“اااااااااااااااااه!! إياكم أن تتركوا أسلحتهم! هذه بلدكم، و خلفكم عائلاتكم، قاتلوا حتى الموت! لا تستمعوا للخونة!!!” صرخ الامبراطور بعلو صوته عندما سمع كلام المستشار، كان ما يزال يحاول الوصول لقاعة العرش مجدداً، لكن ببساطة الطريق كان مقطوع أمامه.
“أيها العجوز الخائن!! كنت أعرف منذ زمن بعيد أنه سيأتي اليوم، و تخون إمبراطورية اللهب العظمى!! لا تستمعوا لهذا العجوز الوغد يا رجال، قاتلوا من أجل الإمبراطورية!” المرأة العجوز جي صاحت ايضاً.
صيحة المستشار العجوز سُمعت في جميع أرجاء العاصمة مُحدثة زلزال في كل القلوب، و الأذهان، و كذلك صيحة الإمبراطور.. من ناحية قام الإمبراطور يتقدم المشهد، و دعى للقتال حتى الموت، و الأن مستشاره، واحد من أكثر الرجال المُحترمين، و المبجلين في الامبراطورية، يدعو للنقيض!
بلا شك معظم الجنود أرادوا إلقاء أسلحتهم أرضاً لأنهم يعلمون علم اليقين أنها حرب خاسرة، وأن مسألة موتهم مؤكدة، لكن بنظرة واحدة نحو من يقاتلونهم، نحو العفاريت.. جعلتهم يتشبثون بأسلحتهم اكثر.
من قد يُعطي الأمان لهذه الكائنات آكلة لحوم البشر؟ هل خيار الإستسلام متاح حتى؟ كائنات قرمزية ذات قرون لولبية، بلا أعين و ذات شعر أبيض كثيف، و طويل.. إن شرح لهم أحد هذا المنظر من قبل لقالوا أنهم يوصفون الشياطين التي ستبيد العالم!
و ها هم أمامهم…
ما الذي يضمن أن تلك الاشياء ستتوقف عن القتل ما إن ألقوا السلاح؟ من يضمن أن ما يقوله جينرال الأعداء البشري صحيح، و أن كل المدن الأخرى تُدار بشكل طبيعي، و أن سكانها لم يُبادوا؟ ربما هو مجرد كلام لإنهاء الحرب بسرعة!
عاصفة اجتاحت عقول كل جنود الامبراطورية، لم يُلقوا أسلحتهم، لكنهم بدأوا بالتراجع شيئاً فشيئاً، الأرض التي كسبوها مع اندفاعهم خلف الامبراطور خسروها في لحظات!
” إسمعوا الكلام، و ألقوا الأسلحة، أمل ضئيل أفضل من اليأس التام، قتلك لعفريت، او اثنين قبل موتك لن يغير من حقيقة أنكم موتى!”
“الكتيبة السادسة إسمعوا الأوامر، و أتركوا الاسلحة، و تراجعوا داخل البيوت!”
“الكتيبة الثالثة عشر إسمعوا الأوامر، و أتركوا الاسلحة، و تراجعوا داخل البيوت!!”
“الكتيبة التاسعة إسمعوا—…..”
أصوات بقية الشيوخ، و الجينرالات في قاعة العرش بدأت بالإرتفاع واحداً وراء الآخر، لم تكن أصواتهم بنصف قوة صوت الرجل العجوز، و لم يُكلموا الشعب كله كما فعل بل كل واحد منهم اختص جزء من الجيش بالأوامر، الجزء الذي يتولون قيادته في العادة.
كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير، -الجندي يتبع الأوامر، -و ها هى الأوامر من رؤسائهم قد وصلت، لم يعد عليهم القلق بشأن الاستماع لهذا، أو لذاك، الأمر أصبح سهلاً عليهم.
كتيبة وراء كتيبة، حراس جدار وراء حراس جدار، الآلاف من الفرسان، و القديسين، و الحكماء بدأوا بإلقاء أسلحتهم، و التراجع بسرعة للإختباء داخل بيوت المواطنين
“اللعنة!!” بخسارة أكثر من نصف الجيش دفعة واحدة لم يعد هنالك معركة تذكر، لو ظل النصف الأخر يقاتل بمفرده فسيقوم العفاريت بالإلتفاف حولهم من الثغرات التي تركها أولائك الذين تراجعوا
لم يستغرق الامر أكثر من دقيقة حتى بدا النصف الآخر من جيش الإمبراطورية في التراجع.
“ااااااااااااااااااااااااااااااااااه!! اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!! خونة خونة!!” صرخات الإمبراطور الجريح هزت العاصمة الامبراطورية بالكامل. ” جميعكم تستحقون الموت!!”
إستخدم كل قوته لتجميع حقل طاقة حوله، و دفع كل المحيطين به عشرات الأمتار للخلف، ثم قام برفع يديه للأعلى، و بدأ بصنع كرة لهب، و التي اخذت بالتشكل سريعاً.
5 امتار..
20 متراً..
70 متراً..
150 متراً..!!
الحرارة الشديدة، و كمية الطاقة الهائلة المُجمعة في كرة اللهب أجبرت العفاريت، و قيصر، و حتى الشيوخ الذين ما يزالوا يتبعون الإمبراطور بالتراجع بسرعة حتى لا يُسحبوا لذلك الجحيم.
“هيااااااااااااا!!!” ثم و بدون سابق إنذار، ألقى الامبراطور كرة اللهب بإتجاه اكثر منطقة مليئة بالسكان، و الجنود المختبئين، منطقة بها مئات الآلاف إن لم يكن أكثر من مليون شخص.
“ااه!”
“الإمبراطور قد جُن!”
“النجدة!”
“واااااااااء… واااااااء..”
” إلياس!!!” عندما رأى هذا المشهد صرخ المستشار العجوز، و هو معقود الحاجبين. “انت تجرؤ على فعل شئ كهذا أمامي؟”
في لمح البصر إختفى المستشار العجوز من قاعة العرش، و ظهر مباشرة بين كرة اللهب، و العاصمة، ثم رفع يديه للأعلى، ظل عنقاء أكثر وضوحاً، و اكبر من ذلك الخاص ب الإمبراطور بدأ يتشكل خلفه، و بـ “هيااااااااااااا.” قام بتشكيل حاجز طاقة ضخم، و إرتطم بكرة اللهب العظمى الساقطة!
“أرغغغغـ…” عانى المستشار للحظات، لكنه في النهاية تمكن من إبطاء سرعة نزولها حتى أوقفها، ثم بدأ رفعها للأعلى شيئاً فشيئاً ببطئ حتى ألقها بعيداً بصرخة. “هااااااع!!”
“اااااااااااااااااه!! أيها الوغد العجوز، حتى في وقت كهذا تعارض مشيئتي؟ اللعنة عليك! اللعنة عليك!!” صرخ إمبراطور اللهب إلياس بكل قوته، و هو يرى كرة اللهب تذهب بإتجاه البحر، لقد وضع فيها كل قوته، و إستهلك أكثر من نصف طاقته، و هو يشكلها!
“هاا.. هاا..” لهث العجوز لبضع ثوانٍ، ثم نظر للأعلى. ” تنازلت لك عن العرش أثناء حياتي حتى أتمكن من تدريبك على الحكم بشكل لائق، و حتى أنقل لك خبراتي، و انا بجوارك كمستشار، لا حتى أراك من الجانب، و انت تدمر إمبراطورية أسلافنا، و تقتل شعبنا!”
الموضوع التاليالموضوع السابق