بعد اسبوع… فوق أسوار عاصمة الشمس السوداء.

*بلع*

“فلترحمنا السماوات…”

حدق آلاف الجنود من فوق الأسوار نحو الأفق، و بدأوا يتلون صلواتهم.

هذا لم تكن أول مرة تواجه فيها العاصمة جيش عدائي، لكنها كانت أول مرة يقف الجميع داخلها من أول الفانون، و حتى الحكماء يرتعشون من المشهد الذي يرونه.

القادم لم يكن جيش ملكي تقدر اعداده بالملايين، بل مجرد عشرة آلاف…

لم توجد معهم معدات حصار، و يطر أحد في تشكيلات مبهرة لإرهاب الخصوم.. ربما لأنهم لم يكونوا بحاجة لذلك.

*باا باا باا*

بخطوات ليس سريعة، ولا بطيئة إقتربت كتيبة بدت، و كأنها هربت للتو من قعر الجحيم، جميعهم حمر اللون، طوال القامة لديهم قرون بعضهم يصل طوله للمتر، حتى البشري الوحيد الذي كان يقودهم بدى كالقزم حتى، وهو يركب فوق حصان حرب…

“أهذا روبين بورتون؟!”

“ياللهول.. الإشاعة صحيحة إذاً..”

“سحقاً، كان علينا أخذ موقف محايد!!”

بدأ قديسي عائلة مارلي، و حتى الفرسان يتكلمون بصوت منخفض، و ينظرون نحو شخص معين من الوراء بعدوانية، و كأنهم يريدون إفتراسه.

إقترب الحكيم ألبيرت مارلي من ذلك الشخص، و تكلم بصوت منخفض. ” فيليب، ماذا سنفعل الأن؟ لا اعتقد ان روبين جاء اليوم لمحادثة ودية…”

إجتز فيليب على أسنان بقوة، ثم نظر بجانبه بإتجاه بضع أشخاص يرتدون الزي التقليدي لإمبراطورية اللهب بنظرة كلها إستجداء، بدى و كأنه على وشك الركوع.

“هيهي لا داعي لقول شيئ، أنه مجرد أحمق لا يعرف حجمه، يجب أن لا تُخدع بأشكال تلك الوحوش، لعله جلب بضع مهرجمين من عائلته، و غير أشكالهم، و هالاتهم في أعيننا بتقنية وهم، او شيئ كهذا، اؤكد لك أنهم مجرد بشر لم تصل قوتهم حتى للفروسية!” قهقه أحدهم، و تكلم، ذلك الشخص خاصةً كانت تصدر منه أقوى هالة في المكان.

*باا بااا بـ–.*

رفع روبين يده اليسرى من فوق حصانه عندما أقترب للمسافة التي يريدها من البوابة، فتوقفت كتيبة العفاريت، ثم أنزل روبين يده بهدوء… ثم تجاهل كل شيئ، و كل شخص آخر، و إكتفى بالنظر للأعلى نحو عينا ألبيرت مارلي بوجه خالٍ من أي تعابير.

ألبيرت ظل متماسكاً أمام هذه النظرة لثلاث ثوانٍ فقط، قبل أن يحول عينيه يساراً، و يقبض على يديه بقوة.

عندما رأى روبين هذا تكلم اخيراً. ” عندما تحتم علي المغادرة فكرت كثيراً في أكثر شخص أعرفه لديه القوة، و المصداقية، أردت شخص أئتمنه على عائلتي، و لم أجد أفضل منك.. مقابل كل ما أعطيته لعائلتك طلبت منك شيئ واحد، و هو أن تقوم بحماية عائلتي، و أنت قلت أنك لن تسمح لأحد بالمساس بمدينة يورا حتى أعود.. هل حدث هذا يا ألبيرت؟”

“….” لم يجد ألبيرت ما يرد به، اكتفى بقبض كلتا قبضتيه بسرعة حتى بدت، و كأنها على وشك أن تتحطم.

” إسمه سيادة الحكيم ألبيرت! ثانياً كلامك معي انا، ما الذي جئت من أجله؟ أتحسب انه يمكنك فعل ما تشاء داخل مملكتي؟” تكلم فيليب، و هو ينظر نحو روبين من اعلى أنفه.

” ألبيرت.. هل حدث.. هذا؟!” ردد روبين سؤاله مجدداً، لكن هذه المرة بنبرة باردة، و نية قتل واضحة جعلت حتى حصانه يتسمر في مكانه، ويتوقف عن التنفس لبضع ثوانٍ.

“حـ حدث.. حدث…” رد ألبيرت مُفاجأً حتى نفسه.

” عائلتنا خرقت معاهدة مع عائلة بورتون؟”

” يا إلهي.. نحن على وشك قتال أشياء تشبه الشياطين، لكننا السيئين في هذه الحكاية؟!”

معنويات الجنود التي كانت منخفضة اصلاً، هوت أكثر من أي وقت مضى، بدأوا فقط ينظروا لبعضهم بأطراف أعينهم، و البعض بدأ يترك سيفه ليلامس الأرض، و فمه مفتوح مصودماً…

“انت..!!” فيليب نظر لإبن عمه غاضباً.

ألبيرت صمت، و نظر في الأرض، حتى هو لا يعرف لماذا رد، ، لكنه بسرعة أقنع نفسه أنه رد بسبب شعوره بتأنيب الضمير، و بسبب الجيش الجحيمي أمامه..

“روبين بورتون!!” صاح فيليب بعلو صوته. ” قرار إرسال الإمدادات للحلفاء كان قراري وحدي، أنت كنت تدير دوقية كبيرة، و تعرف كيف هى الأمور.. لا تلم أحد غير نفسك على ما حدث، انت كسبت عداء الكثيرين عندما كنت ما تزال ضعيفاً، و أظهرت الكثير للعالم عندما كنت ما زلت طفل، ببساطة البقاء للأقوى، و انت لم تكن الجانب القوي في تلك المعادلة!”

روبين تجاهل فيليب مجدداً، و تابع توجيه كلامه لألبيرت، “تقديراً لصراحتك، و لماضينا معاً، سأعطيك فرصة أخيرة، معك عشر ثوانٍ.. إنتحر بالطريقة التي تعجبك.. لو بدأ القتال، و انت حي فصدقني ستندم.”

“هاهاهاها، ينتحر؟ و هو وسطنا..؟ لا أصدق أننا كنا نبحث طوال العقد الماضي بطوله عن هذا الطفل الذي لا يعرف حتى ما أقحم نفسه فيه!” ضحك أحد الحكماء المرتدين زي جيش امبراطورية اللهب بصوت عالٍ. “كنت أخطط للإنتظار حتى تنتهي كتيبتنا الذي خرجت لإصطياد بقية أفراد عائلتك القذرة الهاربين، و أرسلهم للبحث عنك، و جلبك لي، لا اصدق أنك جئت إلينا بقدمك هاها!”

لأول مرة حرك روبين عينه، و وقعت على ذلك الحكيم. ” هممم؟ هل تقول إنه لم يتواصل معكم أحد أولائك الحمقى قبل ان يتم أكله..؟”

” قبل ماذا..؟” عقد ذلك الحكيم حاجبيه، و سأل مستغرباً.

“…” حرك روبين عينه نحو أيدي كل الأشخاص الواقفين فوق السور، ثم إبتسم. ” هكذا إذاً، طلاسم الصوت التي بيعت في الاسواق إنتهى مفعولها، ولم يعد بإمكانكم صنع المزيد بسبب القسم القاسي الذي أخذه اسياد النقوش، انتم لا تعرفون حتى ما يحدث حولكم..”

“همف، اليوم سأجعلك تخبرنا عن مكان ألواح القسم الذي أخرست بها جميع أهدافنا، و جعلتهم عديمي الفائدة، بعدها ستبقى تبتكر ما نريده لبقية حياتك البائسة.. انت ستصبح كلب الإمبراطورية من الان فصاعداً!” إبتسامة كبيرة ظهرت على وجه حكيم إمبراطورية اللهب.

“خطة رائعة!” صفق روبين عندما سمع هذا، ثم نظر للعفريت على يمينه. ” هل انتم جائعون؟”

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=