“أصلب ظهرك أيها الشيئ العاق، منذ متى أفراد عائلتنا ينحنون لأحد؟” عقد ثاندور حاجبه بعدما دخل القاعة، و صاح على إبنه.
“انه مُعلمي..!!” نظر جابا نحو والده عندما سمع هذا، و رد بسرعة، و بغضب، و حتى ببعض الخوف..
ثاندور رآه عدد لا يحصى من المرات، و هو ينحني أمام روبين، الأن فقط تذكر أن يوبخه على الموضوع؟ هنالك شيئ غريب يحدث…
” حتى لو كان مُعلمك، الإنحناء، و الركوع لأي احد مذَلة لا يجب أن يعرفها العباقرة، و أبناء الأكابر، يمكنك أن تقدم احترامك بأشكال أخرى. ” تكلم ثاندور، و هو يتقدم ببطئ ليجلس مكان إبنه على يمين روبين، ثم نظر نحو روبين مبتسماً. ” ألا ترى ان كلامي صحيح، سيد روبين؟”
“لم أخبر جابا بأن ينحني لي، كما اني لم أخبر أحدهم انغ يجلس بجانبي بدون استئذان في حين إني خصصت الكرسي لشخص اخر.” حدق روبين للحظات في وجه ثاندور، ثم تكلم بدون مشاعر بادية على وجهه.” الجميع يمكنهم إبداء احترامهم لي من عدمه بطرقهم الخاصة، و الجميع سيلقى معاملة مماثلة.”
“هاها لا تأخذ المواضيع بهذه الجدية، سيد روبين، إبني الذي كان يجلس هنا، صحيح؟ انا و هو واحد! هاها.” ضحك ثاندور بصوت عالٍ، و ربت على ظهر جابا الواقف بجانبه.
جابا أسرع، و تكلم نحو روبين بصوت عالٍ. “رجاءً لا تؤاخذه، كنت سأستأذن أن أقف خلفك على أي حال، انا لست معتاد على الجلوس في مثل هذه الاجتماعات.” ثم تحرك، و على وجهه إبتسامة مصطنعة، و وقف وراء روبين، دقات قلبه كان يمكن أن تُسمع من أرجاء القاعة كلها…
نظر روبين إلى الابتسامة السمجة على وجه ثاندور للحظات، كان بادياً انه لم يهتم من إعتبار روبين لتصرفه عدم احترام، هو فقط تابع الجلوس، و كأن شيئاً لم يكن..
“هيه~” نصف ضحكة خرجت من فم روبين، ثم سأل. ” اين جيشي؟”
” عن أي جيش تتحدث؟” سأل ثاندور ببراءة. ” المنطقة الشرقية أصبحت تحت سيطرتنا الكاملة، و بدأنا عمليات توزيع الأسلحة، و صُنع الفُرقة بين المناطق الغربية، و الوسطى، و الجنوبية، لم يعد لدينا أي أعداء مُحتملين، فلماذا قد نجمع جيشاً؟ هذا غير منطقي.”
“أتحدث عن الجيش الذي طالبت بجمعه قبل عام.” حاول روبين البقاء هادئاً قدر المستطاع، و سأل مجدداً.”
“هممم؟ في ماذا ستستخدمه؟ رجل حكيم مثلك بالتأكيد لن يبدأ حرب أخرى بلا سبب، و نحن على أعتاب غزو قادم من عالم آخر، عندما وجدنا أننا نعيش في سلام قررنا مساعدتك في إلغاء أمر جمع الجيش.” رد ثاندور مجدداً، و رفع كتفيه.
“أبي!! ما الذي تفعله بحق الجحيم؟ أتدرك ما تقوله؟!” صاح جابا عندما سمع هذا، لكن ثاندور تجاهله بالكامل.
“هيهيهي..” قهقه روبين بغيظ عندما سمع هذا، و بدأ ينظر في أعين جميع الحضور. ” لماذا أنتم صامتون هل جميعكم موافقون على *مساعدتي* في إلغاء أمر مباشر مني؟”
“رجاءً لا تأخذ الأمر على محمل شخصي سيد روبين، لقد وجدنا ما هو في الصالح العام، و نفذنا، هذا كل شيئ.” تكلم زعيم إحدى القبائل.
و تبعه زعيم اخر. “صحيح، لن نكسب شيئاً من بدأ حرب شاملة كالتي تريدها في وقت كهذا.”
و أومئ بقية رؤساء قبائل العمالقة التابعين للعشيرة، واضح أن جميعهم كانوا موافقين على ما قاله ثاندور.
أما شيوخ العشيرة فبدأوا ينظروا لبعضهم بأطراف أعينهم بتوتر، بعضهم اكتفى بالنظر على قدمه، و لم يرفع عينيه.. مع أن الإجابة على سؤال روبين كانت واضحة، إلا ان النطق بها خطير جداً.
لو قالوا انهم رافضين لموقف ثاندور فهذا سيكون كذب واضح، فهم ايضاً لم يُحركوا ساكنين طوال العام، و لم يجمعوا جيشاً للعشيرة، غير أنهم ليسوا مستعدين لجمع الجيش لو أمرهم روبين الأن!
و لو قالوا أنهم موافقون على إيقاف القرار فهم ببساطة يضربون بمكانة روبين كرئيس للعشيرة عرض الحائط ، البِنية التي قامت عليها العشيرة كلها قد تنهار!
“ماذا عنك انت، و بقية البشر في المجلس؟ هل تدعموا قرار إيقاف قرار جمع الجيش؟” ترك روبين الجميع، و ركز نظره على أورزون، و 3 اشخاص آخرين بجانبه.
“هذا..” رفع أورزون رأسه، و نظر نحو عينا روبين الخاليتان من المشاعر، ثم إلتقط بجانب عينه ثاندور الذي كان يحدق نحو بقوة، و كأنه يذكره بما عليه فعله.
“نحن- نحن…” تمتم أورزون لبضع ثوان، ثم اكمل. ” نحن ندعم السلام في المنطقة الشرقية، و ندعم تقوية أنفسنا، و إنماء اقتصادنا خلال السنوات القادمة.”
“انا من جلبت لكم هذا السلام! هل نسيتم أنفسكم؟ هل نسيتم من انا؟!” صرخ روبين، و ضرب الطاولة أمامه، و عينه بدأت تسحب ببطئ على كل الشيوخ من الكائنات المتدنية. ” لولاي لكنتم مازلتم ترتجفون في مستعمراتكم كالدجاج تنتظرون اليوم الذي تذبحون فيه، و تكلموني عن التنمية؟ لولاي لكنتم ما تزالون تدربون أبنائكم ليكونوا جماعات إرهابية ليتم إصطيادهم، و يُقتلوا كالكلاب في الشوارع، و تكلموني عن السلام؟!”
“سـ.. سيد روبين بالطبع نذكر كل شيئ، لكن الأمر ليس كما تقوله، ألم تخبرنا في البداية أننا سنواجه عدو من عالم آخر عندما قمنا بإنشاء هذه العشيرة؟ تبقى 28 عاماً على الحد الاقصى الذي وضعته، كيف نُرهق أرواح الجنود، و مواردنا في حرب داخلية الأن؟ هذا لا يبدو منطقياً!” شيخ من أحد الاجناس المتدنية إستجمع شجاعته، و تكلم.
“انا من حفظت لكم أرواحكم و أعطيتكم مواردكم، انا من أخبركم بالعدو القادم، أنتم تسيرون على الطريق الذي رسمته لكم، لكن جائتكم الجرأة لتعصوا أمر مباشر مني؟ تقول قواتكم، و مواردكم؟ لو كان مات منكم شخص كنت سأبدله لكم بعشرة، و لو نقص منكم طلسم كنت سأصنع لكم مئة، لو خسرتم قطعة أرض كنت سأعطيكم الكوكب كله! هل تعتقدون إني جننت، و أريد رؤية كل شيئ يحترق؟ إني لا املك خطة؟ متى كانت آخر مرة فعلت شيئاً ليس في صالحكم؟ متى كانت آخر مرة طلبت منكم شيئ مقابل كل ما فعلته من أجلكم؟ ماذا.. هل كبرتم الأن و لم تعودوا بحاجة لي؟ أهذا هو الأمر؟”
قلوب شيوخ العشيرة كانت ترتجف مع كل كلمة ينطقها روبين، هم أعلم الناس بمدى صعوبة العيش سابقاً، و ما فعله روبين من أجله، شعور عصيان طلبه ببدأ الحرب كان يقتلهم من الداخل، خاصةً، و إن جابا أخبرهم عن السبب، و عن مو زوجة روبين، و طريقة موتها الشنيعة.
هم كانوا يريدون مساعدته بلا شك، لكن ليس على حساب مصالحهم.
بعد مرور أكثر من دقيقة على ثورة غضب روبين.. لم ينطق.
“جيد.. جيد جداً.” هدأ روبين، ثم ابتسم، و وقف. ” يبدو ان إجتماع اليوم انتهى، لا تقلقوا لن يكون هنالك المزيد من هذه الاجتماعات مستقبلاً، اعرف إني قاطعتكم عن اشغالكم المهمة جداً، يمكنكم جميعاً العودة لما كنتم تفعلونه، وداعاً.”
الموضوع التاليالموضوع السابق