“تعال، هيا بسرعة قبل أن يتكلم احد!” عاد جابا مسرعاً أمسك بذراع روبين، وركض مجدداً نحو مدخل القصر متجاوزاً المئات من الاشخاص الواقفين في الصفوف.
عندما رأى جابا نظرة الحيرة على وجه روبين تكلم. ” أعطيت الحارس ورقة نقدية ذهبية فقرر تغيير ترتيب دخولنا بعض الشيئ هيهي.”
قبل دخولهما للقصر مباشرةً وقف الحارس أمامهما، و نظر في عينا جابا مباشرةً. “يجب أن تتركوا أي أسلحة معكم هنا، و أمامكما 10 دقائق بحد أقصى، بعد ذلك سأواجه مشاكل، و سأضطر للقول انك خدعتني، و سيتم القبض عليكما، مفهوم؟”
“عشر دقائق، مفهوم!” أومئ جابا مرتين، و ترك سيف قصير مع الحارس، ثم دخل هو، و روبين القصر، و اُغلق الباب ورائهما…
——————–
نظر روبين حوله بإندهاش بعد دخوله. *القصر* المبهرج من الخارج كان عبارة عن طابق واحد مُغلق من جميع الإتجاهات في الداخل، مُزين بكافة أنواع الجماجم، و رؤوس الوحوش، و الكائنات الذكية المُحنطة، و دخان ضبابي أخضر في كل مكان حولهم يعطي المكان طابع خاص.
في نفس الوقت تمكن من رصد التنانين الخمسة على مقربة أمتار قليلة من هذا المكان، بهذا القرب يمكنهم حرفياً الإستماع لكل كلمة تدور في الداخل، و يمكنهم اقتحامه في أي وقت ما إن أرادوا.
بعد قليل وجدوا شخص جالس في أحد أركان القصر، حتى الآن لم ينظر إتجاههم، و كأنهم غير موجودين، ما يزال منشغل ينظر لللهب الأخضر المُشتعل أمامه، و كأنه يرى شريط حياته فيه.
روبين اقترب ببطئ منه، و بدأ يستخرج بعض ملامح هذا الشاب..
أشقر الشعر، لكن جذور شعره سوداء، ملامحه وجه وسيمة، و حادة، جسده عليه وشم تقوية الجسد الإلهية من المستوى الثاني، و طاقته الداخلية وصلت لقمة مستوى قديس!
لكن أكثر ما جذب انتباه روبين كانت عيناه، عينان ميتتان بلا ضوء فيهما، ولا حياة.. عندما رأى روبين هذه الأعين تذكر حالته في الفترة بعد تعذيبه مباشرةً.
لا.. حتى هو عيناه لم تصلا لهذه الدرجة من اللامبالاة، و الحزن، هذا الشاب قد تملك اليأس من قلبه لأبعد درجة.
هذه ليست أعين شخص يعيش عيشة رغدة من علاج الناس، بل أعين رأت أهوال لو حملتها الجبال لهدمتها.
” إصابة، سم ام حياة؟” تكلم الشاب، و هو ما يزال ينظر نحو النار أمامه.
روبين نظر نحو جابا، و أرسل له شيئاً عبر تقنية نقل الخواطر… بعدها بقليل تكلم جابا. ” مرحباً يا مبجل اللهب الاخضر كاربان، لقد سمعت عنك الكثير.. في الحقيقة انا لدي إصابة قديمة، و شربت سم قاتل قصر فترة حياتي، أرجو منك أن تلقي نظرة على كل شيئ في جسدي، سأبقى صامت تماماً حتى تنتهي!”
رفع الشاب رأسه، و نظر نحو جابا بحاجب معقود قليلاً، “حسناً إذاً..”
*سووووش*
فجأة روبين حرك يديه، و فقاعة شبه شفافة تشكلت حول ثلاثتهم، ثم نظر نحو الشاب، و تكلم ” هذه الفقاعة مصنوعة بقانون الصوت الثانوي، يمكننا التكلم بحرية الأن.”
” قانون الصوت السماوي الثانوي؟! انت… ماذا تعرف عن القوانين السماوية؟” الشاب وقف فجأة، و نظر نحو روبين بدهشة، لكن لا خوف فيهم.
تقدم روبين، و جلس أمام الشاب، و أشار له ان يجلس مجدداً. ” يمكنك أن توْقف هذا الهراء الان أخبرتك ان لا احد يسمعنا، جابا مُساعدي، و يعرف كل شيئ فلا داعي لكبح نفس أمامه.. أخبرني متى جئت هنا، من أرسلك، و من أعطاكم قانون نار الحياة الرئيسي؟”
عندما سمع الشاب مصطلح نار الحياة فُتحت عيناه على اخرهما. ” انت.. انت..! من تكون بالضبط؟!”
” انا من سألت اولاً!” تكلم روبين بشدة هذه المرة.
جلس الشاب هدوء، و نظر نحو روبين ببعض الإهتمام هذه المرة. ” فهمت.. لم أكن أعتقد أن أحد اخر كان يعرف عنوان هذا الكوكب، كنت أظن ان لا احد يعرفه غير أمي، و اخوتي الكبار.. هل أحد اخوتي هو من ارسلك إلى هنا للبحث عني؟”
“اخوتك..؟ من تقصد؟” سأل روبين بسرعة، لكن شعور سيئ جداً بدأ يخاله.
” همم؟ أتريد التأكيد أكثر من هويتي أو شيئ كهذا؟ أقصد إخوتي بالتبني قيصر، و ثيو، و بيون، بالطبع الأخت الكبرى زارا، أعتقد أن أمي أخبرتها بإحداثيات الكوكب ايضاً..”
*بووووم*
شعر روبين بأن إنفجاراً قد دوى في رأسه عند سماع الجملة الأخيرة.. *أمي أخبرتها بإحداثيات*؟ الوحيدة التي رأته يقوم بإدخال أحدثيات كوكب نيهاري في بوابة الفضاء هى.. ” ميلا..؟ ”
” السيدة ميلا بالنسبة لك!” عقد الشاب حاجبه، و أطلق جزءً من طاقته.
روبين وقف بسرعة، و نظر للشاب أمامه بعينان مفتوحتان على اخرهما، عقله بدى و كأنه توقف عن العمل لم يكن يدري ماذا يقول، أو عن ماذا يسأل، ربما هذا الولد هو..؟
روبين هز رأسه بسرعة قبل أن يقفز لأي إستنتاجات، و قام بتفعيل 20% من عين الحقيقة حتى لا يصدر الوهج الذهبي منها، و ركزهما بالكامل على محاولة إستكشاف عمر هذا الشاب الحقيقي.
20 عاماً، و بضعة اشهر.
20… عاماً…
روبين وصل لهذا الكوكب منذ 21 عاماً.
” أخبرني ما اسمك؟! لا تخبرني الاسم الهرائي الذي أعطوه لك هنا، أعطني اسمك الحقيقي!” سأل روبين مسرعاً.
ضيق الشاب عيناه قليلاً، لكنه أجاب. “أسمي ريتشارد بورتون.”
دقة قلب روبين التي تلت سماع الإسم كانت شديدة القوة، و كأن قلبه يستعد للقفز من صدره، لكن هذا لم يكن كافٍ بالنسبة له، بسرعة رفع قدرة عين الحقيقة لـ 50% من قوتها، و أطلق قوته الروحية بالكامل، و ركزها على رصد دماء الولد أمامه.. بلا شك هنالك علامات لنسل دمه، هذا الشاب أحد أقربائه بالدرجة الاول بلا شك!
إن لم يكن اخاه، و بالتأكيد ليس أباه، فهو اكيد…
” انت.. انت.. انت إبـ…؟!” بدأ روبين يتلعثم، و هو ينظر للفتى أمامه، أحياناً بعينان حمراوان مفتوحتان على آخرهما، و أحياناً نصف مغلقتان، و كأنه ما يزال يحاول إقناع نفسه انه في حلم!
“انا انا ماذا؟” تكلم ريتشارد بحدة، واضح ان صبره بدأ ينفد.
” انت إبنـ…!!” كاد روبين أن يكمل، لكنه أوقف نفسه في منتصف الجملة، و جلس، و هو ينظر للأرض، و سأل بصوت منخفض، “…هل والدتك السيدة ميلا بخير هذه الأيام؟”
” هيه~” أطلق ريتشارد ضحكة مكتومة من انفه.” اتمنى ذلك، يقال إن هنالك جنة يذهب إليها الصالحين.”
” انت.. ماذا تقصد؟!” رفع روبين رأسه، و نظر في أعين ريتشارد مباشرةً.
“والدتي ميتة.”