“هاا.. ها.. ها…” إلتقط روبين أنفاسه بسرعة، و هو راكع بكلتا ركبتيه، و يديه على الأرض.
لم يأكل شيئ جيد منذ أيام، و لم تتبقى قطرة طاقة واحدة في جسده، حقيقه انه ما يزال مستيقظ في حد ذاتها تدل على قوته الذهنية الحادة.
ثم نظر بعينان منكسرتين نحو العفريت، و أرسل باستخدام تقنية نقل الخواطر. “انت.. ما الذي تفعله هنا؟ ألم أخبرك أن ترجع لبيتك؟!”
في الحقيقة هذه لم تكن أول مرة يتواصل مع العفريت منذ حادثة الفرار، لكن ما حدث للتو قطعاً لم يكن مخططاً له.
روبين أعطاه أوامر منذ ذلك اليوم في المدينة أن يغادر إلى حيث يشاء، لكنه لحق به ليوم كامل بعدها، حيث رصده روبين مرتين، و صرخ عليه أن يغادر، و يرجع لعائلته، و بالفعل اختفى العفريت بعد ثاني مرة.
لكن بالتفكير في الأمر.. اول مرة رصده كان بينهما 70 متراً، و المرة التالي كان بينهما 180 متراً..
واضح انه ظل يتراجع حد إبتعد عن مدى حس روبين، و أبقى على هذه المسافة بينهما حتى اليوم.
أمال العفريت رأسه للأسفل عندما وصلته رسالة روبين، ثم إلتف عاد ماشياً نحوه..
و هو في الطريق داس على رأس القديس منخفض المستوى فساواها بالأرض، ثم اكمل حتى وصل لروبين، و وقف بجانبه في وضع إستعداد.
“هاا.. هاا.. هوووو..” اخيراً تمكن روبين من تهدئة ضربات قلبه، و سرعة تنفسه، ثم بصعوبة كبيرة تمكن من الوقوف على قدمه… ينظر بإتجاه القديس عالي المستوى.
إنتباه روبين لم يفارق ذلك الشخص منذ البداية للنهاية، هو لم يتحرك خطوة واحدة، و لم يبدو عليه أنه يستعد لأي أي هجوم، أو الدفاع عن نفسه.
قُتل اصدقائه أمامه بأبشع الطرق، لكن لم يبدو انه يهتم، هو فقط أخذ يراقب كل تحرك كبير، او صغير من روبين بصمت، و كأنه يفكر في شيئ…
لم يعلم في ماذا يفكر ذلك الشخص، لكنه قطعاً عدو، و يجب أن يموت احدهما الأن…
او على الأقل عليه قتل تلك الحشرة التي معه، و إلا سيكون في عداد الموتى حتى لو هرب.
لم يبق في هذا العالم الغريب سوى اقل من شهر، إلا انه بالفعل وصل لنقطة النظر في وجه الموت عدة مرات، و هذه قد تكون ختام الرحلة.
أخيراً مد روبين يده في جيبه، و أخرج طلسم كرة نار مستوى 25، ثم صرخ بيأس. ” لا يوجد شيئ آخر لتراقبه، لم يتبقى سوانا.. تعال!!”
رفع العملاق مطرقة الحرب خاصته من على الارض فوضعها على كتفه، ثم تكلم بنبرة هادئة. ” انت مستعجل جداً على القتال… كم ضربة من هذه المطرقة يمكنك تحملها قبل ان تُسحق؟ لا داعي للعجلة.. ما رأيك في دردشة قصيرة؟ ألديك شيئ تريد ان تسألني إياه؟”
“… هاه؟!” إستغرب روبين بشدة من كلام، و هدوء العملاق، لكنه لم يرد تفويت تلك الفرصة فقام بتفعيل تقنية تدريب طاقة الأحجار المطلقة فبدأت الطاقة تتدفق إلى قدمه بغزارة، ثم تكلم. ” من تكونون بالضبط..؟”
إبتسم العملاق عندما شعر بالطاقة التي تتدفق من الأرض إلى قدم روبين، لكنه تجاهل الموضوع، و رد. ” نحن قوات حفظ السلام الداخلي الخاصة بقبيلة البرق، يمكنك القول إننا قوات خاصة مهمتنا هى البحث عن مصادر الخطر الكبرى على أسلوب حياتنا، و القضاء عليه من جذوره.”
“قوات خاصة..؟ ماذا فعلت لتلاحقونني انا؟!” سأل روبين بإستغراب، إن كانت تلك القوات لها نفس مكانة فيلق النار فهم بالتأكيد ليسوا متفرغين لدرجة إستلام قضية مقتل أفراد من سيرك، و تضييع الوقت أمامه عليها!
” لسوء حظك ان أحد الذين قمت حضرتك بقتلهم كان عضو سابق في قوات حفظ السلام الداخلية، و إستقال بسبب إصابات داخلية عديدة و تفرغ للتنقل بذلك السيرك الصغير خاصته، طبيعي ان نثأر لموت زميلنا، و المهمة زادت أهميةً بعدما قمت حضرتك مجدداً بقتل أربعة آخرين من رجالنا.” رد العملاق بهدوء.
إجابته جعلت روبين يعقد حاجبيه. “لماذا انتم متأكدون انه انا الفاعل؟ ..و كيف إلتقطت تلك الحشرة رائحتي..؟”
“اوه، رأيت الحشرة ايضاً؟ هذا سيسهل الشرح.. هذه الحشرات يمكنه إلتقاط رائحة واحدة، و تتبع مصدرها طالما المصدر على بعد اقل من مئة ميل.. تم إطلاق عدة حشرات حيث قمت بقتل أتباعنا الاربعة، و عمال السيرك الثلاث، و قمنا بتتبع كل من فر من ذلك المكان.
لكن كان هنالك شيئ عجيب.. كلما أمسكنا احد مساجين السيرك كان يقوم بقتل نفسه عندما نبدأ إستجوابه، و نسأله من الفاعل، بدى كأنهم مرعوبين من شيئ، و الموت افضل لهم من الكلام.. إستمر هذا حتى أمسكنا بواحد منهم، و تمتم بهذه الكلمات بصوت مرتجف * عظام السمك.. ذلك البشري.. انه.. مرعب* ثم فعل كبقية اصحابه، و انتحر.
و ها نحن ذا.. تم طلبي للإنضمام لفريق البحث عنك، و تم وضع رأسك ايها السيد البشري عظام السمك على رأس لائحة المطلوبين، و أهداف حفظة السلام دائماً ما يموتوا بلا إستثناء.”
” انا لا احب.. هذا المصطلح.” ملامح الغضب ظهرت على روبين عندما سمع مصطلح عظام السمك مجدداً، و قام بإدخال الطاقة التي تمكن من سحبها خلال هذه الدقائق إلى الطلسم في يده فأصبح جاهز للإطلاق في أي ثانية، العفريت بجانبه أيضاً فتح فمه، و بدأ يمزجر مستعداً للإندفاع.
” مهلاً مهلاً..” رفع العملاق يده اليسرى، و أشار لروبين ان يهدأ. ” انت سألتني، و جاوبتك بصراحة، ألا يحق لي بضع اسئلة ايضاً؟”
إستغرب روبين من كلامه، لكنه رد. ” إسأل..” كل ثانية زيادة في هذه المحادثة تعطيه فرصة اكبر لإستعادة قوته، و التفكير في إستراتيجيات.
” انت لست من هذا العالم، من تكون؟ ” سأل العملاق بشكل مباشر.