*صرير*

” أهو مستعد للكلام؟” دخل العملاق للزنزانة مجدداً بعد مرور يومين كاملين، و جلس في نفس كرسيه الذي لُطخ بالدماء كبقية الغرفة.

“هيهي جرب بنفسك يا زعيم.” ضحك العملاق الواقف أمام روبين، و إبتعد للجانب قليلاً، ليظهر روبين من ورائه..

أصابع قدماه كلهم سُحقوا.. ساقيه من الكعب حتى الركبة تفحما بالكامل.. أسنانه تكسرت.. جسده بالكامل عليه أثار ضرب بالسوط، و وجهه أصبح من الصعب جداً تمييزه.

” اوف.. يبدو إني تأخرت قليلاً.” تغيرت ملامح العملاق قليلاً عندما رأى حال روبين، لكنه رجع، و قهقه بعدها. ” المهم أن أذنه، و لسانه ما يزالا يعملان؟”

” بالطبع يا زعيم، إن لم يرد عليك فسأقطع له ساق هذه المرة!”

“جيد..” ضرب العملاق على فخذه، ثم نظر نحو روبين، “هل انت مستعد للكلام الأن ايها الإنسان؟”

* درااب درااب *

لم ينطق روبين لبضع ثوان، لم يكن هناك أي صوت في الارجاء سوى صوت قطرات الدماء الذي ينزل من شعره إلى الأرض.

كاد يتقدم العملاقان المسؤولان عن تعذيبه ليضرباه مجدداً، لكن العملاق الجالس أشار لهما بالتوقف، و الانتظار.

بعد حوالي 30 ثانية فتح روبين إحدى عينيه، و بدأ يتمتم بصوت مبحوح. ” ما أنا إلا.. مُساعد للسيد جابا.. انا بالفعل أعرف بضع أشياء لكن.. لست خبير بهم، و لا يمكنني تعليمهم لأحد حتى لو اردت.. اعرف طريقة التواصل مع العفاريت، لكن لا يمكنني.. كتابتها من أجلك بهذه السهولة..”

“طالما تعرف التقنية فيمكنك إعادة كتابتها! يبدو ان كلامي لم يكن مقنع بما يكفي.” أشار العملاق الإثنان ان يُكملا، و كاد يقف.

“لحظة!!” في هذه اللحظة صاح روبين جاذباً إهتمامه. “.. أعطني مهلة.. التقنية في رأسي، لكنها معقدة جداً، انا بحاجة لبعض الوقت.. لأتمكن من إعادة كتابتها.”

“كم من الوقت تقريباً؟” سأل العملاق متحمساً.

” أسبوعان، او ثلاث..” رد روبين، و أغلق عينه مجدداً، لم تعد لديه قوة لفتحها اكثر. ” فقط وفر لي بضع جلود حيوانات.. و موارد أخرى سأقولهم لك.. سيساعدوا في تسريع عملية كتابة التقنية.”

” هل انت مجنون؟ ام تعتقد اني مجنون؟ أوفر لك شخص يصنع أسلحة إلهية موارد كهذه؟ من يعرف ماذا ستفعل بها؟ إنس الأمر!” ضحك العملاق، و هز رأسه.

“….إذاً فقط وفر لي كتاباً فارغاً، و قلماً.. لكن هذا سيأخذ شهرين، او ثلاث.. بعدما انتهي ستحصل على ما تريد..”

” شهرين؟ كثير جداً.. سأمهلك اسبوع، و كل يوم زيادة بعد الإسبوع ستتلقى عليه ساعتين من التعذيب المتواصل” ثم وقف، و نظر للعملاقان الأخران، ” انتما تعرفان ما عليكما فعله!”

” بالطبع يا زعيم، لا تقلق.. لن يعيش براحة، و لن يموت.” قهقه أحد العملاقان، و هو يشاهد زعيمه يغادر، ثم إلتفت نحو روبين.

*بااا*

قدمه فُكت من السلاسل التي تربطه بالسقف فسقط على رأسه، ثم تحرك العملاق ففك قيود يداه بقسوة مشابهة، لكن روبين نفسه لم يتحرك ليضع يده على مكان الألم، او حتى يتحرك قيد أنملة، او يصدر صوتاً طوال العملية..

إقترب منه أحد الإثنان من أذنا روبين، و تمتم. ” إسترح يا حلو، سأجلب لك ما تريد.. اتمنى من قلبي ان تستغرق أكثر من اسبوع حتى نرجع لنلعب معاً! هاهاها.”

* كراااش *

خرج العملاقان، و اغلقا الباب بقوة خلفهما، و بعد دقيقة قام أحدهم بإلقاء كتاب، و قلم من تحت باب الزنزانة فإصطدما بوجه روبين الذي ما يزال يرقد مكانه…

بعد 6 ساعات كاملة من تفعيل قانون الحياة… روبين إستجمع قوة كافية ليفتح عينيه.

بعد 6 ساعات مثلهم تمكن أخيراً من دفع نفسه لوضعية الجلوس، و سند ظهره على الحائط ببطئ، و هو يلهث

ثم إكتفى بالنظر نحو الكتاب، و القلم لأكثر من 12 ساعة أخرى بعيناه المكسورتين…لا يعرف ماذا يفعل!

الكلام عن اسبوع، او شهران.. كله وهم، كلها مجرد ارقام بلا فائدة.

روبين يدرك جيداً أنه يمكنه إعادة كتابة تقنية نقل الخواطر خلال أقل من ساعة.. لكن ما العمل بعد ذلك؟

هو لا يعرف من هؤلاء، لكنهم قطعاً ليسوا أشخاص يمكن مساومتهم، و إستعمال الحيل، و التهديدات الصغيرة التي تعود عليها ضدهم، هم لن يهتموا بأن يقيموا علاقات، و هذا الهراء.. أنهم من النوع الذي سيأكله عندما يدركون أنه اصبح بلا فائدة.

ظل روبين ينظر نحو الكتاب، و القلم بدون أن يُحرك ساكناً، محاولاً التفكير في حل للخروج من الوضع بأقل الخسائر.

يوم.. يومان مرا بدون أي جديد، لا يوجد حوله سوى ضحكات العمالقة من خلف الزنزانة، و هم يعدان الخطط لتعذيبه بعدما ينتهي الإسبوع.

اخيراً، في اليوم الرابع من المهلة، و السادس من إختطافه، أمسك روبين بالقلم بصعوبة، و بدأ يكتب شيئاً.

أحياناً يواصل الكتابة لساعات بدون فاصل، و احياناً يترك القلم، و ينظر للسقف، و يتمتم، و أحياناً يمسح ما كتبه، و يكتب غيره.. بدا للسجانين أنه فعلاً يحاول تذكر التقنية من اجلهم، فإختفت ضحكاتهم، و كلامهم المستفز عن التعذيب، و ذهب أحدهما ليبشر زعيمه بما يحدث.

لكن روبين بعيناه التي تشعان باللون الاخضر، كان قد تجاهلهما بالكامل بالفعل، و وضع تركيزه بالكامل في ما يكتب..

 

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=