*باااا.*

“ارغغغ!!”

أمون ألقى رئيس فريق التحقيق ككيس قمامة فنزل أمام روبين مباشرةً.

لم تبق أي طاقة في جسده، لم تبق أي قوة في جسده…

تلك الرمية العادية كانت كفيلة بجعله يصيح من شدة الألم، لكنه كان يدرك جيداً أنه ليس في وضع يسمح له بالتألم في سلام، فكبح صرخاته، و نظر للأعلى ببطئ…

“كييييه!!!” عندما وصلت نظرته لعينا روبين شعر برجفة باردة تضرب كل أنحاء جسده، و أطلق صرخة لا إرادية، لقد أدرك للتو فقط مدى رعب هذه النظرة اللامبالية..

من البداية هو لم يكن شيئاً في نظره، لا هويته كالرجل الذي كشف طلسم إنفجار النار، ولا هويته كحكيم جعلته يدخل عين روبين بورتون، من البداية كان يرى روبين هذه النهاية.

“أنـ.. انت.. إبـ إبـ إبق عندك.. يمكنني ان.. ان.. انا اقسم على ان.. اكون مساعدك.. انا.. مفيد.. ارجـ.. وك!!” فزع رئيس فريق التحقيق عندما رأى روبين يميل للأمام ماداً ذراعيه نحوه، و أخذ يتمتم بكل ما أوتى من قوة.

“انت لا تستحق.” رد روبين ببرود، ثم أمسك رأس الحكيم بكلتا يديه. ” أرني ما حدث في غيابي.”

“ايه؟ ما الذي تعنـ– ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!!!”

صرخة رئيس فريق التحقيق المأساوية أرسلت الرعب في قلوب بقية فريقه، فهم أكثر الموجودين معرفةً بمدى قوة رئيسهم، و قوة تحمله، هذا كان حكيم عمره أكثر من ألفي عام!

أي نوع من التعذيب، و الاختبارات القاسية لم يمر بها في حياته؟ أي نوع من الألام لم يجربها بعد؟ مع ذلك منذ أمسك روبين بورتون رأسه بدأ يصرخ كطفل صغير تم إلقاءه في النار..

ملامحهم تحولت للأسوأ، و بدأوا بأخذ خطوات متتابعة للوراء بشكل لا إرادي، أياً كان ما يحدث لرئيسهم يجب ان لا يحدث لهم!

لكن فجأة من خلفهم صدر صوت. “غرررررررررر”

عندما إلتفوا وجدوا أنهم على بُعد عشر خطوات فقط من أمون…*أهذا هو ما يطلق عليه بين المطرقة، و السندان؟* فكر أعضاء فريق التحقيق، و بدأوا بالتنهد، فبعضهم بدأ يتقبل مصيره بالفعل.

*باااا*

صوت إرتطام جاء من خلفهم فجأة، عندما أعادوا النظر للأمام، وجدوا رئيسهم تحول لجثة هامدة على الارض، و روبين رافعاً رأسه للأعلى بعينان مغلقتان…

واضح أن روبين كان يحاول إخفاء مشاعره عبر الحفاظ على وجه ثابت قدر الإمكان، و محاولة التماسك، وإستعادة إتزانه من النظر للأعلى، و إغلاق عينيه، لكن كيف لهذا ان يهرب من حواس أعضاء فريق التحقيق؟ كلهم عجائز قدماء عاشوا لبضع مئات السنين، أو حتى أكثر من الف عام، لقد عرفوا مباشرةً ان ذلك الشخص الهادئ أمامهم يشتعل غضباً..

“انت.. أنصحك أن تعود من حيث جئت! ما حدث هنا من تقلبات طاقة هائلة بالتأكيد جذبت انتباه الجميع في المدينة، أنهم بالتأكيد في الطريق لنا الان، انها مسألة بضع ثوانٍ إضافية حتى يحيط كل الحكماء، و القديسين في المدينة بهذا المستودع، سيتم قتلكم بأبشع صورة ممكنة!!” أحد أعضاء فريق التحقيق فزع، و بدأ يهدد.

ظل روبين في وضعه لبضع ثوانٍ أخرى ثم فتح عينيه فنظر على يساره، ثم أشار بأصبعه.

عندما تبع فريق التحقيق مسار عينه فوجؤوا مجدداً، جابا كان يمسك برقبه الحكيم متوسط المستوى كأنه كلب…

كل عظامه كُسرت، و كل عضلاته قُطعت، منطقة تجمع الطاقة في جسده ايضاً دُمرت… حيّ لكن عيناه غير مُركزتان، لم يبق لديه سوى القليل من الوعي، بحالته تلك فهو بالتأكيد لن يصمد يوم واحد قبل ان تتلاشى اخر ذرة من وعيه.

ذلك العملاق أوصل حكيم متوسط المستوى لهذه الحالة بدون أن يشعر أحد.. لم يسمعوا حتى أصوات صراخ، او اصوات تكسير طوال العملية.. ثانياً ماذا حدث لوعي الحكيم؟ كيف لوعي شخص عاش أكثر من 3 الاف عام أن يتحطم بهذه البساطة؟ حتى لو وصل جسده لهذه الصورة كان يجب ان يكون محتفظاً بوعيه في اكمل صورة!!

ما الذي كان يحدث على يمينهم طوال الوقت بالضبط؟!

على إثر إشارة روبين بدأ جابا يتقدم نحوه ساحباً الحكيم متوسط المستوى على الارض خلفه، حتى وصل أمام روبين تماماً، ثم قام برفع كيس اللحم للأعلى حتى لا يحتاج روبين لإتعاب نفسه، و النزول من اجله.

ثم رفع روبين يده، و وضعها على جانبي رأس الحكيم متوسط المستوى..

“اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!!!!!!”

بعد بضع ثوانٍ من الصراخ المتواصل أبعد روبين يديه اخيراً، و إختفى الضوء الاخير من عين الحكيم متوسط المستوى فتركه جابا يهوى على الارض.

هذه المرة لم يكن الأمر ببساطة ان ينظر روبين للأعلى، او يبدو مستاءً، الغضب كان بادٍ عليه لدرجة أن جابا أخذ خطوة للوراء، تحولت عينا روبين لللون الأحمر، و بدأت بضع قطرات من الدماء بالنزول من جانب عينيه.. بدا و كأنه يبكي دماً!!

صوت صرير أسنانه كان يمر كالسكاكين على أذان كل الحاضرين، و مظهر شفتيه المُرتجفتين كان كفيلاً بجعل قلوبهم ترقص على أهوائها.

بعد بضع ثوانٍ أخرى تحرك روبين، و هو على هذه الحالة نحو بوابة المستودع، و هو في الطريق نظر بجانبه عينه نحو أمون. ” كُلهم احياء، عندما تشعر بالتخمة أطعم أصحابك.”

إبتسامة كبيرة ظهرت على وجه أمون، و تكلم بصوت خشن مسموع، ” حاضر. ”

“ايه؟”

“ماذا تقصد بكُلهم؟ تعال هنا! ألا تعرف من نحن؟ قف مكانك!!”

” الامبراطورية سوف– ااااااااااه!!

————————————

*بااااااا*

فتح روبين باب المستودع على أخره، و خرج جابا بعده بخطوتين، قلق مما يدور في رأس روبين، لكن بدى مستعداً لتنفيذ أي أوامر تُطلب منه.. و بدى أن الأوامر لن تنتظر كثيراً ايضاً.

بنظرة سريعة حوله، ثم إرسال حسه الروحي لمدى 200 متر حول المستودع، عرف جابا فوراً أنهم محاصرون…

يوجد مئات القديسين في المكان، و على الاقل 11 حكيماً بينهم، كل الأنظار عليه، و على روبين، يراقبون ما يحدث بصمت، لكن في نفس الوقت مستعدون للإنقضاض في أي لحظة.

أخذ روبين ينظر حوله ببطئ لبضع ثوانٍ، بعيناه الحمراوات، و شفته السفلية المرتجفة بدى و كأنه شيطان يحدق من قعر الجحيم.

” إمبراطورية اللهب.. ما كان عليكم فعل ذلك.. لم يبق مكان لكلانا تحت نفس السماء!” اخيراً ثبت روبين نظره في إتجاه معين، وتكلم، بدى و كأنه يُخرج كل كلمة من حلقِه بصعوبة شديدة. ” لقد حكمت عليكم.. لا رجل، ولا امرأة، لا شاب، ولا كهل، لا شيخ، ولا طفل.. لم يعد لأحد فيكم حق تنفس الهواء الذي أتنفسه.. انتم جميعاً.. ميتون.”

“هااااهاهاهاها.” ضحك هستيرية جائت من الإتجاه الذي ينظر له روبين، ثم ظهر رجل في منتصف العمر من وراء أحد الأبنية، هالة حكيم عالي المستوى طغت عليه، و على جابا. ” حقاً ستفعل بنا كل هذا؟ انت، و أي جيش..؟”

*بزززززززززززت*

بوابة الفضاء داخل المستودع بدأت تلمع، و تصدر اصواتاً فجأة.

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x