“اااااااااااااااااااه… اااااه.. اه.” تباطأت صرخات قيصر حتى توقف تماماً، و سقط على وجهه، لكن هذه المرة الدماء لم تسيل من كل فُتحات وجهه بكثرة كالعادة، و عيناه ما تزال مفتوحتان، و ليس مغشياً عليه كما كل مرة..

“هممم قدرة تحملك اصبحت افضل بكثير، مبارك عليك أساساتك الجديدة يا ولد!” قهقه روبين، و ربت على كتف قيصر، ثم نظر لأفراد فيلق النار الواقفين. “خذوه لبيته ليستريح.”

… بعد مغادرة الجميع لم يتبقى سوى ميلا معه في الغرفة التي شعر بنظرتها عليها، لكنه خشى ان يبادلها النظرة.

فهو كان يعرف ما تفكر فيه، لم يتبقى شيئ يربطه بهذا المكان بعد الان، لو شاء يمكنه المغادرة فوراً!

بعد بضع ثوانٍ أخيراً نظر نحوها نظرة مطولة، ثم تحرك نحوها، و ضمها إلى حضنه برفق، ثم قبل رأسها. ” سأدخل لعُزلة للتحدث مع المستبصر، و لتحضير خطة العمل الفترة القادمة.”

“خطة عمل؟ روبين.. إياك ان ترحل بدون ان تودعني..”

“همم؟ و كيف اقدر؟ هاها لا تقلقي، بعد قليل ستجديني واقف امامك مجدداً، حسناً؟” ضحك روبين ضحكة مصطنعة، و ربت على شعرها.

“إنن..” أومئت ميلا برفق، ثم شاهدته، و هو ينزل الدرج نحو خلوته..

————————

*سووش سوش سوش*

نقاط مُنيرة بدأت تخرج من رأس روبين، و تجمعت على هيئة هيكل من الضوء. ” اخيراً قمت بإستدعائي.. هل انت جاهز الأن؟”

“…اجل” رد روبين ممتعضاً.

عقد المستبصر حاجبه. ” ما خطب هذا الرد المُحبط؟ ألم تجد شيئ يشجعك كما نصحتك اخر مرة ام ماذا؟”

إبتسم روبين. ” في الحقيقة انا تزوجت تلك الفتاة التي تكلمنا هنا، حالتي النفسية تحسنت كثيراً منذ اخر مرة..”

” لا ارى هذا!” شخر المستبصر، ثم اكمل. ” إسمع، هذه مهمة شديدة الأهمية، و الخطورة، و اعتقد أنك مدرك جيداً لهذا، اعرف انك لست مولع بفكرة الذهاب، لكن على الاقل اضحك على نفسك، و أعطها بعض المعنويات بدلاً من ان تموت لحظة وصولك لنيهاري… و إن كنت رافض الذهاب تماماً فلا يهم، سأجد أحد اخر!”

هز روبين يده سريعاً. “لا، لا، ليس هذا.. في الحقيقة بدأت أتحمس للمغادرة منذ فترة، لم يعد لدي شيئ افعله هنا، و الحياة يمكن أن يقال انها اصبحت مملة، رؤية عالم اخرى، و خوض تحدي جديد لا تبدو فكرة سيئة ابداً، لكن..”

“لكن ماذا..؟” ضيق هيكل الضوء عينيه.

” لدي شعور.. سيئ..” تكلم روبين ببطئ.

” شعور؟! أوصفه لي.” فتح المستبصر عينه على اخرهما.

” لا اعلم.. شعور سيئ إتجاه شيئ اخر معين، عندما افكر فيه أشعر بإنقباض في قلبي، اشعر، و كأن شخص يخنقني!” وضع روبين يده على قلبه، ثم اكمل. ” اخر مرة خالني هذا الشعور كان قبل مغادرة قيصر نحو دورة الممالك الثمانية، بعدها مباشرةً حدثت عدة محاولات لقتله، و حتى شقيقي خان العائلة ليوقع به.. لولا الطلاسم عالية المستوى، و الترتيبات التي أجريتها مع ميلا مسبقاً لحمايته بسبب هذا الشعور، لعاد لي جثة هامدة..”

“…مثير للإهتمام.. مثير جداً..” رفع المستبصر يده تحت ذقنه، و اخذ يُتمتم.

” ما هو المثير بالضبط؟!” إستغرب روبين، ماذا قد يثير إهتمام شخص كهذا؟!

“هممم منذ اخذت اول فرصة لمغادرة كوكبي قبل عدد لا يحصى من السنين، و انا كنت اقفز من كوكب لأخر محاولاً فهم مساري الجديد اكثر، فلم تكن توجد أي مخطوطات، او علوم سابقة عن هذا المسار في كوكبي…بعد التحرك لعدة كواكب، و البحث عن أثار مُستخدمي هذا المسار القليلين في كل كوكب، ذات مرة بعد آلاف السنين منذ بدأ رحلتي قرأت في أحد كتب التاريخ في أحد العوالم المتوسطة ان شخصاً عاش في ذاك الكوكب ذات يوم فإبتكر الكثير من التقنيات، و النقوش، و خُلدت ذكرياته هو بالتأكيد كان دارس لمسار الحقيقة! لسوء حظي لم اتمكن من ايجاد اي شيئ تركه عن المسار قد يفيدني، لكني قرأت شيئ حيرني.. قيل انه كان بإمكانه حفظ أي تقنية بمجرد النظر!”

“حفظ اي تقنية بمجرد النظر..؟” إندهش روبين، و ردد الكلمات ببطئ.

” اجل! غريب، ها؟” ثم اكمل المستبصر. ” كنت أعتقد ان كتاب التاريخ ذلك يبالغ في تمجيد ذلك الشخص، لكن قرأت عن حياته من مصادر، عدة و جميعهم أكدوا هذه المعلومة، لُقب بالناسخ، حتى ان بعض كتب التاريخ شرحت مواقف إستطاع فيها نسخ تقنيات لأعداءه ظلت سرية لآلاف سنين!”

“لكن هذا صعب جداً حتى على مسار الحقيقة، يجب ان اتفقد القانون نفسه، و ارى مخطوطة التقنية و.. لحظة.. انت تقصد..؟” و كأن روبين إستوعب شيئاً فتوقف في نصف الكلام فجأة.

” انا لا اقصد شيئاً، قد تكون مجرد اوهام في رأسي، و رأسك..” هز المستبصر دماغه مغمض العينين، ثم فتحهما فجأة. ” و قد لا تكون..! سأخبرك بما اعرفه عن هذا فقط… أثناء ترحالي وجدت أشخاص آخرين يستخدمون مسار الحقيقة كتب التاريخ عنهم تفاصيل لم اكن استطيع انا القيام بها، حاولت كثيراً دراسة هذه المواضيع لعلي اجد خيطاً اقوي به نفسي لكن لم اُفلح.. في النهاية توقفت، عندما علمت انه انا ايضاً لدي خِصلة لم تكن عند أحد ممن قرأت عنهم..”

” أأنت تقول ان لكل سيد حقيقة موهبة معينة يختص بها عن غيره؟!” وقف روبين، و عيناه مفتوحتان على مصرعيهما، هذه كانت اخبار هائلة!

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
13
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x