لم يفتح جابا فمه بكلمة ليرد على سؤال والده، اكتفى بتحويل عينه، و النظر نحو روبين ليرى ماذا سيفعل..

أثناء الرحلة من قارة إمبراطورية اللهب، و حتى بوابة الفضاء في مدينة يورا لم يكن يشغل بال جابا إلا كيف يتمكن من إقناع روبين ليوقف الحرب أو على الاقل يؤجلها بدون أن يغضبه.

فهو كان يعرف جيداً أن عقل مُعلمه اصبح مُشتت بعد مواجهته ضد بيلي، واضح أنه أقتنع بكلامه، و كبح نفسه بما يكفي في قرار الحرب على إمبراطورية اللهب، لكن هذا لا يعني أن غضبه اختفى، بل لربما أصبح أشد!

نيران الغضب، و الانتقام التي تأكل صدره لم تستطع ان تطال إمبراطورية اللهب، لكنها ما تزال موجودة.. إمبراطورية اللهب أخطأوا بإعلان الحرب على عائلة بورتون بلا ريب، لكن لم يقتلوا زوجته بتلك الطريقة البشعة، عمالقة الشمال هم من فعلوها، و الأن كل تفكير روبين منصب على إيذائهم هم.

ربما روبين يطبق نفس القواعد عليهم بحيث أنه سيقتل العائلات الحاكمة فقط، و يدمر جيوشهم، و يترك الأبرياء، لكن هذا ليس أسهل ابداً.. أنهم يملكون أباطرة!!

عقل جابا لم يتوقف للحظة يحاول التفكير في كيفية التخفيف من غضب روبين، و لو مؤقتاً حتى يجمعوا قوة أكبر.. حتى فُتحت البوابة، و وصلوا لنيهاري.

بمجرد النظر، و قبل أن يبدأ الاجتماع عرف أن كل شيئ سقط في الهاوية!

لكن الأن عرف أن والده كان أحد أكبر أسباب هذا السقوط، إن لم يكن أكبرهم.. لم يكن هنالك حاجة للرد على والده ليخبره ماذا يقصد بكلامه، المصطلح كان واضح بما يكفي.

السيد ثاندور.. جملة بها إحترام كافٍ لرئيس عشيرة، لكنها لا تحمل أي عاطفة، او دليل على قرابة، من خلال هاتين الكلمتين أوصل جابا لوالده ما يريد إيصاله… لم يعد هنالك رابط بينهم.

“هيه~” روبين أطلق ضحكة ساخرة قصيرة، و نظر نحو شيوخ عشيرة اتحاد نيهاري. ” انا إنتشلتكم من العيش كالبهائم، و أسست لكم هذه العشيرة، لم أطلق القرارات فيها، و لم اختر لها إسماً حتى، تركت لكم كل شيئ، ثم أعطيتكم القوة لتكونوا مساوين للعمالقة، ثم زِدتكم قوة لتدمروا قبائل العمالقة، و زِدتكم أكثر فجعلت زعماء قبائل العمالقة يقسموا على الولاء للعشيرة، و ليس لي انا، من أجلكم وضعت الخطط لإستعباد 7 قبائل عمالقة كلهم مرغومين على إطاعة قرارات هذا المجلس.”

“انت..!!” أحد زعماء قبائل العمالقة صاح عندما سمع كلمة *إستعبدت*

تجاهله روبين، و اكمل. ” لكن المفاجئ اليوم أن كل من تكلموا كانوا أولائك المهرجين السبعة، لم يسمعني أحدكم صوته البهي برأي، او بكلمة فارقة اليوم، حتى الاجتماع بدأ عندما تفضل أحد زعماء العمالقة بالمجيء؟ تجعلوني انا، ولي نعمتكم، أنتظر من اجل عبد تحت أيديكم؟! أزلت الأطواق من أعناقكم، و أعطيتكم العصا، لكنكم رجعتم لتلبسوها، و ردتم العصا لضاربكم.. يبدو أنكم إعتدتم على العيش ككلاب تحت أقدام العمالقة، لكن لا بأس، أعترف الآن أن هذا كان خطئي من البداية، الآن أعرف ان الكلاب سيظلون كلاباً، ربما الأمل يكون في الجيل الجديد.

بداً من اليوم لم يعد لي علاقة بهذه العشيرة، ولا بهذا الكوكب، إستمروا في التوسع، او دمروا بعضكم لا علاقة لي، انا اتبرأ بالكامل من أي شيئ له علاقة بكم، و سأخبركم بشيئين تضعوهما حلقة في آذانكم..

اولاً: إياكم ان تشوهوا سمعتي بعد رحيلي، كل ما صنعته يجب أن يُنسب لي وحدي بدون شريك، ويجب ان يُحترم إسم مختار السماء الثالث روبين بورتون بالشكل اللائق، و يبجله الجيل الشاب كما ينبغي.

ثانياً: إياكم أن يقترب أحد من بوابة الفضاء الموجودة في الساحة المركزية فهى مِلكي، لو أرسلت أحد ذهاباً، أو اياباً منها فإياكم و ان توقفوه، و لن أقبل أي عذر لو وجدت عليها، او على من أرسله من خلالها خدش واحد، كل جيوشكم و عتادكم يجب ان تنصب حول الدفاع عنها! .. هذه خطوطي الحمراء فلا تقربوها، لو حصل، و أحدكم حاول تخطي هذين الحدين فلن يكون عليكم إنتظار الحرب الكبرى بعد 30 عاماً، انا، روبين بورتون، سأتي لكم بالحرب!”

ثم نظر روبين أمامه مجدداً، و مشى ببساطة، ثم مشى وراءه آمون، و جابا.. تاركين القاعة في صمتٍ تام.

كلمات روبين ضربت في قلوبهم جميعاً، كل كلمة من البداية للنهاية وصلت لمَقتل، كل كلمة كانت تحمل رسالة.. سواء وصف زعماء العمالقة بالعبيد، و الشيوخ بالكلاب، أو قطع العلاقات بشكل جلي، او حتى التهديد بالحرب إن لم تنفذ شروطه!!
” هل هددنا للتو.. بالحرب؟”

“اااااه هذا أسوأ مما كنت أخشاه! هذا أسوأ بكثير!! لقد إتخذنا من مختار السماء الثالث عدواً!!!”

“اللعنة، تلك البوابة يمكنها أن تنقل جيوش كاملة في غمضة عين، و هى في قلب مدينة الأمل، كيف نتركها؟ يمكنه أن يغزونا في اي وقت، و نحن نيام!”

ما بين هلع، و غضب، و نظرات لا تفهم، ولا تصدق ما سمعت، إنقسم كل الحضور، خاصةً كبار الضباط، و المسؤولين الحاضرين بالنيابة عن القوات الخاصة، و أسياد النقوش شعروا أن الأرض تنشق من تحت أقدامهم، هم كانوا أعلَم الجميع بمدى أهمية روبين، و مدى عِظم ما قدمه لهم، روبين بالسماء بالنسبة لهم.. الأن تلك السماء صرحت أنها قد تنطبق فوق رؤوسهم!

“أ- أوقفوه! فليوقفه احدكم!!” ضرب أحد زعماء العمالقة على الطاولة أخيراً.

” انا سأوقفه!” خرج ثاندور من ذهوله أخيراً، و أخذ بضع خطوات نحو البوابة.

“قف عندك!!” صيحة عالية أوقفت ثاندور قبل أن يصل للباب، و جذبت أنظار الجميع نحو مصدرها. ” غير مسموح لك بالاقترب من السيد روبين.”

“هاه؟!” نظر ثاندور وراءه ببطئ لينظر إلى من يتكلم معه بهذه الصيغة، فوجد أورزون، عندها صرخ عليه ثاندور، “من تظن نفسك بحق الجحيم؟!”

إستجمع أورزون كل ما لديه من شجاعة، و صاح.“انا سيدك، و انت ستسمع أوامري!”

“انت!!” كاد ثاندور أن ينقض عليه فوراً، لكن شيوخ آخرين من المجلس وقفوا في طريقه معقودي الحاجب.

ثم نظر أورزون حوله نحو بقية الحضور، و اكمل. ” لقد قمنا بما يكفي، قررنا ما فيه مصلحتنا، و الان علينا تحمل العواقب، و احترام إرادة مُنقذنا، من يحاول انتهاك أحد الحدين، او إيقاف السيد روبين الأن فعليه ان يستعد للحرب مع جنس البشر!”

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x