اليوم التالي– فوق التلة.

“مرحباً، جئت بأسرع ما يمكن، هل فاتني شيئ؟” هبط بيلي بجوار روبين، ثم أومئ نحو آمون، و جابا الواقفين أمامه.

جاءه عفريت أمام خيمته قبل قليل ينبؤه أن روبين يريد أن يراه من أجل شيئ مهم فجاء طيراناً نحو قمة التلة، لكن واضح أنهم بدأوا الاجتماع بدونه..

” بل جئت في وقتك.” أومئ روبين نحوه بإبتسامة بسيطة، ثم عاد النظر نحو آمون. ” هل عرفت ما عليك فعله الأن؟ هل تحتاجني أن أعيد أي شئ.”

” كل شيئ.. واضح.. كل شيئ.. سيتم حسب أوامرك.” تكلم أمون بصوته الخشن.

“جيد، يمكنك بدأ التنفيذ الأن.” تكلم روبين، ثم أشار له بالإنصراف، فإنحنى أمون إنحناءة كاملة، ثم طار بإتجاه بقية حكماء جنس العفاريت.

“هوي، ما كان هذا؟ ما الذي سيقوم بتنفيذه؟” تكلم بيلي، ثم بدأ ينظر حوله بعشوائية، ” لماذا تلك الكائنات الحمراء بدأت تتحرك؟ إلى أين يذهبون؟!”

” ليس عليك أن تقلق من هذا، دعوتك لأخبرك ان تجمع رجالك، سنرجع نحو يورا فوراً.” ربت روبين على كتف بيلي بإبتسامة خفيفة، و عينين مغلقتين.

“هاه؟ الرجال يحتاجون راحة نحن كنا في قتال متواصل منذ ايام، و مطاردات منذ أسابيع!” هلع بيلي، و تكلم. ” هلا هدأت قليلاً، و فكرنا ملياً في الخطوة التالية معاً؟”

“كل شيئ تم تجهيزه بالفعل، ليس عليك أن تقلق من أي شيئ غير ما طلبته منك الأن، ستعرف كل شيئ عندما تصل النتائج فيما بعد.”

“ايه؟ ما الذي…” عقد بيلي حاجبه، و أخذ يحرك عينه بين روبين، و جابا.

” أتوقع أن يكون الجميع جاهز للمغادرة خلال ساعة.. و لا داعي للقلق من إرهاقهم، لن يمشوا على أرجلهم.” سحب روبين يديه، ثم اخذ بضع خطوات اتجاه المخيم، و جابا وراءه، و في نهاية كلامه أشار نحو الاشجار العالية في أسفل التلة حيث كان يقبع حوالي خمسة آلاف دراكو

نظر بيلي نحو تلك الكائنات المهيبة أيضاً، و فتح عينيه على آخرهم.. هم سيركبون هذه؟!

———————

بعد بضع ساعات….

*باا*

*بااا باا باا*

هبطت وحوش الدراكو فوق سور مدينة يورا، و المباني العالية التي ما تزال قائمة في المدينة، و قفز من فوقها القديسين من عائلة بورتون واحداً تلو الاخر.

أثار الدمار في كل مكان حولهم، الشوارع ما تزال مطلية باللون الاحمر القاتم بعد المذبحة التي حدثت قبل عشر سنوات…

تسعة آلاف قديس يمكنهم تهديد أي مملكة في القارة، لكنهم سقطوا على رُكبهم واحداً تلو الأخر عند رؤية هذا المشهد بعيون مليئة بدموع الحسرة، و قلوب تصرخ من الألم.. بكل تلك القوة التي لديهم، فشلوا في حماية أهاليهم، و ممتلكاتهم.. هذا هو كل ما تبقى.

روبين أخذ ينظر حوله بهدوء، عندما كان هنا لم يكن في مزاج يسمح له بتفحص حالة المدينة بشكل كامل..

لم يبق شيئ تقريباً على حاله.. حتى الهرم المعدني الذي بناه روبين بدى عليه اثار انصهار خفيفة على الجوانب، واضح ان عدد كبير من الحكماء حاولوا صهره لتدميره، و تحرير أسياد النقوش، و القوات الخاصة لإستخلاص المعلومات منهم، لكن واضح انهم فشلوا، و توقفوا…

“… المدينة ستحتاج إعادة تأهيل كبير.” تكلم بيلي، و هو يمسك بحفنة تراب تحت قدمه، من كثرة الدماء في التربة لم تعد صالحة للزراعة.

” لا شيئ سيتم إعادة تأهيله هنا، لن يتم تجريف هذه التربة مجدداً، و لن يتم تنظيف الشوارع، كل قطرة دماء ستبقى مكانها للأبد.. فقط الأشلاء المتناثرة يجب إيجادها، و دفنها بشكل لائق.” تكلم روبين، و هو ينظر حوله.

“… أنها مدينتنا التي حوت عائلة بورتون لـ 6 الاف عام.. نحن.. نحن…” وقف بيلي، و قبض يده بقوة، هو كان يدرك ما يقوله روبين.

هو لا يجرؤ على إعطاء الأوامر بتنظيف المكان، و معاملة دماء عائلته على أنها قمامة يجب التخلص منها، و حتى لو قسى قلبه، و فعلها، كيف ينظر لهذه الشوارع، و يأكل من محاصيل هذه الارض مجدداً؟

روبين لم يعبئ حتى بمحاولة إقناع بيلي أكثر، فمن ردة فعل بيلي عرف أنه لا حاجة لذلك. ” خذ وقتك أنت، و باقي رجال العائلة، و استريحوا من حروب العقد الماضي، بعدها انتشروا في القارة للبحث عن الاسرى، و العبيد من عائلة بورتون، و برادلي، و أي عائلة ساعدتنا للنهاية أثناء الحرب، سأترك لك فيلق الدراكو بالكامل ليسهل عليك فعلها، قم بتجميعهم هنا في مخيمات أمام مدينة يورا مؤقتاً حتى أجد مأوى جديد يليق بالعائلة، مهمتك انت، ورجالك بدأً من الان هى البحث، و الحماية، لا تضعوا شيئاً آخر في بالكم…”1

“همم؟ ليس، و كأن الامبراطورية، و بقية الممالك سيتفرجون علينا، و نحن نجمع العائلة من جديد!” نظر بيلي نحو روبين بحاجبين معقودين. ” انت تنوي فعل شيئ بنفسك، أليس كذلك؟ اعط الرجال يومان فقط لإلتقاط أنفاسهم بعدها سنقاتل معك حتى الموت!”

” لا داعي لموت أحد بعد الأن، فقط أفعل ما أخبرتك به، وأبق زارا، و الولدين بقُربك، عندما يعودوا من إستكشاف المدينة اخبرهم إني ذهبت في مهمة قصيرة، و سأعود قبل أن يفتقدوني.” تكلم روبين مبتسماً.

فزع بيلي من سماع كلمات روبين. ” حتى أبنائك ستتركهم؟ ما الذي تحاول اخفاءه بالضبط؟”

” …جانب مني لا أريدهم أن يرونه بعد.” اختتم روبين كلامه بهذه الجملة الغامضة، لكنه لم يبدو انه ينوي التوضيح اكثر، ثم نظر نحو السماء، و صفر صفيراً عالياً، ثم صرخ. ” هيا سنبدأ الجزء التالي من الخطة.”

في تلك اللحظة شعر بيلي أن الارض تهتز من تحت قدمه، أكثر من ثمانون الف عفريتاً خرجوا من الغابات بجوار المدينة، و من قلب المدينة نفسها، و وقفوا في ثمان تشكيلات قتالية كل واحدة مكونة من عشرة ألاف عفريت، و على رأس كل تشكيلة عشرات العفاريت ذوي شعر ابيض طويل يبدون أكثر قوة، بعدها التشكيلات إنطلقت في إتجاهات مختلفة..

روبين، و جابا إختارا تشكيلتين مختلفتين، و إختفوا…

——————————–

بعد ساعة واحدة—- الحدود الجديدة لدوقية آيفرين.

“همممم؟ ما تلك السحابة من الغبار هناك؟ أهى خيول برية؟” تكلم أحد الحراس المسؤولين عن حماية الحدود الشمالية لدوقية آيفرين.

جاء زميله، و دقق النظر لبعض الوقت. ” لا أعلم ايضاً، الرؤية غير واضحة بالكامل، لكن.. أرى اشياءً.. قرمزية…”

 

 

 

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=