“السيدة ميلا.. عندما تقابل السيدة ميلا في عالم الموتى.. هل سترضى عن ما تفعله؟!” صرخ بيلي.
بعد هذه الكلمات حتى خطوات روبين المتثاقلة توقفت… هذه لم تكن اول مرة يُصدم بهذا السؤال، سؤال بيلي دار في رأسه الف مرة حتى الأن!
لكن كل مرة يظهر كان روبين يهز رأسه، و يعقد العزم على متابعة ما بدأه..
ميلا ترضى بما يفعله؟ مستحيل…
بغض النظر عن انه سيلقاها في حياة أخرى ام لا، لو قابلها قبل أن تموت، و أخبرها انه سيفعل كل هذا من أجلها كانت قطعاً سترفض، كانت لتخبره أنها لا تريد أن يرتبط كل هذا القتل به.
لكن.. أهو كان يفعل كل هذا من اجل ميلا؟ بالطبع لا.
“ميلا برادلي، زوجتي انا روبين بورتين، لن تذهب للعالم الاخر وحيدة! كل من تورط في موتها سيموت، و كل من له علاقة بمن تورط في موتها سيموت! لن تقول شيئ يوقفني يا بيلي، لقد عقدت عزمي!”
“…صديقي روبين، ربما الوقت ليس ملائم، لكن اسمح لي ان أعترف لك بشيئ.. انا لطالما حسدتك، و كرهتك.” اعتدل بيلي في جلسته على الأرض، نظر لقدمه، و بدأ يتكلم بنبرة كلها سخرية. ” لقد وُلدنا في طبقتين مختلفتين، والدك كان عربيد بلا فائدة، و والدي كان من المسؤولين الكبار في العائلة، مع ذلك منذ عمر الثالثة كان يتم الدفع بي لأبقى بجانبك دائماً.”
“انت..!!” نظرة الصراع الداخلي، و الغضب لدى روبين اختفت، و فتح عينيه على اخرهما عند سماع هذا.. حتى صاحبه الوحيد الذي خرج به من طفولته كان مزيف..؟
ثم أكمل بيلي. ” لم اعرف لماذا يتم الدفع بي نحوك بهذا الشكل، خاصةً انه لم يكن لديك أي أصدقاء آخرين، لكنك بدوت انك متعطش لصديق، و كنت تعاملني بشكل جيد، لذا أحببتك ايضاً، لكني سرعان ما عرفت لماذا انت بلا اصدقاء..
بمرور الشهور، و السنين رأيت تفوقك علي في سرعة التدريب، رأيت ذكاء شديد لدرجة أني شعرت بجوارك أني غبي! .. انا من كنت أعتقد أني موهوب بدرجة كافية، إتضح اني لا شيئ.. موهبتي التي كنت فخوراً بها لم استغلها، و أصبحت شخص عادي، او أقل.
لكني أدركت ايضاً سبب دفع الشيوخ لي لجوارك.. بدون ان يقول لي أحد حاولت أن أكون عضو جيد في العائلة، و أساعدك لتكون افضل، حاولت حضك على المشاركة في المنافسات، حاولت حثك على زيادة تدريبك بسرعة، كنت أمنع من هم أكبر، و أقوى منك من الاقتراب منك حتى لا يزعجوك، حاولت دفعك لقبول المزيد من موارد العائلة لتصبح أقوى بسرعة..
كنت احسدك، و جزء مني يكرهك، و يكره المهمة التي اُوكلت بها مع ذلك كنت أحاول فعل كل شيئ لتصبح أقوى و أشهر.. الشيوخ كانوا يكرهونك، و يحسدونك لأنك لست من سلالتهم، لكنهم كانوا يتسابقوا على توفير سبل الراحة من أجلك.
و في النهاية؟ انت ضربت بكل شيئ عرض الحائط ذات يوم، و إختفيت ببساطة.. كنت كل يوم أنتظرك عند مدخل القرية أخبر نفسي أنك سترجع اليوم، لكن مرت اسابيع، و شهور، و لم ترجع ابداً.
انت، ايها الشيئ الأناني، بكل بساطة تخليت عن أحلام العائلة، تخليت عن امك التي تحبك، و تخليت عني انا الذي قررت أن أعيش لأساعدك، و قررت الهرب من مسؤوليتك الهائلة إتجاه العائلة، و الهدية التي منحها لك الكون!
لذا قررت أن التدرب بجد، و بكل قوتي، قررت ان أرجع، و اعتمد على موهبتي التي ركنتها على الرف من أجلك حتى أكون انا دعامة العائلة التي هربت منها، مع أني كنت احسدك، إلا اني أردت أن أعوض غيابك حتى لا يذكرك الجميع بسوء، و تصبح الخائن الأبدي للعائلة عندما لا يجدوا وريث جيد، حتى بعد أن تخليت عني ظللت افكر في كيفية مساعدتك هيهي مثير للشفقة ها..
مع أنك خنتني بمغادرتك إلا أني كنت مازلت مشتاق لرؤيتك، مع أني كنت ما زلت احدسك، إلا أني كنت مشفق عليك.. لكن كل شيئ تغير عندما كُلفت بمهمة للتحري بشأن شاب يدعى قيصر بورتون.
عندما رأيت نتائج تنشئتك لقيصر، عندما رأيت ما تمكنت من تحقيقه خلال 130 عام، رأيتك تدمر الظالمين، و تبني مصانع، و مستقبل جيد للأبرياء، تأكدت حينها أنك لم تخن ثقتي، و لم تهرب من المسؤولية، بل كنت تحمل مسؤولية العالم كله على كاهلك طوال ذلك الوقت..
لم أستطيع تخيل مدى المعاناة، و الصعوبات التي مررت بها لتصل لما وصلت له، لكني رأيت شيئ واحد كنت تراه انت دائماً، و انا كنت غافل عنه.. انت يا صديقي لم تولد لتقود عائلة، أنت وُلدت لتقود العالم كله.
علمت أنك المختار، أنك لم، و لن يولد مثلك في هذا العالم مجدداً… فقررت أن اخدمك للأبد، أن اتدرب بجد أكثر، و أتعلم السياسة، و القيادة بشكل أسرع حتى أساعدك، و لا تشغل رأسك بتفاهات، و تنشغل عن مصيرك العظيم، ولو لثانية.. مجدداً أنت قُدت مسار حياتي بدون أن تعلم.
روبين.. قد أكون اقل من أن تعتبرني صديقاً بمكانتي الحالية، لكني أعرفك منذ مولدك، هذا ليس انت.. انت وُلدت لتغير العالم لا لتدمره، انت وُلدت لتكون عقاب السماء على من يستحقون العقاب، و لتكون الرحمة المرسلة للأبرياء… انت لست طاغية، انت وُلدت لتحكم هذا العالم بالعدل!”
الموضوع التاليالموضوع السابق