” البشر يمكنهم رسم الأوشام الإلهية؟ أليس هذا حكراً على العمالقة..؟” سأل روبين مباشرةً قبل أن يضيف العجوز أورزون كلمة اخرى.

عقد العجوز حاجبه للحظة عند سماع هذا السؤال، لكن عند رؤية ملامح الإهتمام، و السعادة على وجه روبين، تنهد، و تكلم. ” انها بالفعل حكر على العمالقة، لكن لا يوجد شيئ ممنوع بالكامل، لكل شيئ مخرج..

كل ما تحتاجه هو المال، او شخص قوي إلى جوارك.. يمكنك دفع مبالغ طائلة لرسام وشوم إلهية عديم الضمير، و سيرسم لك ما تريد مهما يكن جنسك، او يمكنك فحسب خطف أحد سادة رسم الأوشام، و إجباره على رسمها لك إن أُغلقت امامك الطرق.

لكن بالطبع كل شيئ يجب أن يسير في سرية تامة، فإن تم العثور على أي شخص ليس من العمالقة، و يحمل وشم على جسده فعقابه هو القتل الفوري، بلا محاكمة، ولا سجن، ولا حتى سماع تفسير..
هذه الظاهرة ليست نادرة، خاصةً في اخر بضع آلاف من سنين بدأت جماعات من الاجناس *المتدنية* يحصلون على أوشام، و هم من يطلق عليهم لقب الإرهابيين، و يلاحقهم تلميذك النجيب هنا ليقضي عليهم، لهذا أعداد من يجازف، و يضع الوشوم ليست صغيرة، لكنها ليست كبيرة ايضاً.”

“و يبدو إني لم أقم بما يكفي!” تكلم جابا ساخراً. ” مستعمرة واحدة تحتضن عدة أشخاص يحملون وشوم من المستوى الثاني؟ تسك تسك~ حتى قوات حفظ السلام أصبحت مرتخية جداً في هذه الأراضي!!”

” احسنت، واصل إستفزازي، هذا سيسهل علي إعطاء الأمر بقتلك بعد قليل.” تكلم أورزون بدون أن ينظر له.

“تشة..”

“… لم اكن اعلم أن البشر يمكنهم إستخدام الأوشام الإلهية ايضاً.” تمتم روبين بعدما ثبت عينه، و حسه الروحي على الزعيم أورزون لعدة ثوانٍ، هذه كانت معلومة جديدة عليه.

” هذا لأنه لا يمكنهم!” من رد عليه كان جابا، ربع يديه، و تكلم بسخط. ” الأوشام الإلهية مصممة خصيصاً لجنس العمالقة، إن إستخدمها جنس اخر فالمُستخدم سيدفع ثمن غالٍ.. أليس كذلك أيها العجوز؟”

ألقى أورزون نظرة جانبية نحو جابا، ثم عاد ليواجه روبين. “ما قاله هذا العملاق للاسف صحيح، وشم تقوية الجسد الإلهي لا يعمل على جسد البشر بنفس الكفاءة، و قد تنفجر عضلات المُستخدم فجأة، او تحدث لهم إعاقة دائمة، بالإضافة لذلك كل مرة يتم تفعيل الأوشام الهجومية تسحب من طاقة حياة المستخدم… تلك المواجهة القصيرة قبل قليل اخذت من حياتي بضع اشهر…”

صمت أورزون قليلاً بعدما نظر في عينا روبين، و تكلم بإبتسامة. “لكن كل هذا سيصبح من الماضي الأن، فنحن اصبح لدينا مختار سماء خاص بنا، مختار السماء الثالث وُلد من البشر!”

” حسناً، على أحدكم ان يبدأ بالشرح لي ماذا يعني مصطلح مختار السماء!!” قال روبين منزعجاً.

“.. لا يمكنني ان أخبرك ما هو مختار السماء فنحن لا نعرف.” هز أورزون رأسه. ” لكن يمكنني أن أخبرك عن مختاري السماء السابقين..”

” ارجوك أفعل!! هذا كل ما اريده، لكن لا يبدو أن جابا يريد ان يخبرني عنهما.” أومئ روبين بقوة.

” هو غالباً لا يعرف، او لا يريد التكلم عن الموضوع… شباب العمالقة يتم أخبارهم ان يحترموا مختاري السماء فقط، لكن لن يعرفوا تاريخهم، و حكاياتهم إلا ان بحثوا بشكل متعمق.. فمختاري السماء هما فخر للعمالقة، لكنهما وصمة عار في تاريخهم ايضاً.”

“تشة..” ملامح الإنزعاج زادت على وجه جابا، لكنه لم يجد ما يدافع به عن نفسه فظل صامتاً.

“إسمع من هذا العجوز إذاً، لدينا معلومات، و وثائق سرية تُمرر للأشخاص المُهمين من جنسنا جيلاً بعد جيل، قد أستطيع الإجابة على سؤالك بطريقة شافية نوعاً ما…”

قال أورزون، و غير نظرته لواحدة شديدة الجدية. ” ظهرت الحياة على هذا الكوكب منذ مئات ملايين السنين حيث وُلد أول كائنات ذكية، نسميهم حالياً بأصحاب نسل الدم العتيق، او الصافيين… لكن ببطئ، و بالإختلاط مع الطبيعة بدأ نسل الدم الصافي ذلك يتحور، و ظهرت أجناس كثيرة مختلفة مثل عمالقة نيهاري، و البشر، و العفاريت، و غيرهم الكثير..

و بطبيعة الحال بدأ كل فرد يميل لحماية أبنائه، و عائلته، و الإنعزال عن المختلفين عنه، و بدأت تتقارب كل بنو الجنس الواحد حتى يستقروا في مكان واحد لحماية أنفسهم.. و بالتالي بدأت تنشر ظاهرة وجود قرى خاصة بأجناس معينة، ثم مدن صغيرة، ثم ممالك…

لم يكن هذا مشكلة في البداية نظراً لإتساع حجم كوكب نيهاري، لكن بمرور آلاف، و ملايين السنين بدأت إعداد الكائنات الذكية تزيد… هذه الممالك تحتاج لموارد طبيعية وعليهم تأمين أراضي للصيد، والزراعة، و مصادر ماء، و غيرها.. فطبيعة الحال ايضاً، بدأت تنتشر الحروب بين الأجناس على ملكية الأراضي.

حروب بين الأجناس المختلفة يا صديقي الصغير ليست شيئ يتوقف عند النصر، او الهزيمة، الكراهية لما هو مختلف كان كفيلاً بتحويلها من حروب موارد لحروب إبادة.. لدينا وثائق أن 12 جنساً على الاقل قد اختفوا من على ظهر الكوكب في هذه الحقبة.

ثم ظهرت حقبة تدريب الطاقة حيث بدأت قبل 400 الف عام، أحدهم إكتشف طريقة لتمرير الطاقة داخل جسده لتقويته، و بدأ يُعلم بقية جنسه، ثم بدأت الطريقة تنتشر كالنار في الهشيم حتى وصلت لكل الأجناس.. الوثائق المُمررة لنا تقول اننا نحن البشر كنا اول من وصل لهذا الإبتكار اولاً!

لكن طبعاً هذه المعلومة مُسحت بالكامل بوساطة عمالقة نيهاري حتى يزوروا التاريخ، و يبقى هم الأسياد، و يوهموا أطفالهم أنهم جنس متفوق منذ البداية.. لكن هذا كذب!

على الأقل كان لكل الأجناس فرصة متساوية تقريباً في النصر، او الخسارة حتى بعدما بدأت حقبة تدريب الطاقة، لو كانت هنالك افضلية لجنس واحد فهو نحن البشر، لأن نظام الطاقة كان يناسبنا اكثر كنا نستخدمه لسحق اعدائنا، و كنا الجنس الوحيد الذي قمنا بتأسيس مملكتين!

… لكن كل هذا انتهى عندها ظهر مختار السماء الأول.”

 

 

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=