” ايـ .. أيها السيد، كيف يمكننا مساعدتك؟” سأل أحد البشر المكلفين بحراسة البوابة بخوف.

” أخبروا زعيم هذه المستعمرة ان جابا ابن ثاندور يريد رؤيته.” أعلن جابا.

“حاضر، حاضر، بالطبع، رجاءً تفضل بالدخول حتى اُعلم الزعيم.” انحنى البشري، و أشار لداخل المستعمرة.

لكن جابا هز رأسه. ” على زعيمكم ان يأتي لإستقبالي اولاً.”

أومئ الحارس عدة مرات بقوة، و ركض إلى داخل المستعمرة.

تاركاً العديد من البشر ينظرون نحو جابا في خوف، و نحو روبين في اهتمام، حتى صرخ عليهم جابا. ” انصرفوا!”

فركض كل واحد في إتجاه.

” هذا لم يكن له داعٍ.” قال روبين منزعجاً مما يراه.

أعطى جابا قهقه منخفضة الصوت. ” قلت أنك تريد مقابلة زعيمهم صحيح؟ زعماء مستعمرات البشر لديهم بعض الصلاحيات، و الحقوق التي تقترب من حقوق العمالقة أنفسهم، و قد يصل بعضهم إلى حد العجرفة، لن تراه بدون أن تكون شخص مهم، او تحدث كارثة تستوجب ظهوره.. و انا لا اعتقد انك تريد مني عمل كارثة هنا، صحيح؟”

تنهد روبين، و لم يقل شيئاً..

في البداية فكر أن يأتي بمفرده، و يقابله في السر، لكن هذا سيعني أنه علي التخفي، و ربما يستجوب بضع أشخاص، أو يترصد في الأرجاء لأيام حتى يجد ذلك الزعيم، و حتى حينها قد يشك زعيم المستعمرة في تصرفاته.. و على ماذا؟

لهذا وافق على إحضار جابا معه، و جعله هو الذي يطلب لقاء زعيم المستعمرة، سيخبره الكلمتين، و يرحل.

” أهلاً، أهلاً، أهلاً، سيدي، و مولاي جابا، لم احسب انه سيأتي اليوم الذي تتشرف فيه مستعمرتنا الصغيرة بزيارة معاليك، هذا الصغير أورزون يرحب بك!”

سمع روبين صوت شخص، و نظر بإتجاه المصدر، جاء رجل عجوز يرتدي ملابس ثقيلة، و جديدة تغطي جسمه كله، لديه لحية، و شارب كبيران، و لونهما أبيض كالثلج… يبدو أفضل حالاً بكثير من بقية البشر الذين رآهم روبين حتى الأن.

” وفر هذا لشخص أخر، يجب ان نتكلم..” قال جابا بجدية.

“هذا..” بدى الخوف على ملامح العجوز أورزون. ” حسناً، حسناً، رجاءً تفضل معي لخيمتي، هذا يعني ان مستعمرتنا الصغيرة ستتشرف بك لفترة اطول، هاها تعال، تعال.”

بدأ يتراجع اورزون للخلف خطوة بخطوة، و هو يشير لجابا للدخول، و كأنه لا يجرؤ على إعطاءه ظهره، و السير امامه، فقط بعد حوالي عشرون خطوة، و بعد دخول جابا، و روبين خلفه للمستعمرة إلتف العجوز لينظر امامه، لكنه أبقى على وضعية الإنحناء النصفي طوال الطريق

نظر روبين له بجانب عينه، لم يعرف ما إن كان يشعر بالحزن، او القرف…

هو يُقدر أن على البشر هنا فعل هذه الأشياء للنجاة، لكن هذا الشخص أخذ الحرفة لمستوى اخر!

لا عجب أن ملابسه، و حالته الجسدية أفضل حالاً من بقية البشر الذين رآهم، واضح انه قبَل الكثير من المؤخرات حتى يؤمن حياة افضل لنفسه.

” أحيي سيدي جابا.”

“لو إحتجتني في شيئ لا تتردد يا جينرال!”

طوال الطريق اصوات جائت من اليمين، و اليسار من عمالقة، جابا اكتفى بالنظر لهم، و الإيماء..

سواءً خروج زعيم المستعمرة بهذه اللهفة، او تحيات العمالقة المحترمة، أخبرت روبين كم كان يستخف بمدى شهرة الشخص الذي قرر إتباعه.. يبدو أن أرض البرق كلها يعترفون بمدى موهبة هذا الشخص.

ثم قام بنشر حسه الروحي في كل الإتجاهات، و اغلق عينه، و هو يمشي…

رصد حتى الان أكثر من عشرة عمالقة، و كلهم متفرقون واضح انهم لم يأتوا مع بعضهم، يمسكون بالفتيات البشريات يتحسسون أجسادهم، او يمسكون بالشباب فيقيمون عضلاتهم ليروا ما إن كان بإمكانهم العمل
واضح انهم كانوا هنا للتسوق.

أما المستعمرة نفسها فهى صغيرة، يمكن تسميتها بالقرية أنسب من كلمة مستعمرة…

أسوارها قصيرة يمكن لأي أرنب، او كلب بري القفز من فوقها، لا توجد حماية تذكر، و مع ذلك تعداد السكان حوالي 5 الاف نسمة، أكثر من نصفهم اطفال!

في بعض الخيام رصد روبين اكثر من 7 اطفال، أكبرهم بعمر الثامنة… واضح أن النساء الاتي لا يتم اخذهن كان يتم إرهاقهن بالحمل، و زيادة النسل بشكل جنوني لمضاهاة سرعة خسارة الراحلين.

“هاها تفضل، تفضل.” انحنى زعيم المستعمرة انحناءة كاملة عندما وصل لأكبر، و أنظف خيمة في المستعمرة، و أشار لجابا بالدخول، ثم أشار لبقية البشر حولهم بالإنصراف لأشغالهم.

بعدما دخل جابا، و روبين، و جلسا على وسائد على الارض، جلس أورزون أمامهم، و نظر نحو جابا بإبتسامة كبيرة. ” تفضل يا مولاي، كيف يمكن لهذا الصغير ان يساعدك؟”

“تسك~ تحشم ايها العجوز، كم عمرك؟” روبين بدأ ينزعج من نداء الرجل لنفسه بـ *هذا الصغير*، الموقف من البداية، و حتى الأن غير مريح إطلاقاً.

نظر له رئيس المستعمرة بغرابة، و كأنه اول مرة يلاحظه، ثم تكلم بشدة. ” ألم يعلم والداك ان تظل صامتاً في حضرة الأسياد ما إن لم يتم توجيه الكلام لك؟”

“هاهاها هذا ممتع، هاي يا أيها العجوز، من يريد التكلم معك هو روبين، و ليس انا.” ضحك جابا بصوت عالٍ عندما رأى روبين يتم تلقينه درساً كعبد.

“همم؟” نظر أورزون نحو العملاق بدهشة، ثم عاد لينظر نحو روبين مجدداً، هذه المرة بتفحص اكثر… لكنه لم يجد شيئ ذا أهمية.

روبين أطول من البشر العاديين بحوالي 30 سم * قدم واحدة*، نحيل نوعاً ما، و حجم عظامه، و كثافة عضلاته المنخفضة جداً، لكن تركيبته ما تزال تقول إنه أقرب للبشر من أي كائن آخر…ربما وُلد بتشوهات، او شيئ كهذا

إن كان هنالك شيئ غريب فيه هو أنه يمكنه المشي في الارجاء بهذا الجسد الهزيل، لكن هذا ليس موضوعه..

“روبين، هاه؟ اسم غريب.. إذاً، كيف يمكنني مساعدتك ايها السيد؟” سأل اورزون بأدب، و إبتسامة، حتى لو كان الشخص أمامه عبد، فحقيقة أن جابا رافقه هنا حتى يقول شيئاً فهذا يعني أن ذلك الشيئ مهم، أو أن روبين نفسه مهم…

 

 

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=