بينما ريموند غارق في أفكاره، يحاول تخمين ما قد يطلبه روبين، و كيفية الرد عليه، شعر بأحدهم يحدق به.
عندما نظر بجواره وجد روبين ينظر له مبتسماً، كأنه يرى قطعة لحم بعدما قضى شهراً في الصحراء…
هذه ثاني مرة يواجه فيها هذه النظرة، اول مرة عندما تم الإتفاق على مساعدتهم قبل أكثر من خمس سنوات، و أخذ منه ماركوسية تاوي كاملة، و التي تُشكل حوالي 30% من إجمالي أراضيه! ” هلا توقفت عن النظر لي هكذا؟! قل ماذا تريد مباشرةً..”
“هاها حسناً، حسناً، كنت اعبث معك فحسب.” ضحك روبين بصوت عالٍ. “اراضي ماركووسية تاوي التي إتفقنا اني سأخذها منك.. سأخذ ثُلثها فقط بدلاً من أخذها كاملة؟”
“… إيه؟” روبين تخلى عن ثُلثي حقه من البداية، هذا بالتأكيد لم يكن متوقعاً ابداً، ثم اكمل ريموند. ” هل أصبت بضربة شمس؟ أم تريد تقديم مهر للزواج بإبنتي الكبرى؟ لا مانع لدي بالمناسبة..”
“هاي! الفتى لديه إبنتي بالفعل، إبحث عن عريس في مكان آخر!!” تدخل جالان، و ألقى تفاحة على ريموند مازحاً.
“هاها سيادة الدوق، مع احترامي لك حتى لو كنت سأتزوجك انت لن اٌقدم مهر ضخم كهذا!” قهقه روبين. ” كما تعلم، انا أخذت أراضي كثيرة من دوقية آيفرين، لكن تلك الأراضي غير متصلة بمدينة يورا مباشرةً بل هناك بارونيتين تابعتين لك بين يورا، و الحدود مع دوقية آيفرين.. اريدك ان تنقل لي ملكية البارونيتين حتى يكون من اول يورا، و حتى الأراضي الجديدة في دوليفار كلها متصلة.”
“اوه..” أخذ ريموند بضع ثوانٍ للتفكير، ” المساحة مقاربة لأراضي الماركوس تاوي التي تخليت عنها تقريباً، لا بأس في ذلك.. سأرسل رسائل صوتية للبارونين أعلمهم انهم سيكونوا تابعين لك بدأً من اليوم.
ثم وقف ريموند مبتسماً، و إستدار نحو الباب بروح عالية، *هذا كان أسهل مما توقعت!*
” إلى أين تظن نفسك ذاهب؟!” رفع روبين حاجبه. ” انت قلت بنفسك ان مساحة الاراضي متطابقة تقريباً، ماذا إستفدت انا؟ تفضل اجلس ما يزال لدينا ما نتحدث بشأنه..”
“هاهاها ظننت انك نجوت، ها؟ هاهاها.” ضحك جالان بصوت عالٍ، و عاد ليأكل من طبق الفواكه العملاق امامه.
“تسك~ اكمل إذاً..” جلس ريموند متعكر المزاج.
“المسافة من يورا، و حتى دوقية هاريس، اريدها ايضاً لوصل اراضي العائلة معاً، اعتقد انه يوجد 5، او 6 بارونيات، و فيسكونتية في تلك المسافة.. سأخذهم.”
” انت تعلم انك تطلب تقريباً 40% من مساحة دوقية ألتون القديمة بعد ان اخذت 30%!؟” أمال ريموند جسده للأمام، و سأل روبين ساخراً.
” أكان سيكون هنالك شيئ يدعى دوقية ألتون القديمة لو لم أوقف الجيشان ذا الـ 360 الف جندي؟” رفع روبين حاجبه، و سأل مصطنعاً البراءة. “هذه صفقة رابحة إن أخذت رأيي …لكن انا أتفهم كلامك، حسناً لن أخذهم كاملين، لكن الثلثين على الاقل، و سأعطيك جزء من اراضي دوقية هاريس من ناحية الجنوب لتضمها لأراضيك الجديدة.. ما رأيك؟”
“ما يزال كثير جداً!” ضرب ريموند على فخذه، ثم اكمل، ” انت أقل واحد بيننا تعرض لخسائر، خلال حملتك على دوقية هاريس بالكامل لم يمُت من عندك احد يذكر، و حتى في القتال الأخير إستعنت بنا!”
“هاي! لا تلمني على عبقريتي في إختيار التوقيت، و الإستراتيجيات اللازمة لتقليل الخسائر، انا دخلت هذه الحرب أساساً لأساعدكم ليس لأقيم سباق في أي منا سيسخر جنود اكثر! كُن مثل حماي، و إدفع ما عليك بلا ملاوعة.”
أخذ جالان يومئ بقوة، و مبتسماً، و هو يأكل ثمرة مانجو.
بينما ريموند لم يرد مباشرةً، بل أخذ يطرق على مقعد الأريكة بأصابعه لحوالي دقيقة، ثم تكلم اخيراً. ” أخبرني والدي ذات مرة ان لا اطلب الدفع بعد ان اُنهي عملي.. فالطرف الأخر قد يرفض إعطائي ما أريده، و لن استطيع فعل شيئ حيال ذلك…”
“والدك شخص حكيم..” اومئ روبين ببطئ ثم اكمل، “لكن لو كان لديك جيش يمكنه تدمير دوقيات بمجرد إشارة فلن تقلق حيال سخافات كهذه.”
“… هاهاها صحيح، حسناً موافق.” بعد لحظات من الصمت إنفجر ريموند ضاحكاً، و تكلم، ثم وقف بسرعة، و بدأ يمشي نحو الباب. ” سأغادر قبل ان يتذكر ذلك الشقي شيئ اخر، إلى اللقاء!”
“هيهي..” هز روبين رأسه بعدما اختفى ريموند عن الانظار.” انا ايضاً سوى أغادر لـ-…”
توقف روبين في نصف كلامه عندما رجع لينظر نحو جالان فوجده نائماً مكانه يشخر، فإبتسم، و غادر بصمت…
————————-
بعد اسبوع… في إحدى الغرف الرئيسية في قصر الدوق هاريس…
“همممم..” فتح روبين عينه، و بدأ يتمطع، ثم بدأ يبحث عن ميلا التي تكون بجواره عادةً في هذه الأوقات، و بالفعل وجدت في وضعية تأمل بجوار السرير، و كالعادة ايضاً بملابسها الفضفاضة القليلة، “صباح الخير يا جميلتي~ اااه يا لها من ليلة من النوم الهانئ، اشعر اني نمت اسبوع! ”
فتحت ميلا إحدى عيناها، “انت بالفعل نمت اسبوع.”
“ماذا؟!” انتفض روبين من على سريره، “غريب.. لماذا إحتجت لكل هذا النوم، انا لم اشارك في القتال بنفسي!”
“يبدو انك إستخففت بمدى إرهاقك الذهني منذ بدأ الحرب..” وقفت ميلا بهدوء و توجهت لجواره، ” التفكير في إستراتيجيات، و تحمل مسؤولية مقتل الآلاف من الجنود، و الأبرياء، كل هذا يرهق أي جينرال ذهنياً حتى لو لم يتحرك من مكانه، و انت كنت خير قائد يا جينرالي الوسيم..”
“هكذا إذاً…عبقريتي الفذة كجينرال إستهلكتني ذهنياً، لا عجب~.” أومئ روبين بضع مرات، ثم بدأ يقهقه. ” حسناً المهم ان كل شيئ انتهى الأن، هيا بنا.. سنعود اليوم ليورا.”
إبتسمت ميلا إبتسامة لطيفة، و هزت رأسها، ” *ستعود* ليورا.”
“… ألم تنسي ذلك الموضوع بعد؟” جو من الكآبة ضرب روبين عندما تذكر كلام ميلا سابقاً بأنها ستتركه بعد انتهاء الحرب.
“هل أخذت قرار جاد بشأن مستقبلنا؟” سألت ميلا بشكل جاد.
“….” لم يدري روبين ماذا يقول، مستقبله ليس هنا اساساً!
” توقعت..” رفعت ميلا كتفها، ثم وقفت، “عندما تأخذ قرارك فأنت تعرف اين تجدني…”
“ميلا…” رفع روبين يده ليمسك ذراعها، لكن أوقف نفس في منتصف الطريق، و أغلق قبضته بقوة. “… يمكنك صنع ألواح القسم لصالح عائلتك إن أردتي، اعتقد ان والدك سيستفيد منهم في إخضاع أراضيه الجديدة…”
“اوه.. شكراً لك…” إلتفت ميلا بعد إنهاء إرتداء ملابسها، و شكرته بإبتسامة ليست إبتسامة، ثم إقتربت، و أعطته قبلة على خده.. “كن حذراً في طريقك ليورا، سيد روبين!”