بعد ثلاث سنوات اخرى… في وسط صحراء الموت.

” المولى! سنرى المولى اليوم!!”

” ياللحماس.. كنت احلم بلقاءه كل يوم، انه مُخلصي، و مثلي الأعلى!”

وسط كل الحماس، و الزحام شخص سحب حسه الروحي من خاتمه، و فتح عينه، ثم صرخ بعلو صوته. ” قفوا في مواقعكم أيها السفلة، المولى على وشك الوصول!”

*رااااف راااااف*

دراكو ضخم يحمل عملاق ضخم، و إنسان، توقف في الهواء أمام أسوار ضخمة، و بدأ يضرب أجنحته في مكانه بهدوء.

*صااااد*

” نحيي المولى العظيم! نحيي مُخلصنا العظيم!!”

من فوق الدراكو نظر روبين للأسفل لبحر من الأجسام مختلفة الشكل، و الحجم، العشرات من الاجناس المختلفة جنباً إلى جنب بلا تفرقه حيث كان يصطف أكثر من مليون شخص أمام الأسوار العالية بشكل منظم، كلهم ركعوا، و صاحوا بصوت موحد عندما رأوا أن روبين قد وصل.

إبتسامة نابعة من قلبه ظهرت على وجهه لأول مرة منذ سنوات عندما رأى هذا المشهد المهيب!

كلما مرت السنين زاد حنين روبين للرجوع لوطنه، و زادت فترات عُزلته، و ملامحه المكتئبة، مؤخراً حرفياً لم يعد مهتماً بأي شيئ يجري حوله، بعدما تأكد ان كل شيئ في الطريق الصواب وضع كل تفكيره في التأمل، و محاولة تقوية نفسه فحسب، جابا كان يلح عليه بكثافة مؤخراً للمجيء، و زيارة الطائفة، و أخيراً بعدما انتهى من رسم أحد الأوشام على جسده قرر أن يأتي ليغير جو.. و الأن فقط فهم لماذا يلح عليه جابا للمجيء.

نظرة الفرح، و الأمل، و التبجيل في عيون هؤلاء الأشخاص تقول كل شيئ يجب أن يُقال، مع انه كان يعمل لصنع جيش خاص به إلى انه ما يزال ساهم في تغيير حياة كل هؤلاء للأفضل.

هذا المكان الذي يراه لأول مرة هو أعظم إنجازاته في هذا العالم، و ربما اعظم إنجازاته على الاطلاق…

“تقدم…” ربت روبين على الدراكو بلطف، و بدأ يطير للأمام بلطف بعدما أطلق صيحة مدوية.

*صفير صفير*

“مولاي أرجوك انظر نحوي!!”

“هواااا حلمي أن اصافحك!!”

” مولاي، ارجوك اتخذني تلميذاً!”

” تلميذه هو جابا ابن ثاندور أيها الاحمق، أكثر عملاق موهوب في المنطقة الشرقية بالكامل، أتحسبه سيهتم بك؟”

حتى بعدما تخطى الدراكو السور العالي صُدم روبين بمدينة ضخمة عالية الأبراج، و جميلة التنظيم، لكن ما صدمه أكثر كان أن كل شوارعها مغطاة بالناس، مئات الآلاف، او ربما الملايين حتى كلهم خرجوا في الشوارع ينظروا لأعلى بعينان حالمتان، و يقفزون بسعادة.

هذا المكان لم يتمحور حول البناء، و أعداد الناس فقط، من حوله يمكنه رؤية إسطبلات الوحوش المروضة التي تلعب في الأرجاء، الحقول المليئة الأشجار العالية المثمرة، و الجنائن الخضراء، و حتى شلالات مياه تندفع من تحت الأرض، هذا المكان جنة، و عاصمة حقيقية تتمناها أي مملكة، و الغريب انه ما يزال يرى أبنية حديثة، و مخططات للتوسع اكثر!

روبين أخذ يلوح لهم مبتسماً، و في نفس الوقت سأل جابا، ” انهم.. كُثر.. كم عدد سكان هذه المدينة بالضبط؟”

“هذه مدينة الأمل، اول مدينة يتم إنشائها في صحراء الموت، عدد سكانها الحالي حوالي 17 مليون نسمة، ما يزال يلزم المدينة الكثير من العمل، و التوسعة، لكنها ما تزال جيدة جداً..” تكلم جابا مبتسماً، و هو يقف خلف روبين.

” 17 ملايين نسمة؟!” ذُهل روبين من سماع الرقم.

” اعرف، اعرف، هذا ليس العدد الكلي فلا تقلق، هنالك 7 مدن أخرى يتم بناءهم بالقرب من هنا، و كل واحدة فيهم تحمل حوالي 5 ملايين نسمة داخلها.”

” 7 مدن كبرى اخرى؟!” من صدمته روبين نظر نحو جابا، و توقف عن التلويح لمعجبيه، هذا الحجم، و عدد السكان يكفي لجعل كل واحدة من هذه المدن لعاصمة كبرى!

” هذا طبيعي، المدينة مهما كبُرت لن تحتمل كل أعداد الكائنات المتدنية، إحم، اقصد الكائنات التي تعرضت للقمع المفجع على يد العمالقة، كبيرة جداً داخل أرض البرق وحدها لأنهم معتادون على الانجاب بكثرة لتعويض من يموت منهم، و للأن ما تزال تأتي دفعات بعشرات الآلاف من كل الأماكن التي غزوناها، سمعت ان مجلس الطائفة يخطط لإقامة 3 مدن أخرى قريباً..” رد جابا.

“واو..” مشروع الطائفة وصل أبعد كثيراً مما توقع.

*راااف راااف راااف*

بعد بضع دقائق وجد روبين نفسه أمام أطول مبنى في مدينة الأمل حيث كان يصطف حوالي 40 شخص من أجناس مختلفة بجانب بعضهم حتى ان أحدهم كان عفريت بقوة نطاق تنين منخفض، حتى البقية كلهم يبدو عليهم القوة، و الحكمة.. جابا جعل الدراكو يهبط أمامهم، ثم نزل هو و روبين ليقفوا أمامهم.

“نحيي المولى المؤسس، نحيي زعيم الطائفة.” كلهم تكلموا في نفس واحد، و أعطوا انحناءة كاملة.

إبتسم روبين عند رؤية هذا، لقد عرفهم من اول نظرة. ” لا داعي لهذه الرسميات ايها السادة الشيوخ، أنتم قلب هذا الكيان، ولا يصلح أن تنحنوا لأحد.”

” نحن لا شيئ لولا ظهورك، بدونك لكنا الأن مُلقون في مستعمراتنا ننتظر موت أولادنا كالعادة.. انت من جعلت كل هذا ممكناً، سيدي مختار السماء الثالث.” تقدم أورزون، و تحدث، هذه لم تكون طبيعته مع روبين، لكن أسلوبه أختلف تماماً لأن هنالك الكثير من الحضور. ” رجاءً تفضل معنا للمجلس لنطلعك على المستجدات.”

إبتسم روبين، و تقدم للأمام، أورزون أنتظر حتى أصبح روبين أمامه بخطوة بعدها تبعه بجوار جابا، ثم تبعهم بقية أعضاء مجلس الشيوخ في صفين بصمت، و إحترام.

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=