الصيحة المدوية افزعت كل المساجين، و حتى جذب إنتباه العمالقة، لكن الكائن القرمزي لم يبدي أي ردة فعل على الإطلاق..

تنهدت لوري، و هزت رأسها. ” أخبرتك ان لا تعره إنتباهاً، العفاريت لا يسمعوا، ولا يروا، ولا يهتموا لردود، و مشاعر اي كائن اخر، التواصل معهم مستحيل..”

“هاا.. هاا.. هاا..” لهث روبين بقوة بعد صيحته التي اخذت جزء كبير من طاقته، كل شيئ فيه يصرخ عليه بأن يقوم، و يقتل ذلك الشيئ المستفز!!

ثم نظر للوري، و سأل. ” كيف لجنس حي ان لا يسمع، ولا يرى بالكامل؟ كيف يعيش إذاً؟ هذا مستحيل!”

” هذه الحقيقة… أترى تلك الخياشيم الكبيرة على رقبته؟ هذه انفه، و هى ايضاً حياته كلها..” قالت لوري، ثم اكملت الشرح. ” أنوف العفاريت حساسة، و قوية جداً لدرجة انه *يرى* شكل أجسادنا الان بدقة بحساب عدد الثغرات التي يخرج منها العرق من جلدك! و هو ينظر لك الان هو يرى هالة حمراء بشكل جسدك بالتحديد، و لسببٍ ما واضح انهم يحب رائحتك أكثر من أي أحد اخر..

العفاريت يقومون بالتواصل فيما بينهم عبر روائح معينة تخرج من خياشيمهم، لكنها أوامر تواصل بسيطة جداً، مثل: خطر ، هجوم ، تراجع… أشياء كهذه يعني.

و هم لا يعرفون في حياتهم شيئ سوى التكاثر، و الصيد، انهم يتكاثرون بشكل سريع جداً، و اطفالهم يكبرون بسرعة، أما حياتهم فيما دون ذلك هى عبارة عن تشكيل مجموعات لمهاجمة طرائدهم، خاصةً الكائنات الذكية الاخرى!”

“يتكاثرون بشكل سريع؟!” ذهُل روبين من هذه المعلومة، علماً بأن هذه المعلومة جائت من البشر الذي يعتبروا من اسرع الكائنات تكاثرا، إذاً ماذا عن هؤلاء؟

ثم اكمل سؤاله. ” لو هنالك جنس يتكاثر بالسرعة التي تصفيها، و لديهم أعضاء بهذه القوة…” اشار روبين نحو الكائن القرمزي الذي يملك قوة قديس متوسط، “يبدو ان حقبة عمالقة نيهاري على وشك الإنتهاء!”

“كيكيكي.” احد السجناء ضحك. ” أنهم مجرد حثالة اغبياء، يشتغلون كعمال نظافة، و هم لا يعرفون حتى!”

نظر روبين للسجين، و ضيق عيناه، يبدو ان ذلك الشخص لم يكن خائف من الكلام مثل لوري.

“… عمالقة نيهاري لا يتكاثروا بسرعة، نسائهم لا يحبون فكرة ممارسة الجنس، و يفضلون الذهاب للمعارك على الاعتناء بالأطفال، لهذا توجب عليهم عمل موازنة لتعداد بقية الكائنات، و إلا إزدادوا عدداً لدرجة تضعهم في خطر..” تكلم السجين بصوت منخفض، ثم اكمل.

” العفاريت يحبون اصطياد الكائنات الذكية التي فيها نسل الدم العتيق المشترك، مثل البشر، و عمالقة نيهاري، و انصاف الضفادع، و غيرنا… فأكل لحومنا تزيد قوتهم، أنهم لا يتدربون على شيئ، او يولدوا اقوياء بل اكل لحم الكائنات الذكية هو ما يوصلهم لهذه القوة، ذلك الشيئ أمامك على الارجح أكل مئات الكائنات الذكية حتى وصل لقوته..

وعمالقة نيهاري تُسهل لهم هذا، حيث يقومون بإستدراجهم لجوار مستعمرات الكائنات الذكية الاخرى، و يعدون لهم أعشاش مناسبة حتى يعملوا ككائنات مفترسة للحد من زيادة اعداد سكان هذه المنطقة..

و عندما تصل إعداد سكان المنطقة للعدد المثالي الذي يريده العمالقة يُقومون بالقبض على العفاريت مجدداً، و ينتظروا بضع سنوات قبل إطلاقهم مجدداً في نفس المكان، او يرسلوهم لمكان اخر لتنظيفه.”

” بحق الـ…” صدر روبين قُبض مجدداً عند سماع هذا، العمالقة ببساطة لا يرون بقية الكائنات الحية ككائنات اساساً، هذا مصير لا يرضاه للحشرات!

“غير صحيح، هم لا يفعلون هذا لأنهم خائفين منا بل يسدون لنا خدمة حتى لا نتضور جوعاً بسبب اعدادنا الكبيرة!” تكلمت لوري بحُرقة.

روبين هز رأسه عند سماعها، رأس هذه الفتاة غُسلت بشكل بشع، لكن على الارجح كبارها فعلوا هذا لحمايتها..

سؤال خطر في رأس روبين فجأة، و سأل لوري. ” لكن أعداد العفاريت أنفسها…”

إن كانوا فعلاً يتكاثرون بسرعة، و اطفالهم يكبرون بسرعة، و يحصلون على هذا النوع من المعاملة التفضيلية، و يحصلون على الكثير من الطعام، إذاً هم الجنس الاكثر خطراً على عمالقة نيهاري!

قبل ان تجيب لوري تدخل ذلك السجين مجدداً. ” اعرف ما تفكر به يا اخ، لكنك تغفل عن شيئ.. أنوف تلك الكائنات الغبية هى أكبر اسلحتهم، لكنها ايضاً اسوأ مصائبهم”

فتح روبين عينيه كأنه فهم شيئاً، لكنه ترك السجين يُكمل كلامه. ” هنالك تركيبة أعشاب إبتكرها مُختار السماء الاول، و هى الان بحوزة كل القوى الكبرى من جنس عمالقة نيهاري، تلك التركيبة إن دهنت بها جسدك تخفي رائحتك تماماً.. ببساطة يمكنك ان ترقص ساعتين امام عفريت، و لن يعرف انك تقف امامه!

هنالك عمالقة مُخصصين للتعامل مع العفاريت، حيث يستخدمون هذه التركيبة لدخول أعشاشهم، و قتل أبنائهم بين كل حين واخر، ثم يخرجون يتمشون، و كأنهم في نزهة… ولابد ان تلك الكائنات الغبية تعتقد ان أولادهم يموتون ميتة طبيعية هاهاها.”

نظر روبين للسجين نظرة مطولة. ” يبدو انك لا تحب العفاريت كثيراً..”

” دعني اراك تحبهم إن رأيتهم يأكلوا عائلتك أمام عينك.” تكلم السجين بحقد دفين.

” يكفي! يكفي كلام في شؤون الأسياد!!” حذرت لوري، و بدى على وجهها الخوف الشديد.

” هاي.. من هو مختار السماء الاول ذلك؟!” تذكر روبين شيئ، و سأل السجين، متجاهلاً تحذيرات لوري.

“انه مجرد إبن عاهرة قام بـ–” لم يكد السجين ان يُكمل كلامه إلا، و بيد دخلت السياج، و امسكت رأسه.

*بووووش*

تناثرت الدماء، و اللحم في كل مكان، و اختفى رأسه السجين..

” انت تتكلم كثيراً.. يا عظام السمك..”

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=