بعد شهرين — على الساحل الشمالي لقارة السلف.
*راااف راااف*
“هممم؟ حسناً يمكنكم الهبوط هنا!” رفع جابا رأسه أخيراً بعد عدة ساعات من الطيران بعدما بدى، و كأنه رصد شيئاً، ثم نظر وراءه، و صاح بعلو صوته.
*راااف راااف راااف*
بينما انشغل أكثر من ثلاثة الاف دراكو بإيجاد أماكن هبوط مناسبة اسفلهم، قفز جابا من فوق الدراكو الخاص به، و بدأ يسير ببطئ نحو ظهر شخص جالس على حافة جُرف عالٍ، عندما أقترب بما يكفي أخذ شهيقاً طويلاً، و تكلم. ” مُعلمي، لقد قمت بـ–”
“روبين أيها الوغد!!” التقرير الذي كان يُعده جابا في رأسه طوال الطريق قوطع بصيحة جائت من خلفه.
مر بيلي بجانبه كالسهم الذي أفلت للتو من قوسه، و ماد ذراعه واضح أنه كان يخطط للإمساك بياقة روبين، لكن عندما وصل لجواره مباشرةً، و رآه تعابير وجهه، يده عادت إلى جانبه بشكل تلقائي.
مع ذلك هذا لم يمنعه من إكمال كلامه. ” ما هذا الذي أمرت به بحق الجحيم؟ هل تدرك ما الذي فعلته؟”
” ماذا فعلت بالضبط؟” رد روبين ببرود، و هو ما يزال ينظر نحو المحيط أمامه.
“أبي! هيهي.” جاء صوت يملؤه السعادة فجأة فقاطع الجميع، ثم ركضت فتاة بإتجاه روبين، و إحتضنته من الخلف.
أمسك روبين يد الفتاة الملفوفة حول عنقه، فقبلها، و تكلم مبتسماً. ” زارا، هل أنتي، و إخوتك بخير؟ هل إرتحتم بشكل لائق خلال الشهرين الماضيين؟”
“إنن، لكننا نفتقدك، أخواي أرادا المجيء أيضاً، لماذا طلب مجيء فيلق الحياة فقط؟” سألت، و بعض الإنزعاج بادٍ على وجهها من أجل إخوتها.
هنا تدخل بيلي. ” زارا، لدي شيئ أتحدث به مع والدك، إذهبي، و قفي مع أصحابك حالياً.”
“همف، يا لك من قاتل للمتعة!” نظرت زارا لبيلي بإنزعاج، ثم أعطت قبلة على خد روبين، و غادرت للوقوف مع مجموعتها..
كان هنالك ثلاث مجموعات من الأشخاص القادمين على ظهور الدراكو، آلاف الأشخاص يقفون معاً يحملون مطارق، و حقائب، مجموعة صغيرة تتوسطها زارا.. و مجموعة أصغر من العفاريت تطغى هالتهم على المكان كله.
…هنا نظر بيلي نحو روبين لحوالي ثانيتين لا يعرف من أين يبدأ، ثم أخيراً تكلم. “انت.. أصحيح أنك انت من أمر بقتل كل من هو أعلى من المستوى العاشر؟ أصحيح أنك قمت بإبادة نسل عائلة آيفرين”
“صحيح.” رد روبين، ثم أكمل. ” بالمناسبة، هل التعليمات نُفذت؟”
علم جابا أن السؤال موجه له، و رد. “اجل، بعد تقسيم العفاريت لكتائب أصغر حجماً الامر أخذ وقت أقل من المتوقع حتى تم تمشيط كل المدن الكبرى في القارة بالفعل، و قتل كل من وصل للفروسية، أو القدسية من العائلات النبيلة، و الملكية.
الاستثناء الوحيد عائلة آيفرين حيث لم يبق منهم أي أحد حي.. و حالياً أمون يشرف على إستدعاء المزيد من العفاريت في مستوى محارب، و توزيعهم على مساحة القارة كلها لإصطياد، وقتل من تمكنوا من الهرب.”
“ماذا عن الملوك الثلاث؟” سأل روبين.
“ملوك ممالك دوليفار، المياة الراكدة، و أوكليا تم القبض عليهم و تعذيبهم في الميادين العامة داخل ممالكهم لمدة شهر بمساعدة أفراد من فيلق الحياة قبل أن يتم قتلهم، و التمثيل بجثثهم.” تكلم جابا.
“جيد.. يمكنك نشر الشباب، و بدأ العمل الأن.” أومئ روبين
“حاضر.” رد جابا ثم نظر خلفه، و اشار نحو شاطئ أسفل الجرف الذي يجلس عليه روبين، و صاح، ” هيا، سنقيم الميناء هنا، هيا، هيا، تحركوا!!”
تقريباً 4 الاف شخص من الأجناس المتدنية هرعوا نحو الشاطئ بسرعة مع أنهم يحملون على ظهورهم معدات ثقيلة، و عندما وصل أول شخص منهم للشاطئ، و الذي بدى وكأنه رئيسهم، مد يديه للأمام، و فجأة ظهر أمامه أطنان من الألواح المعدنية المُعدة سابقاً.
روبين نظر نحو ذلك الشخص من الأعلى، و تكلم. ” كم ستستغرقون؟”
“رداً على السيد رئيس العشيرة، إقامة ألسنة الميناء، و صنع عدد السفن المطلوب بالحجم، و الطُرق التي إبتكرتها معاليك بأعدادنا الحالية.. أعتقد أننا سنستغرق حوالي 4 أشهر قبل تسليمها لأسياد النقوش.” إنحنى رئيس الحدادين، و تكلم.
ثم جاء شخص آخر، و انحنى جانبه. “رسم النقوش سيحتاج وقت أطول، لكننا سنحاول رسمها على الألواح أثناء عمل الحدادين، و مع ذلك سنحتاج شهرين زيادة بعد إنتهائهم، يمكننا تسليم السفن جاهزة لمعاليك بعد 6 اشهر من اليوم.”
اومئ روبين نحوهم، و تكلم. ” المهم أن تصل السفن لوجهتها في الوقت المحدد بلا تأخير.”
“حاضر يا رئيس الطائفة!” انحنى الإثنان انحناءة كاملة، ثم عادوا لأشغالهم
“..إلى متى ستستمر في تجاهلي؟!” صاح بيلي.
“ماذا تريد بعد يا بيلي؟ لقد أجبت على أسئلتك.” رد روبين ببرود.
” لماذا تتكلم، و كأننا نتكلم عن إبادة فئران؟ انت أمرت بإبادة جماعية لكل خبراء القارة! لقد أرجعت ألقارة عشرات آلاف السنين إلى الوراء!!” صاح بيلي، منذ عرف بالأوامر التي أعطاها روبين للعفاريت، و هو يكاد يجن.
” أثناء حصار يورا، ألم تعلن الممالك السبعة حرب ملكية؟ حرب ملكية يعني أنهم قاموا بتحريك كامل جيوش كل العائلات النبيلة في أراضيهم، هذا يعني أن كل الفرسان، و القديسين الذي تم قتلهم شاركوا في الحصار على يورا.. و بالنسبة للعائلات النبيلة الأخرى في الشمس السوداء فهم لم يساعدونا وقت حاجتنا، و بالتالي هى خيانة، أما عائلة أيفرين فأنا لست محتاج للتكلم عليهم… هل قلت شيئ لم يحدث؟” تكلم روبين.
” صحيح.. لكن الأمور لا تسير بهذا الشكل!” صاح بيلي مجدداً. “كل هؤلاء لم يأتوا بإرادتهم بل تم إجبارهم بسبب الإستدعاء الملكي، ثانياً يجب محاسبة المسؤولين، و ليس إعطاء الأوامر بإبادة جماعية!!”
“إبادة جماعية… اتمنى لو كان لدي الجرأة لبدأ إبادة جماعية حقيقية، لكن إتضح اني ما زلت لم أشفى من ضعفي بعد.” نصف إبتسامة ظهرت على وجه روبين، و نظر نحو بيلي. ” يجب أن يكونوا شاكرين إني إكتفيت بقتل الاقوياء بينهم، و تركت بقيتهم يعيشون تحت سمائي، و لم أفعل بهم كما فعلوا بسكان يورا.”