“اااه!! كارا توي! كارا توي!!” صرخت الفتاة بفزع، ثم ركضت لنفس الإتجاه الذي جائت منه.
” لا لا توقفي! انا لا اعض!!” حاول روبين تهدئتها، لكنها غابت عن الانظار بالفعل. ” ارغغ.. فاتت فرصتي الذهبية للجلوس..”
ظهر روبين آلمه كثيراً من النوم على هذه الارض الصلبة طوال ايام خصيصاً، و ان هنالك قوة كبيرة ما تزال تضغط عليه للأسفل، مع انه لم يكون مولع بفكرة لقاء السكان الأصليين في هذه الحالة، إلا ان فكرة ان يساعده أحدهم، و يسنده على جزع الشجرة مغرية جداً!
“هيييه~ لا يهم إذاً..” قال روبين، ثم عاد للنظر ليكمل من حيث إنتهى.
خلال البعض أيام هذه إلتئمت جروحة بنسبه معقولة، و تمكن من إيجاد حوالي 30% من نمط الدرجة الاولى لقانون الجاذبية الرئيسي، لكن ما يزال امامه مشوار طويل…
بينما كان على وشك تفعيل عين الحقيقة مجدداً سمع صوت يقترب. ” سار سار، كارا توي سي فال، سار سار!!”
كان صوت الفتاة التي هربت للتو، لكنها لم تكن وحدها هذه المرة..
اذن روبين التي تكاد تلامس الأرض سمعت اصوات *باا باا باا باا*. بدت و كأنها أصوات أقدام بشر، لكنها كانت أثقل بكثير، و المسافة بين كل خطوة، و خطوة ابعد!
*بلع*
* أتسائل لو كان أحدهم سيوافق على مساعدتي في الجلوس..* حاول روبين البقاء إيجابياً قدر الإمكان، و لو ان قلبه كاد ينفجر من شدة الخوف..
بعد بضع ثوان ظهرت الفتاة مجدداً من نفس الجهة، ثم اشارت نحوه، و نظرت خلفها ثم صاحت. ” سار سار!!”
“هااااا..” صوت مُنزعج جاء من وراء الشجيرات، ثم خرج شخص ليقف بجوار الفتاة.
“أهذا.. إنسان..؟” تمتم روبين بصوت منخفض، و هو ينظر ببطئ للشخص الذي ظهر للتو من اسفل إلى اعلى، بدى، و كأنه لم يصل لرؤية وجهه ابداً..
طول ذلك الشخص كان على الاقل 2.7 متر * حوالي تسعة اقدام*، لا يرتدي شيئاً سوى سروال طويل، اما الجزء العلوي فلا يوجد شيئ يغطيه سوى حزام من جلد وحش، و الباقي مُغطى بأوشام غريبة، عضلات جسده الظاهرة، تبدو و كأنها منحوتة من الصخر!
ملامحه قاسية، و لونه مائل أكثر للون الأزرق منه للقمحي، لكنه ما يزال يعتبر بشري بشكل عام. “أهذا هو حارس الغابة، او شيئ كهذا؟” فكر روبين.
لم يكد روبين ينهي صدمته من هذا *الوحش* الذي يراه، إلا، و بواحد آخر بنفس المواصفات تقريباً خرج من وراء الشجيرات، مما جعل عقل روبين يتوقف عن العمل للحظة!!
“هيهيهي، كارا توي، ها؟” ضحك أحد العملاقين، و صفع الفتاة على ظهر رأسه قبل ان يشير نحو روبين. ” مي سوت راتي —”
روبين عقد حاجبه.. هو لم يفهم شيئاً واحداً مما قيل
فلأن القارة التي وُلد فيها كانوا في صراع، و حروب دائمة لآلاف السنين، و الأراضي، و السكان انتقلوا من مملكة لمملكة تقريباً كل بعض سنوات، نشئت لغة عامة تجمع من مميزات كل اللغات القبلية القديمة، و انتشرت بسرعة مع الحروب لتكون لغة رسمية للجميع.
لذلك الجميع تقريبا في عالمه يتحدثون نفس اللغة بإستثناء اللهجة، او بضع كلمات متغيرة، هذه كانت اول مرة يواجه فيها حاجز اللغة!
لكن شيئ واحد مؤكد، ذلك العملاق لم يكن مسرور برؤيته، واضح انه كان يسخر من الفتاة لسببٍ ما..
” صوي هيرا كارا توي!!” ثم صدم العملاق على صدره، و اخرج خنجر من خصره، خنجر كان كبير بما يكفي ليكون سيف بالنسبة لروبين!
ثم بدأ يتقدم نحو روبين، و هو يضحك.
“هاا!!” فزع روبين من المشهد، و رفع رأسه ليرى ما يحدث بالضبط، ثم أمسك بالطلسم بكل قوته مستعداً لإستخدامه في أي وقت.
طلسم كرة نار من المستوى 25 سيتمكن بالتأكيد من أحداث أضرار كبيرة في الشخص الذي يحمل الخنجر، لكن ماذا عن الشخص الاخر؟
هالته، و قوته الجسدية تقولان انه قطعاً مساوٍ، او اقوى من المستوى 25، و لن يكون لديه وقت لإمطاره بالطلاسم.. ذلك الشخص سيقضي عليه فوراً لو جرب إطلاق اول طلسم!
سواءً ضرب، او لم يضرب.. هو في جميع الحالات ميت.
“صت!” العملاق الاخر أشار لصاحبه بالتوقف عن الكلام، ثم نظر نحو روبين بعينان جادتان، و تكلم ببطئ. ” ميني خوت رات كيري.”
“همم؟” توقف العملاق الاخر، و نظر نحو روبين بجدية أيضاً، ثم صاح متحمساً. ” هواااا خينتي كونسو!!! هاهاها.”
بدى العملاق، و كأنه يحتفل لسببٍ ما، ثم وضع الخنجر في الغمد.
لم يعرف روبين ما يحدث، لكن اياً كان ما هو فهو جيد طالما لا يتضمن إستعمال ذلك الخنجر!
قبل ان يحاول إستنتاج اي شيئ، تقدم العملاق مجدداً نحوه، ثم حمله على كتفه كأنه طفل رضيع، و أشار للفتاة، و العملاق الاخر برأسه. ” هواف شوباه!”
ثم بدأ الثلاثة يرجعون مشياً للطريق الذي جاؤوا منه، مبتسمين، فرحين..
فرحين، و كأنهم وجدوا كنزاً، او طعاماً كافياً لأسابيع…
شعر روبين بقلبه ينقبض بالتفكير في الاشياء التي قد يفعلها به أولائك العمالقة، لكنه لم يكن بوسعه شيئ، فإكتفى بإخبار الطلسم داخل قبضة يده، و إغلاق عينه لبقية الطريق…