“هممم هناك.” أشار هيكل من الضوء نحو احد النقوش على البوابة. ” هذا الشكل يجب ان يكون أضيق بعض الشئ، و… هناك! أعد رسم ذلك النقش بالكامل، و…”
كعادته، بعد كل اسبوع تقريباً من العمل، يقوم روبين بإستدعاء المستبصر لتقييم التطورات حتى اللحظة ، حتى ينتقل للخطوة التالية بثبات، و يكون كل شيئ قام به في وضع مثالي.. و اليوم كان أحد تلك الايام.
“تمام.. تمام..” اخذ روبين يهز رأسه، و يحفر كل شيئ يشير له المستبصر في ذاكرته.
بعد حوالي دقيقتين، من الإشارة في الأرجاء، نظر المستصبر نحو روبين بجانبه عينه، و أشار نحوه. ” و هنا ايضاً.. هنالك شيئ يجب ان يتعدل.”
نظر روبين للأسفل نحو صدره، ثم نظر نحو هيكل الضوء بإستغراب. ” …هاه؟”
” ما هذه الهالة السلبية حولك؟ ..أأنت بخير؟” لف هيكل الضوء جسده ليواجه روبين، و تكلم بشكل جاد.
” انا؟ ها.. هاها بالطبع انا بخير، انا ممتاز…” ضرب روبين على صدره، و اعلن.
نظر له الهيكل مطولاً، و قال. ” انا لا ادعى *المستبصر* من فراغ، كل شيئ نفعله سيكون بلا فائدة ان لم تكن في افضل حالاتك، سأعيد السؤال… أأنت بخير؟”
“… هيه~ لا اعلم..” وجد روبين لنفسه كرسي، و وضع ذقنه على يديه، ثم اكمل. “قضيت معظم حياتي في عُزلة كاملة بلا مشاكل، حتى بعد عودتي لعائلة بورتون قضيت جُل وقتي هنا في عزلة ايضاً، لإبتكار شيئ، او لإيجاد حلول، او للتدريب… لا اعلم لماذا أصبحت العُزلة ثقيلة علي فجأة.”
“الإنعزال هو طريق العظماء، سواءً للتدريب، او التخطيط، او الإبتكار، لن تجد عبقري *إجتماعي* يجلس مع هذا، و يشرب النبيذ مع ذاك، و يدير الأعمال، و يجد لنفسه اصدقاء… و واضح انك تفهم هذا جيداً، و واضح ايضاً انك لا مشكلة لديك مع العزلة بما انك قضيت معظم حياتك القصيرة فيها.
الخدعة يا صديقي الصغير هى في كيفية التنفيس عن حاجياتك الإنسانية بعد فترات العمل الطويلة تلك… لا تفهمني بشكل خاطئ، انا لا اتكلم عن هدفك الأساسي، بل عن تلك الاشياء الصغيرة التي تجلب الإبتسامة إلى الشفتين بين الحين، و الاخر.
هنالك من يجد الرضا في رؤية الدماء، و بدأ مذابح، و هنالك من يراه في حماية الابرياء، و سماع كلمات الشكر، و هنالك من يراه في النساء فيصنعون حريم كبير، و هنالك الكثير من الامثلة الاخرى… السؤال هو، أيهم انت؟”
“… لا اعرف، لا فارق عندي في موضوع الدماء سواء رأيتها، او لا، لا اهتم لموضوع الحماية ايضاً كنت أفعالها كثيراً خلال سنواتي الاولى في الكهف، لكنها كانت مجرد عبئ سخيف، في الحقيقة بقوتي الحالية انا قد احتاج حماية ابنائي لي اساساً، و بالنسبة للنساء… هذا قد يكون صعباً..” حك روبين رأسه.
“صعب؟ لماذا قد يكون صعباً..؟” سأل المستبصر مستغرباً.
“… هيه~ ليس، و كأنك ستشي بي، حسناً.. لقد ذهبت لحانة مرتين، و جربت فعلها مع إمرأتين مختلفتين، لكنه.. لم يستجب..” خفض روبين رأسه.
” هو..؟ اوه!” بدى المستبصر، و كأنه فهم شيئاً. ” إحم.. لا بأس.. يمكنك صنع حريم من الرجال كما تعلم، من يمكنه ان يستهزئ بك طالما تمتلك القوة؟ قم أعلن ميولك بشجاعة، و-”
“خخخ إلى اين ذهب تفكيرك يا هذا؟! انا احب النساء!! ” صاح روبين بسرعة، ثم جلس مكانه، و أكمل. ” …كنت ازور الحانات، و بيوت الدعارة بإستمرار في سنوات شبابي، انا متأكد اني أميل للنساء! لكن عندما جربت الذهاب هناك مجدداً وجدت ان الموضوع مقرف.. لم استطع إجبار نفسي على فعلها..”
“هممم.. من تشتريهم بمالك يمكنهن إشباعك جسدياً، لكن ليس معنوياً، العاهرات يفقدن أي ميزة عندما تأتي حبيبة القلب.” اومئ هيكل الضوء.
“حبيبة القلب؟ عن ماذا تتحدث..؟” إستغرب روبين، لكن صورة معينة ظهرت في رأسه بوضوح.
“هنالك إحتمالين لحادثة الحانة لا ثالث لهما، إما ان ميولك تغيرت، و يجب ان تُجرب حظك مع الرجال، او انك تفكر بإستمرار في امرأة اخرى، ولا تطيق ان تتصرف بحميمية مع غيرها… و صدقني انا ايضاً ارجو من كل قلبي ان يكون الخيار الثاني هو الصحيح.”
نظرة معقدة ظهرت على وجه روبين، ثم شاح بوجهه نحو اليسار، و غرق افكاره…
” فيو~ يبدو ان الخيار الثاني هو الصحيح إذاً.” تكلم المستبصر مازحاً. ” اين هى؟ لماذا لا تذهب إليها مباشرةً، و تحاول تعويضها بالعاهرات بدلاً من ذلك؟ أهى.. ماتت؟”
“….” ظل روبين صامتاً لبعض ثوان، ثم تكلم . ” انها بخير، تركتني لأني لا اهتم بها… ”
” هاهاها النساء، هاه؟ كلهن كذلك، انا ايضاً وقعت في مأزق مشابه مع زوجتي رقم 109 … هيه~ ايام..” إنفجر المستبصر ضحكاً.
تجاهل روبين ضحكات هيكل الضوء، و عقد حاجبه، الآن فقط واجه الواقع… لا مجال للشك أنه تخطر في رأسه كثيراً بالفعل، حتى في وراء الغرف المغلقة في الحانات كان يقارن أجساد النساء امامه بجسد ميلا، و جمالهم بجمالها، لكنه كان يعتقد أنه شيئ عادي بما انها اجمل إمرأة يراها… لكن لدرجة انه لم يعد يستطع ممارسة الجنس مع أي امرأة غيرها؟
هو لم يكن يتوقع أن إفتقاده لوجودها أثر عليه لهذه الدرجة ابداً!
انه يسعى لتخليد اسمه لأبد الأبدين، سيسافر لعالم اخر لتوحيد جنس كامل تحت سيطرته!
… لكنه إكتئب بسبب…إمرأة؟