خلال الشهر التالي لم يقم روبين من على فراشه، اكتفى بترك وشم تقوية الجسد الإلهي، و قانون الحياة بفعل ما عليهم فعله، بينما جابا، و بقية مساعديه من البشر يعتنون به فيحضرون له الطعام، و العلاج، و خِلافه.
هذه لم تكن اول مرة يصاب فيها بشدة، لكن هذه المرة كانت مختلفة.. طوال الشهر كان صامت بشكل مريب.
مهما حاول جابا أن يفتح موضوع عن التدريب، او الطائفة ليُلهيه، كان روبين يصده مباشرةً بأنه يحتاج للراحة، و يريد ان ينام.. لكن لم ينم.
عيناه مفتوحتان دائماً، أحياناً تكون كأن الحياة فارقتها، و أحياناً تبدو، و كأنها تشتعل ناراً قادمة من قعر الجحيم، في ماذا كان يفكر؟ روبين وحده يعلم..
لكن مظهره جعل جابا يخرج لخارج أسوار العاصمة عدة مرات ليصرخ بعلو صوته، ثم يعود مبتسماً لقاعة التدريب ليحاول التخفيف عن مُعلمه..
لوم النفس على ما حدث لروبين كاد يقتله، لقد أراد حقاً.. حقاً.. ان يدمر كل شيئ له علاقة بسلمندر النار بسبب ما فعلوه بمُعلمه، لكنه يدرك جيداً أن هذا درب احلام.
فبغض النظر عن حماية مُعلمه لهم، حتى لو دمر كل معاقلهم، و قتل كل أتباعهم الذين يقدرون بعشرات الآلاف داخل قبيلة البرق، فهذا لن يخدش أساس التنظيم العالمي.
الشيئ الوحيد الذي طلبه روبين أثناء ذلك الشهر هو ان يجلب جابا المزيد من شباب البشر الواعدين لتقوية أرواحهم، و تدريبهم على صنع الأسلحة الإلهية، و بالفعل وصل العدد الإجمالي لـ 200 شاب داخل قاعة التدريب التي بدأت تضيق عليهم.
فبعد أكثر من عامين من العمل في هذا المجال أصبح بعضاً من الجيل السابق للمساعدين جيدين بما يكفي لإنهاء الأسلحة الإلهية العادية بدون الحاجة لروبين، هؤلاء تم تعيينهم لتدريب الجيل الجديد.
بعد ستة اشهر…………
روبين قام أخيراً من رقدته الكئيبة، لكن لم يتحرك من مكانه كثيراً..
في نفس مكانه قضى معظم ساعات اليوم في وضع التأمل، غير أبهٍ بأصوات الطرق، و التصنيع بجواره، و لم يتحرك من مكانه سوى مرة يومياً ليمر على صناع الأسلحة، و يرى ما أنجزوه طول اليوم.
أعداد العربات المغطاة التي تدخل، و تخرج من قاعة التدريب تزايدت بشكل واضح، الـ 200 من صناع الأسلحة الإلهية زودوا الإنتاج بشكل كبير، و حتى الأسلحة، و العتاد عالي المستوى الذين لم يستطيعوا إتمامه بالكامل كان يقوموا بعمل 90% من نقوشه، و يتركون اللمسة الاخيرة لروبين الذي كان يقضي ساعتين فقط كل يوم في إكمال كميات كبيرة منهم.
جابا كان يساعد صناع الأسلحة أحياناً ايضاً، و تعلم طريقة صنع النقوش لعلها تساعده في فهم الحقيقة.. لكنه كان مشغول معظم اليوم بمحاولة عرقلة أي تحقيق يتم فتحه بخصوص تحركات العفاريت المريبة، أو اختفاء سكان المستعمرات المستمرة، حتى أنه قام بإستخدام نفوذه لتهديد العديد من نواب قائد قوات حفظ السلام الاخرين، و رئيس قوات حفظ السلام نفسه لإبقاء أفواههم مغلقة بخصوص هذا الشأن.
في ما تبقى من اليوم كان يعود لقاعة التدريب لمحاولة فهم مسار الحقيقة، و لمراقبة مُعلمة..
حتى بعد مرور 7 أشهر على التعذيب الذي تعرض له ما يزال لم يقترب من العودة لطبيعته، نظرته المُركزة، و شغفه للتعلم كُسرا بشكل كبير، إبتسامته المزيفة التي تظهر على وجهه عندما يحاول التفاعل مع صناع الأسلحة الإلهية تجعل جابا يشعر أنه يريد البكاء.
مع أنه لم يعرف روبين لفترة طويلة، إلا انه قطعاً يعرف ان هذا ليس هو!!
بعد فترة قصيرة أخيراً توقف روبين عن التأمل، و طلب من جابا أن يخصص أحد ورش الأسلحة في العاصمة من أجلهم، و يصنعوا اسلحة بتصميمات خاصة يقدمها هو له، و كان له هذا في نفس اليوم..
أول تصميمات طلبها من الورشة كانت عبارة عن نوعين من الخواتم، أحد النوعين كان مصنوع بموارد نادرة جداً، ثم رمح واحد أسود مصنوع بمادة معينة شديد الندرة، و باهظة الثمن.
لكن كل شيئ يكون سهلاً أمام توفر النقود، بسرعة وجد جابا كل الموارد اللازمة، و أرسلهم للمصنع الذي انتهى منهم خلال اسبوع، ثم أخذهم روبين، و دخل إحدى الغرف في منزل جابا داخل الأكاديمية.
و لم يخرج مجدداً إلا بعد 6 شهور أخرى………
————————–
عامان آخران مرا في لمح البصر….
بعدما وصل عدد الأسلحة الإلهية لدى قبيلة البرق لـ عشر آلاف تقريباً نفدت خزينتهم تقريباً، و لم يتمكنوا من شراء أسلحة إضافية من جابا، لهذا قرروا أن ينعشوا خزينتهم مجدداً، بالهجوم على قبيلة المياة!!
متأكدون من الفوز هذه المرة، لم يذهب جابا معهم، بل ظل في الأكاديمية يحاول أحداث أي إختراق جديد في فهمه لمسار الحقيقة.
مرت أكثر من ست سنوات منذ أخذ تفاصيل مسار الحقيقة من روبين على طبق من ذهب، لكنه لم يتمكن من فعل أي شيئ بها..
مع انه تمكن بسهولة من فهم تقنيات القوانين االرئيسية الاخرى، و أكثر من مئة قانون ثانوي، و حتى قراءة المئات من مفاتيح القوانين الثانوية الأخرى منهم قانون الموت!!
كما أنه لم يرد أن يترك جوار معلمه مجدداً.. بقوته التي وصلت الأن لقمة تنين منخفض المستوى، يمكنه بالتأكيد حمايته من أي خطر، إلا إن جاء شخص بمكانة اوغاس بنفسه…
اما روبين، فبعدما وصل للمستوى 16 من حيث القوة الجسدية بعدما رسم لنفس الدرجة الأولى المُعدلة لوشم تقوية الجسد الإلهي، قضى العامين يدرس الدرجة الثانية من وشم تقوية الجسد الإلهي، و بالفعل تمكن من رسمه على أحد صناع الأسلحة الإلهية بنجاح.. فور ما يصل لقمة قوة محارب سيتمكن بسهولة من رسمه لنفسه ايضاً.
و فوق هذا.. لقد إقترب كثيراً من الوصول للشكل العام للدرجة الثانية من مسار الحقيقة!!