”هل جُننت؟ هل نسيت كل ما فعلوه بـ يورا؟ هل مُحي من ذاكرتك كيف قتلوا رجالنا، و أسروا نسائنا؟ هل رأيت حالة قيصر، و البقية الذين كانوا محظوظين بأن تم أسرهم..؟ و أنت نفسك.. ألأني أعطيتك فرصة بضعة اشهر لإلتقاط أنفاسك جعلك هذا تنسى انهم طاردوك في أنحاء قارة السلف لأكثر من عقد؟ هل نسيت اصحابك الذين قُتلوا أمام عينيك أثناء الهرب من جبل إلى جبل كالمطاريد؟ ألا تعرف انهم.. انهم…!! …لا يهم.” وقف روبين، و أخذ يصيح على بيلي، حتى وصل لأخر جملة، ثم توقف فجأة، الغضب الذي كان في عينيه تحول لإنكسار.
ثم تجاهل بيلي، و نظر خلفه. ” إستعدوا، سكان هذه القارة إختاروا أن يكونوا اعدائنا، اليوم سنقوم بـ–”
“هياااااااااا!!! لن أسمح لك!!!!” قبل أن يكمل روبين كلامه قفز بيلي بجسده بالكامل إلى الأمام كالرمح، و طرح روبين أرضاً مجدداً.
“إبتعد عني أيها الوغد المجنون!” حاول روبين دفع بيلي من فوقه بدون أن يؤذيه، لكنه فشل، بيلي بدى كأنه كلب جائع، وجد قطعة لحم، بدى، و كأنه لن يفلته ابداً..
“مولـ-” آمون أخذ خطوة للأمام ليُمسك ببيلي حتى ينتهي روبين مما يريد قوله، لكن جابا أمسك بذراعه قبل ان يتقدم أكثر، و هز له رأسه.. بدى آمون كأنه فهم شيئاً، فوقف مكانه مجدداً يصر على أسنانه.
“لن إبتعد قبل أن تغير قرارك، او تقتلني!!” صرخ بيلي، و الدموع تملئ عينيه، ثم اكمل. ” تريدني أن أتذكر ما فعلوه بالعائلة؟ كيف أنسى؟ كلهم كانوا مسؤوليتي! ..ما زلت أشعر بدمائهم تخنقني كل يوم، و انت تقول لي تذكر..”
رفع بيلي أحدى ذراعيه، و مسح دموعه، ثم اكمل. ” …لكنها الحرب، سيموت من سيموت، و يؤسر من يؤسر، لكن الابرياء لا يا روبين، لا تحمل هذا الذنب، لو أعطيت هذا الأمر ستبقى طول حياتك مذنب!
إستيقظ يا روبين، طريقك الذي رسمته لنفسك سيُمحى للأبد، سنواتك التي قضيتها في ذلك الكهف ستذهب هباءً، العالم الذي قررت ان تغيره للأفضل سيتحول لمقبرة.. انت أفضل من ذلك، انت أمل هذا الكوكب فلا تكون مصيبته!!”
*بااا*
روبين أرسل لكمة نزلت على وجه بيلي طرحته جانباً، ثم وقف ينظر نحوه بدون أن يحاول حتى نفض التراب عن جسده. ” طريقي الذي رسمته لنفسي؟ سلوكي لهذا الطريق دمر عائلتي، و دمر قارة السلف من خلالي، و الأن سأكمل تدمير كل شيئ حتى أطفئ النار في داخلي!!”
ثم نظر للسماء بعينان تلمعان بالدموع. “يا ليتني لم أقضي أي سنوات في الكهف، يا ليتني ذهبت لتلك المنافسات، و حظيت ببعض العبيد، و الذهب كمكافئة، يا ليتني مُت في ذلك اليوم بدون أن يظهر المستبصر.. المستبصر..” عندما ذكر روبين هذا الإسم أغلق قبضته حتى كادت تنزف دماً، لكن سرعان ما تركها، و نظر نحو بيلي. ” هذا أنا الأن، سأقوم بتمرير الأوامر، و هذا منتهي، إعتد على النظام الجديد، أو إنتحر لوحدك، هذا عائد لك.”
ثم إلتف روبين، و بدأ يأخذ خطوات ثقيلة نحو جيشه من العفاريت، مع أنه كان يمكنه إعطاء الأمر من مكانه.
بدأ يأخذ شهيقاً، و زفيراً بقوة، لكن بإضطراب.. مع ان شخص بمثل قوته يمكنه إعادة الإتزان لتنفسه في لمح البصر حتى لو قضى اليوم كله يقاتل..
حتى آمون الذي أفصح انه يريد تلقي الأوامر فقط لاحظ أن روبين يصارع نفسه أن ينطق بالكلمات، ام لا، اراد فعلاً أن يتدخل، و يقول شيئاً، لكن بدى، و كأن الكلمات التي يعرفها في كل اللغات هربت منه…
لكن صراع آمون الداخلي لم يدم طويلاً، بيلي نطق بكلمات أجبرت روبين على التوقف، و أجبرت على الجميع على فتح أعينهم على آخرها.
” أكانت ميلا لتوافق على هذا؟” صرخ بيلي.
“…..” تسمر روبين في مكانه للحظات فاتحاً فمه جزئياً، ثم لف رأسه للخلف ببطئ. ” انت.. ماذا قلت؟”
” ميلا.. يبدو اني كنت محق.. لقد كانت امرأة جيدة.” تكلم بيلي، و هو يمسح الدماء التي تنزل من فمه جراء لكمة روبين.
” انت لا تعرف عن ماذا تتكلم.” رد روبين بقوة، ثم نظر بغضب نحو أمون، و البقية، كلهم هزوا رؤوسهم بسرعة ليبرأوا أنفسهم من أنهم هم من أخبروا بيلي.
” هيه~ لا داعي لتغضب منهم، لم يخبرني أحد شيئ، لكن الأمر كان جلياً.. انت لا تهتم للعائلة اللعينة، ولا تهتم بالعدالة كما تدعي، انت لا تهتم سوى بميلا، و قيصر، و لن تصل إلى هذه الحالة إلا ان حدث مكروه لأحدهما..” وقف بيلي، و اكمل. ” أعلم أنك تحبها، و أعلم أنها امرأة جيدة لم تستحق اي مكروه، لكن اياً كان ما حدث قد حدث، و كل ما تفعله الأن لن يرجعها، يجب أن تتوقف.. توقف من اجلها.”
“انا فعلت هذا لها، و سأكمل ما أفعله من اجلها!” إلتف روبين، و صرخ بعلو صوته.
“…” ملامح حزن شديد ظهرت على بيلي عندما تأكد من صحة تخميناته، و الدموع في عينيه إزدادت.
بعد رحيل روبين لعالم نيهاري إنخرطت ميلا في الإدارة بشكل كامل، سواءً أكاديمية النقوش، أو اللوجستيات، او التخطيط، ميلا شاركت في كل شيئ، و دورها عظُم بعد ولادة ريتشارد، وريث روبين الوحيد.
و بيلي كالرئيس التنفيذي في العائلة، و البطريرك الفعلي الذي ينظم كل شيئ كان يتعامل مع ميلا بشكل شبه يومي، لن تكون مبالغة لو قيل إن بيلي عرف ميلا، و قضى معها وقتاً اكثر من روبين نفسه…
لكن حالة الذهول، و الحزن البادية على بيلي لم تمنعه من التكلم بصوت مختنق. ” لو كان هنالك عالم فعلاً حيث يتقابل الموتى.. عندما تخبر ميلا أنك قتلت ملايين الأبرياء من أجلها.. أتعتقد أنها ستفرح؟”
الموضوع التاليالموضوع السابق