“مهلاً!!” فزع الحكماء عندما رأوا هذا، و صرخوا في نفس واحد.

“تشة..” الحكيم ذا المستوى 40 نفخ بغضب، ثم أعطى إشارة بيده لبقية الحكماء، و هبط ليقف بعيداً عن روبين ببضع أمتار…

“هذا افضل.” عندما رأى روبين هذا قام بالتلويح لزارا فأوقفت العفريت الضخم، لكنه ما يزال يقف بجوار المساجين ينظر لهم كأنهم ألد أعدائه..

*كرررر..*

*خطوة.. خطوة.. خطوة..*

بعد إشارة الحكيم بدأت مقدمات السُفن تفتح ببطئ، كاشفةً ورائها أعداد كبيرة من البشر.. شباب، و فتيات، شيوخ، و كهول، كلهم بملابس ممزقة بادية عليهم أثار التعذيب.

“اين.. نحن…”

“وحوش حمراء.. أهم سيأكلوننا؟”

” جاء هذا اليوم أخيراً ها..”

مشاعر مختلطة من الأشخاص داخل السفن عندما رأوا المنظر أمامهم، عفاريت تقف أمامهم، و طيور دراكو تحلق فوقهم، حتى عفريت ابيض ضخم يبدو كأنه على وشك افتراس العالم… لم يجُل في رأس أحدهم للحظة أن هذا قد يكون شيئ جيد، بعضهم بالفعل بدأ بالإبتسامة ان معاناته ستنتهي.

أخذ روبين شهيق كبير عندما رأى هذه الوجه، ثم تكلم بلطف. “إهدأوا، و تقدموا نحوي، أنتم في أمان الأن.”

” أهذا..؟”

“انه معاليه! انه معاليه!!”

“انه…”

” …..أبي؟”

صوت ضعيف صدر من وسط أصوات آلاف المساجين من عائلة بورتون الذين بدأوا بالتحرك إلى خارج السفن، لكنه كان قوياً بما يكفي لجعل قلب روبين يدق كالمطرقة، و يلتفت نحو مصدره بسرعة.

أخيراً وقعت عيناه على الشخص الذي تكلم للتو… قديس في قمة مستواه، لكنه تحرك، و يستند على شاب آخر بجواره، نحيف جداً لا يرتدي سوى بنطال ممزق، بدى، و كأنه لم يأكل منذ عصور، يمكن لأي طفل صغير عَد عظامه، و ضلوعه بمجرد النظر.

جسده عليه أثار تعذيب قديمة لم تُشفى بعد، و حتى يوجد أثار لطعنات مباشرة في عدة أنحاء في جسده.. واضح انه تُرك ليموت اكثر من مرة، لكنه كان يُعاند الموت، و يمسك بحياته.

“قيصر!!” بضع دموع ظهرت في عينا روبين عندما رأى هذا، و تحرك بسرعة نحو السفينة التي ينزل منها هذا الشاب النحيف، و احتضنه.

“ارغغ.. هيهي أبي.. أنه أنت حقاً.. أنه أنت…” رفع قيصر يده النحيفة ببطئ، و وضعها على ظهر روبين، حركته البسيطة هذه بدت، و كأنها إستخلصت كل القوة من جسده.

” لا بأس، انت بخير الأن، انت بخير الأن..” اخيراً تركه روبين و وضع يداه على جانبي رأس قيصر، و تكلم، ثم نظر بجانبه نحو الشاب الذي يستند عليه قيصر. ” شكراً لك على إعتنائك بإبني يا ألفريد.”

ألفريد مارلي نفسه لم يكن في حالة أفضل بكثير من قيصر، بل يمكن القول أنهما يستندان على بعضهما البعض، لكن عندما سمع هذا من روبين أرغم جسده على الانحناء قليلاً و تكلم، ” بل شكراً لك.. معاليك.. لكن ارجوك.. عائلتي..”

روبين حرك إحدى يديه من على قيصر مبتسماً، وضعها على كتف ألفريد مبتسماً. ” لا تقلق، لقد تركتهم أحياء من اجلك.. معظمهم على الاقل.”

“….شكراً لك.. شكراً لك..” ظل ألفريد مذهولاً، و فرح لبضع ثوانٍ، لكنه بدى فجأة، و كأنه فهم ما يعنيه *معظمهم*، غالباً أباه، و ربما كل الطبقة الحاكمة في العائلة قُتلت، لكن ما زال بكى سعيداً، على الاقل ما يزال لديه بعض الأقارب… هذا كان أفضل شيئ يمكن أن يحدث في هذه الحالة.

أومئ روبين، ثم عاد للنظر نحو قيصر. “خذ ألفريد، و اذهب استريح في الخلف، عندما ننتهي هنا سنتكلم اكثر. حسناً؟”

أومئ قيصر بصعوبة، و بدأ يستند على ألفريد، و تحركوا للجانب.

“جميعكم، اذهبوا وراء قيصر، سنجلب لكم الطعام، والعلاج بعد قليل.” ثم رفع روبين صوته، و أشار لبقية المساجين النازلين من السفن نحو يسار الشاطئ، حيث مشوا جميعاً بذلك الإتجاه ببطئ كأنهم زومبي…

أنتظر الحكيم من إمبراطورية اللهب بضع دقائق حتى خرج آخر سجين من السفينة، و اخلوا المنطقة، ثم تكلم. ” انت مسرور الأن؟”

أومئ روبين، و هو ما يزال يتابع تحرك قيصر، و البقية لبر الأمان. “يجب ان اعترف، كنت أتوقع بنسبة كبيرة أنكم لن تجلبوا اي سجين، لكن يبدو أنكم لستم أغبياء بالكامل… على الاقل يوجد بينكم شخص حكيم.”

“همف! نحن، إمبراطورية اللهب العظمى، سعداء اننا تخلصنا من عبئ إطعام كل تلك الحثالة بدون مقابل، عندما نستكشف ألواح القسم بشكل كافٍ سنقبض عليهم مجدداً.” تكلم الحكيم بغيض، واضح أنه كان كاره لما يحدث الأن.

عندما سمع روبين هذا الكلام ظهرت إبتسامة مستفزة على وجهه، لكن لم يقل شيئاً، بل اكتفى بالتلويح للخلف.

*باام باام*

عفريت اللهب الابيض العملاق، و عفاريت نيهاري تنحوا جانباً فاتحين الطريق أمام الرهائن من الإمبراطورية ليتحركوا للأمام.

“لا داعي لتخافوا احداً، تعالوا اركبوا السفن!” أعلن الحكيم بصوت عالٍ، و أشار خلفه.

تقدم الرهائن ببطئ شديد كما حدث مع مساجين عائلة بورتون، و أسياد النقوش، لكن ليس بسبب التعب، و الجوع، بل بسبب الخوف..

تلك العفاريت آكله لحوم البشر.. تلك الوحوش الطائرة.. كل شيئ رأوه خلال الستة أشهر الماضية جعلهم مرعوبين من كل شيئ حولهم!

* تاا تاا تاا*

بعدما تخطى الرهائن صفي العفاريت على الجانبي بدأوا بالإسراع شيئاً فشيئاً، و بدأوا بالدخول إلى السفن الأقرب لهم فرحين، و كأنهم أخذوا تصريح للخروج من الجحيم إلى الجنة!

حكماء الامبراطورية الـ 90 الذين أظهروا أنفسهم حتى الان هبطوا، و بدأوا بإستقبال أبنائهم، و احفادهم بإبتسامات، ثم اخبروهم أن يدخلوا للسفن مع البقية سريعاً.

في أقل من ربع ساعة كان العشرة آلاف مراهق كلهم داخل السفن!

عندها حكيم الامبراطورية المسؤول أعطى الأوامر فبدأ هو، و الحكماء بدفع السفن للخلف حتى وصلت للمياه مجدداً، و بدأت تبتعد عن الشاطئ الرملي ببطئ..

بدون قول كلمة أخرى تمت عملية التبادل بنجاح.

لكن لا العفاريت بدى عليهم الراحة، ولا روبين ذهب وراء قيصر، و البقية ليتفقد أمورهم، ظلوا، واقفين أماكنهم كالتماثيل..

“سيدي..” العفريت ساكار جاء من خلف روبين، و تكلم. ” تلك الهالات داخل السفن..”

ساكار، و بقية العفاريت عامةً إشتموا رائحة أشخاص آخرين لم يخرجوا من السفن مع سجناء عائلة بورتون، أعداد كبيرة منهم، و الأهم.. أن كلهم اقوياء.

“أعلم، إبقوا على إستعداد.” تكلم روبين بدون مشاعر.

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x