قبل بضع دقائق–

“الأن أو أبداً!”

“نحن معك للنهاية!!”

“هياااااااا!!!”

بعد كلمات الامبراطور الحماسية إرتفع عن الارض باسطاً ذراعيه عن يمينه، و عن شماله، ثم إنطلق نحو ساكار بقوة بدون أن ينظر وراءه في منظر مهيب تقشعر له الأبدان، ثم إنطلق خلفه حوالي ثلاثون حكيماً، و من ضمنهم مستشارته الخاصة.

لكن… معظم الشيوخ، و الجينرالات لم يتحركوا من أماكنهم.

“….”

“يقول الأن، او ابداً، ألا يرى عدد الحكماء في صفوف الاعداء؟ بالطبع الاجابة هى ابداً!”

“انظر إلى أولائك الحمقى الذين طاروا وراءه، إنهم ما يزالوا يعيشون الوهم..”

“على الاقل كانت لدينا فرصة لإطالة الحرب، و نحن ندافع من الداخل، لكنه الأن أخذ ثُلث احتياطي الحكماء، و خرج.. جميعهم ذاهبون للموت بأرجلهم.”

“…ما العمل الان؟ هل نذهب وراءهم، و نُقتل في الخارج، أم نجلس هنا، و ننتظر حتى يدخل العفاريت، و يأكلوننا في الداخل؟”

بدأ حوالي السبعون حكيماً يتبادلون النظرات، و الكلمات بينهم في خوف، و اضطراب، بينما الإمبراطور، و من معه وصلوا لساكار بالفعل، و بدأوا بالإنهيال عليه بالضربات

كل الموجودين في قاعة العرش الآن إما شيوخ عاشوا لآلاف السنين، او جينرالات، و إستراتيجين مهمين في الدولة، كل واحد فيهم يمكنه أن يقود جيشه الخاص!

لكن بعد لحظات من الاضطراب، و الهلع، كلهم تلقائياً نظروا فإتجاه شخص واحد، و سألوا. ” ما الذي تراه صواباً؟”

كانوا جميعاً ينظرون نحو رجل عجوز طاعن في السن يبدو و كأن بينه، و بين الموت خيط رفيع، لكنه لم يرد عليهم فوراً، بل إكتفى بالنظر نحو الإمبراطور بنظرة كلها حزن، و إشفاق لبضع ثوانٍ أخريات، ثم تكلم. ” لو خرجنا سنُقتل حتماً، ولو بقينا في اماكننا لا نفعل شيئ سنقتل، ولو انضممنا للدفاع عن المدينة سنُقتل، و لا اقصدنا نحن فقط، بل كل عائلاتنا ستُقتل بعدنا، لا يوجد أي امل في المقاومة، و لا يوجد شرف في ميتة كهذه، فأجسادنا ستُضهم، و تتحول لخراء في بطون تلك الكائنات، و رعايانا -إن عاشوا- سيتذكروننا بأننا الحمقى الذين كدنا نتسبب في مقتلهم، و أننا نستحق ما حصل لنا..”

“هذا…” ضربات قلب الحكماء في القاعة عادت لتضرب كطبول الحرب، عند التفكير في الامر من هذه الناحية ينتج عنه يأس مُطلق!

الصمت المطلق سيطر على القاعة للحظات، لم يُجادل أحد، و لم يعطي أحد أي حل بديل، فقط سكتوا بدأوا يفكروا بأهاليهم.. ماذا يفعلون الأن سوى العودة لمنازلهم لقضاء آخر بضع دقائق في حياتهم مع أحبتهم؟

لكن الصمت قوطع فجأة بصيحة عالية من ذلك الرجل العجوز دوت فوق العاصمة الإمبراطورية بالكامل، ” هاي انت!”

نظروا جميعاً إلى حيث ينظر الرجل العجوز، فوجدوا شاب بشري يرتدي الأبيض بالكامل، و يقف في قلب جيش الاعداء يطلق أمر بعد أمر.. لقد كان قائد الاعداء!

نظر بيلي بإتجاه مصدر الصيحة التي ثقبت أذنه مستغرباً، ثم أشار نحو صدره ليتأكد أن العجوز يقصده.

” اجل انت، من غيرك؟!” فرد العجوز بصيحة أخرى.

” ما الذي تحاول فعله؟!” سأل أكثر من شيخ في نفس واحد عندما رأوا هذا، أيحاول إغضابهم اكثر؟

لكن العجوز تجاهلهم، و أكمل صياحه. ” قلت أنك لا تريد مذبحة، دعني أضع هذا تحت الاختبار، انا معي هنا 70% من الدائرة الحاكمة في الامبراطورية، إرفع صوتك، و أخبر الجميع ماذا ستفعل لو أمرنا بإيقاف القتال، و إستسلمنا الأن.”

“هذا…” حتى في أكثر أحلامهم جموحاً ما توقع واحد من الشيوخ أن يتفوه العجوز بهذه الكلمات فجأة.

حتى بيلي عقد حاجبيه لبضع ثوانٍ عند سماع هذا لا يعرف ما إن كانت هذه مكيدة من نوعٍ ما أو سؤال صادق، لكنه قرر أن يرد رداً صريحاً على أي حال. “لابد انك ترى ان الفوز لنا سواء إستسلمت او لا، لكن تنفيذاً لوعدي، و حقناً لدماء أتباعي فهذا ما سيحدث ما إن إستسلمت فوراً و أمرتم بإيقاف القتال: من كان له بينكم يد في ما حدث في قارة السلف بحيث قتل بيده، او أعطى أوامر مباشرة بالقتل فسيتم قتله بدون نقاش، من كان داعم للعملية، لكن لم يوجه أوامر مباشرة، او يقتل بنفسه سيتم معاقبته بشكل قاسٍ، لكن لن يصل للقتل، أما من كان معارض أو لم يشارك في أي شيئ يخص تلك العملية فسيتم عرضه على معاليه روبين بورتون، و هو من سيقرر ماذا سيفعل بهم!”

“….وماذا عن عائلاتنا؟” صمت العجوز لبضع ثوان، ثم صاح.

“ااااااااااااااااه!!! خونة! سأقتلكم جميعاً!!” قبل أن يتمكن بيلي من الرد جائت صرخة غاضبة من فوق العاصمة، لقد كان الإمبراطور.

أخيراً نظر الإمبراطور الفخور وراءه ليبحث عن بقية أعوانه ليرى لماذا هم ليسوا بجانبه، ليرى من يُقاتلوا، أو أين قَتلوا، لكنه فوجئ أنهم ما يزالوا واقفين مكانهم لا حراك، يتكلمون مع جينرال الأعداء..

إندفع الامبراطور للخلف بجنون، لكن ساكار، مورين، و عدد من ملوك العفاريت الآخرين اعترضوا طريقه بإبتسامات. كبيرة مخيفة على وجوههم… التفكير في أخذ قضمة من لحم الإمبراطور أرسل قشعريرة وراء قشعريرة في كل أنحاء أجسادهم.

بينما كل الشيوخ، و الجينرالات موطئين رؤوسهم بعد صرخة الإمبراطور، و تشتت إنتباه بيلي ليحاول إرسال المزيد من الدفع لقتال الامبراطور، و من معه، شدد العجوز على سؤاله مجدداً. ” ماذا سيحل بعائلاتنا؟”

“.. لن يُقتل برئ، كل من لم يكن له يد في ما حدث لن تكون حياته ثمناً، قد تتم فرض عقوبات، و أخذ ثروات عائلة المذنب، لكن لن يُقتلوا، و جيشكم الحالي، ما إن تركوا أسلحتهم فوراً، و جلسوا داخل البيوت بسلام فسنتركهم بسلام، هذا وعدي لكم!”

“هوووو..” أطلق العجوز تنهيدة طويلة، نظر حوله ببطئ نحو كل الجينرالات، و الشيوخ، و أومئ إيماءة صغيرة نحوهم.

ثم نظر نحو بيلي، و صاح بصوتٍ غطى العاصمة كلها، “نحن نستسلم! جميعكم أوقفوا القتال، و افتحوا البوابات! نحن نستسلم!!”

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x