غرق روبين في تفكيره لبعض دقائق، حواجبه مُعقدة و رأسه على كفيه..

أكلام الإله المستبصر صحيح؟ هل أحَب ميلا فعلاً..؟

لا مجال للشك انه يكن لها مشاعر اكثر من النساء العاديين، و هذه المشاعر تعمقت اكثر فأكثر خلال السنوات التي قضتها في يورا، لكن.. حب؟

هذا لم يخطر على بال روبين للحظة، فكرته عن نفسه انه شخص عملي يسعى لهدفه فقط، الوقوع في حب امرأة بالتأكيد لم يكن احد اهدافه…

“….” هيكل النور ظل يحدق بروبين من الجانب طوال الوقت، و في الاخير تكلم. ” حسناً يبدو ان هذا سيأخذ وقتاً، تابع انت جلستك الوجودية، و انا سأغادر.”

” انتظر!! …حتى لو أردت إستعادة تلك الفتاة، أيمكنني هذا؟ بعد شهور قليلة انا ذاهب في مهمة سأتأخر فيها لعقود، و قد لا ارجع أساساً…” وقف روبين بسرعة، و سأل.

نظر هيكل الضوء عميقاً في نظر عينا روبين، بدى، و كأنه يريد تأكيد على إجابة هو يتوق لسماعها بشدة، فتنهد المستبصر. ” على اخر الزمن أعطي نصائح رومانسية.. هيه~ إسمع.. طالما تُكن لها هذه المشاعر فإذهب، و أخبرها بظروفك، و دعها تقرر بنفسها، على الاقل إن رفَضتك فـ ستنساها تدريجياً لأنها هى من قررت الإبتعاد عنك، و سيتوقف الشعور بالندم الذي يملؤك، اُجزم ان عندها لن يكون لديك مشاكل مع النوم مع العاهرات مجدداً.”

“الشعور.. بالندم..؟” نظر روبين للأرض لبعض ثوانٍ، ثم واجه هيكل الضوء مجدداً. ” أيمكنني جلبها معها لكوكب نيهارى؟ بغض النظر عن إحتياجي لوجودها جنبي، انها قوية، و يمكنها حمايتي حتى اصبح اقوى.. لدي ما يكفي من الذهب لشراء المزيد من احجار الطاقة لنقل شخص، او اثنان آخران معي.”

“أهى جميلة؟” سأل المستبصر.

“بالطبع! انها الفتاة الاجمل في المملكة بالتأكيد.” قال روبين مع القليل من الفخر.

“إذاً لا.” اعطى المستبصر رد قاطع.

“بحق الـ..؟” إستغرب روبين من الرد.

“عمالقة نيهارى كائنات شديدة الشهوانية، لو رأوا فتاة جميلة، و ضئيلة الحجم مثلها فسيغتصبوها، كلامي ليس تفكيراً في اسوأ الظروف، بل هذا ما سيحدث ببساطة، قوتها لن تنفعها بشيئ هناك.”

” عمالقة نيهارى..؟ و ماذا تقصد بضئيلة الحجم، انها تقريباً في مثل طولي!” كمية المعلومات في تلك الجملة اغلقت مخ روبين.

” انت ايضاً ضئيل الحجم بالنسبة لما ستقابله هناك! ستعرف كل شيئ عندما تنتقل، لا تأخذ نساء، ولا تأخذ احد لحمايتك لأنهم سيحتاجون للحماية، هذه المهمة تحتاج للقدرة على التكيف، و على الذكاء، و حتى تحمل الإهانة، لو اردت يمكنك اخذ شخص تريد تدريبه، ولا تخاف على سلامته.. إلى اللقاء حالياً.”

قال المستبصر ما لديه، و لم ينتظر رد اخر، تبدد جسده، و دخل رأس روبين بسرعة.

جلس روبين مكانه لبعض دقائق يحاول تقليب ما حدث للتو في رأسه، ثم وقف فجأة، و توجه نحو قصره بنظر حزم على جبينه.. كان واضح انه حزم قراره.

بعد عشرة أيام اخرين–

خرج روبين من القصر اخبر، و احد الحراس. ” جهزوا لي اسرع وسيلة نقل ممكنة للسفر نحو مدينة لؤلؤة برادلي فوراً!”

روبين كان يتابع اخبار ميلا بالفعل كلما أتيحت الفرصة، فيسأل بيلي، او احد فرسان فيلق النار عن مكانها، او حالها، حتى ان بيلي قام بتعيين جزء من فريق الإستخبارات ليتابع تحركاتها عن كثب.

و منذ 3 اشهر، عادت ميلا مع والدها إلى مدينة لؤلؤة برادلي.

الوضع إستتب في أراضيهم الجديدة بالفعل، و وفرة القديسين في العائلة أتاحت للبطريرك، و إبنته رفاهية العودة للعاصمة، و العيش بترف كما كانوا، و ايضاً ليشرف جالان على كل أراضيه من عاصمته…

حان الوقت الوقت للقاء ميلا مجدداً.

———————————————–

بعد 5 ايام… مدينة لؤلؤة برادلي…

“هاهاها، زوج ابنتي العزيز، لم أصدق عندما تم إخباري انه تم رصدك بالقرب من المدينة، لماذا لم تعطنا تحذير مسبق لنستقبلك بشكل افضل؟” فتح جالان ذراعيه امام البوابة، و ضحك بصوت عالٍ.

قفز روبين من عربته التي تجرها احصنة الحرب مُعقد الحاجبين، و تمتم. ” زوج.. إبنتك..؟”

“ماذا؟ ألا تحب هذه الطريقة في المناداة؟” سأل جالان مستغرباً.

” لا لا، انها جيدة… كيف حالك يا حماي؟” وضع روبين إبتسامة على وجهه، و تقدم نحو جالان ماداً يداه ليصافحه.

لكن جالان فتحه ذراعيه، و احتضنه حضن قوي كاد يكسر أضلاعه، قبل ان يتركه اخيراً، و يسأل. ” لماذا انت هنا؟ صفقة جديدة..؟ ام تزور خطيبتك التي نسيتها؟”

“اممم..” لم يرد روبين مباشرةً بل اكتفى بالتأكد من أن كل عظامه سليمة، ثم اكمل. ” من قد ينسى ميلا؟ انا فقط كنت مشغول بعض الشيئ، و انا هنا لزيارتها بالفعل، اين هى؟ لماذا لم تأتي معك.. أهى غاضبة؟”

“هاها جيد! لابد انها في قصرها، انها لم تخرج سوى مرة، او اثنتين منذ عدنا للمدينة، و كان هذا لجلب موارد خام لصنع ألواح القسم التي طلبتهم منها، اوه، شكراً على سماحك لها بالمناسبة..”

” لا مشكلة ابداً، نحن أهل، ألسنا كذلك؟ حسناً أستحميك عذراً الأن، سأذهب لزيارة ميلا.”

أومئ جالان. ” لا بأس.” ثم نظره بجانبه. ” براون، إصطحب روبين حتى داخل قصر تلك الفتاة، و تأكد ان تعلمها بقدومه.”

“طبعاً طبعاً..” تقدم القديس براون بعض خطوات. ” تفضل معي يا.. معاليك.”

“هاها لا داعي لهذا عمي براون، لولا شهادتك بالحق ذلك اليوم لربما ما كنت سأكون هنا اليوم، فقط نادني روبين… و هيا، دعنا نذهب لميلا..”

—————————-

بعد ساعتين — داخل قصر ميلا.

” لم اصدق عندما أخبروني ان معاليه روبين قد جاء لزيارة هذه الفتاة الصغيرة، لماذا أدين لهذه الزيارة؟” دخلت ميلا غرفة الإستقبال، و تكلمت، لم يوجد في الغرفة سوى روبين..

روبين إلتفت بسرعة نحو مصدر الصوت، و نظر لها من الأعلى للأسفل ببطئ… ” حقاً؟ تركتني ساعتين انتظرك من اجلك هذا؟”

ميلا كانت ببساطة تبدو خلابة..

مجوهرات زينة، و مستحضرات تجميل، و ملابس فاخرة، لا شيئ مثير هذه المرة، مُجرد جُمال صافٍ، و كأنه تستعد لحفل لن يحضره سوى ملوك العالم..

هذه اول مرة يرى فيها ميلا بكامل أناقتها.. كانت ببساطة تبدو كرسمة لجنية خرجت من لوحة مبالغ في جمالها.

” ماذا؟ ألا يعجبك مظهري؟” لفت ميلا حول نفسها، وضحكت.

” كيف لا يعجبني.. حتى هذه اللحظة لم أتوقع ان يزداد جمالك جمالاً…”

توقفت ميلا عن الدوران، و نظرت لروبين بإبتسامة مرحة. ” اووه..؟ لوح الثلج يمكنه قول كلام جميل كبقية البشر؟”

” هيهي إن لم تجعلي انتي لوح الثلج ينطق، فمن يستطيع؟” قهقه روبين بصوت منخفض، ثم أشار لكرسي بجانبه. ” تعالي، لدينا حوار طويل لننتهي منه اليوم..”

 

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=