثلاثينيات من عمرهم…

المرأتان شديدتا الجمال، و الرجل تملأه ملامح العز، و الهيبة، ثلاثتهم يرتدون على رؤوسهم تيجان شديدة الفخامة، و هالتهم ضغطت على كل الحضور، و كأن السماء نزلت فوقهم.

و خلف الثلاثة يطير حوالي الف شخص تظهر منهم هالة قمة نطاق حكيم جاهزين للهجوم في أي لحظة!

نظر بيلي من الأعلى لأسفل نحو الاشخاص الثلاثة، ثم صاح. “ماذا تكونوا بحق الجحيم؟!”

 

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x