عاصمة دوقية هاريس — داخل قصر الدوق — بعد نصف يوم.
“هاهاها جميل، جميل جدا!” جالان دخل قاعة العرش الرئيسية مُطلخ بالدماء، و في يده رأسه بشرية يمسكها من شعرها، ” ااااه~ لطالما حلمت بجعل هذا المكان بيتي!”
” هوي هوي!” دخل روبين وراءه واضعاً يداه وراء ظهره. ” لا تدع الحماسة تأخذك بعيداً، هذا المكان مِلكي انا الأن.”
“هاهاها بالتأكيد جالان لم يقصد التلميح لشيئ، أليس كذلك؟” ريموند وجد لنفسه أريكه مريحة في قاعة العرش، و جلس عليها، كان واضح عليه الإرهاق.
إعترض جالان. ” هاه؟ على الاقل اعطني جناح خاص في القصر ليكون ملكي… سمو الدوق هاريس كان ليحب ذلك!” ثم رفع الرأس البشرية، و نظر فيه عينيه المُنكسرتين. ” أليس كذلك يا صاحب السمو؟”
ثم بدأ يضحك بشكل هستيري، و ألقى برأس الدوق من الشرفة.
لم يدخل أحد لقاعة العرش بعد ثلاثتهم، لا جوليوس روفوس، ولا ميلا، ولا حتى البطريرك براين… صحبة أولائك الثلاثة لم يكن يستحقها احد اخر.
المعركة انتهت بالكاد قبل نصف ساعة مع مقتل اخر قديس من عائلات الدوقات الثلاثة، و القبض على اخر جندي، و وضعه في السلاسل، بعد ذلك تم إجتياح العاصمة، و تنظيفها بالكامل من أي شخص يحمل إسم عائلة هاريس، و ما تزال هذه العملية جارية للأن بالفعل..
لكن روبين أعطى الأوامر ان لا يُهاجم الأبرياء، ولا يُنهب شيئ… قال ان الدمار الذي حل بـ *مدينته* حتى الأن يكفي.
” أنضع النقاط على الحروف الأن؟” سأل روبين فجأة بعد بضعة تبادلات، و مجاملات بين الثلاثة.
“همم، لماذا الإستعجال؟ لقد إنتهينا للتو من حرب حامية، ألا تعرف كيف تسترخي ايها الشقي؟” تكلم جالان معترضاً بينما كان يطيح رأسه للأعلى مواجهاً السقف… لقد كان قتالاً قوياً بالفعل.
فقط الدوق هاريس، و الدوقان المهزومان سابقاً كانا في المستوى 30، و معهم اعوانهم المقربين، و كلهم يقاتلون بنية النصر، او الموت… مع ان عاملا العدد، و الراحة كانوا في صفوف تحالف الشمس السوداء، إلا انه سقط بضع قديسين من العائلات الثلاثة أثناء القتال.
” جالان معه حق، دع هذه الامور لوقت لاحق…” ريموند تكلم بصوت منخفض، و كأنه يوشك على النوم.
“لا مشكلة معي.” روبين رفع كتفيه. ” لكني متجه ليورا اليوم، او بعد غد.. يجب ان يكون كلامنا قبل ذلك.”
جالان انزل رأسه اخيراً، و فتح عينه. ” ما الذي ستفعله في يورا في وقت كهذا؟ ألا تعلم انه ما يزال عليك التنظيف حيث أكلت؟ كما ان بقية دوقيات، و العائلة الملكية قد يشنون هجوماً في اي وقت.. هذا قطعاً ليس الوقت المناسب لترك الأمور هنا، و تعود ليورا!!”
” اعلم اعلم..” فرك روبين جبهته. ” لكن هنالك شيئ كنت أؤجله منذ سنوات، و علي البدأ في التجهيز له.. سأترك هنا الجيش بالكامل تحت قيادة البطريرك لتنظيف مخلفات النظام القديم، و مساعدتكم إن وقع هجوم كبير.. سأخصص بضع شهور أخرى من الطلاسم للوضع هنا، و ارسل لكم بضع دفعات ايضاً من طلاسم انفجار النار كهدية من عندي لتؤمنوا الحدود الجديدة… لكن انا شخصياً يجب ان اعود.”
“الموضوع الذي يستدعي رجوعك ليورا بهذه الأهمية؟ ما الذي قد…” تمتم ريموند، لكن سرعان ما تنهد، و صمت..
الولد تمكن من الاستحواذ على عاصمة دوقية، و مع ذلك يفكر في الخطوة التالية.. ربما هذا ما يحدد العبقري الحقيقي، ثم تابع. ” طالما تريد ان تغادر فلا بأس، دعنا نتكلم الأن..”
“اررغغغ حسناً، الأن، الأن.. لو ذهبت، و نمت فلن استيقظ قبل اسبوع على الاقل هاها.” ضحك جالان بصوت عالٍ، ثم نظر بإتجاه روبين. ” تكلم إذاً.. ماذا تريد؟”
” حماي العزيز. ” نظر روبين بإتجاه جالان مبتسماً. ” لقد إتفقنا سابقاً اني سأخذ 30% من اراضي ماركوسية روفوس، يعني حوالي 15% من إجمالي اراضيك وقتها… لكن هذا قبل ان تقسم عائلة روفوس لي بالولاء، و قبل ان يضحي حوالي 30 الف من رجال عائلتي في الدفاع عن مدينة لؤلؤة برادلي، و قبل ان أرسل لك 70 الف طلسم انفجار نار إضافي لمساعدتك في الحرب، حتى اني ارسلت لك كل الفرسان، و القديسين الذين خصصتهم لحمايتي…”
“… كل هذا، و حماك العزيز؟” رصة *الخدمات* اخافت جالان للحظة. ” اعلم كل هذا، و بعد..؟”
“اريد كامل اراضي عائلة روفوس.” أطلقها روبين. ” إبقاء كل اراضيهم معهم ستكون مكافأة جيدة لهم على ولائهم لي، و مشاركتهم في هذه الحرب بكامل قوتهم. ألا تظن؟”
جالان لم يرد، بل أطال النظر في الوجه المبتسم المستفز امامه، بعد حوالي دقيقة أمسك نفسه عن محاولة اعطاءه لكمة تُسقط له اسنانه البيضاء، و اكتفى بهز رأسه. ” سأعطيك ثُلثي اراضيهم، هذا جيد بما يكفي.”
“سأخذ اراضيهم كاملة! … و كرماً لميلا سأعطيك جزء من شمال دوقية هاريس يكافي ثُلث اراضي روفوس الإضافي، و سأتركك تختار أي قطعة تريد ايضاً، ما رايك؟” سارع روبين بالرد.
“….” عاد جالان لصمته لحوالي دقيقتين اخريين، ثم اخيراً تكلم. “تسك~ حسناً موافق… سأختار قطعة الأرض، و اُعلم براين بها لاحقاً، جوليوس روفوس بالكاد إختار القتال من اجلك، لكنك بدأت تعتني به، هاه؟ انت بدأت تغريني بأن افعل مثله هاهاها.”
“هيهي الأبواب مفتوحة دائماً يا حماي العزيز!” رد روبين مازحاً، و بدأت محادثة جانبية اخرى من المجاملات مع جالان، الجو اصبح أخف بكثير عن ذي قبل.
لكن هنالك واحد لم يظن ذلك… ريموند ما يزال يحاول إستيعاب العقوبات التي أوقعها هذا الشقي على عائلة زوجته!
العرق بدأ يتصبب بغزارة من جبينه عندما تذكر جيش الـ 300 ألف جندي الذين أوقفهم روبين قبل ان يدمرون دوقيته…