في اليوم التالي رجع الصوت، و أعلن عن اسماء 5 مدن، و قرى أخرى قائلاً التهديدات، مُكرراً نفس الحادثة..

بدون أي تغيير، بدأ سكان تلك القرى، و المدن بترك أسلحتهم، و الركض بشكل عشوائي، قُتل منهم من قُتل، و فر منهم من فر..

الجديد هذه المرة انهم لم يكونوا وحدهم.

بقية سكان القرى، و المدن الصغيرة الأخرى التي لم يذكر اسمائها انتهزوا الفرصة، و لاذوا بالفرار معهم!

كان واضحاً ان هذه الحادثة ستتكرر مجدداً معهم، فلماذا ينتظروا حتفهم؟

في نهاية اليوم الثاني فر، او مات حوالي نصف مليون اخر…

لم يبقى في العاصمة سوى أهلها، بجيش تعداده لا يزيد عن 250 الف جندي مُنكسري العزم..

أجل.. هذه كانت اكبر مشكلة!

250 الف جندي بالإضافة لتعزيزات القديسين، و الفرسان من الدوقيتين المجاورتين ما يزال عدد ضخم، خاصةً ان أسوار العاصمة في صفهم.

لكن التجربة الدموية التي مروا بها خلال اليومين الماضيين ضربتهم في مقتل..

فقد كان عليهم قتل زملائهم، و اصحابهم بأيديهم، فقط لأنهم حاولوا الهرب لحماية أهاليهم…

الحماسة الزائدة، و شعور الدفاع عن الوطن، و كل هذا ذهب أدراج الريح، و حل مكانه صمت قاتم، و رائحة دم كثيفة.

و حتى حالة الحزن، و الكئابة لم تدم عليهم طويلاً، بعد ثلاثة ايام فقط من المذبحة.. وجدت العاصمة نفسها تحت حصار.

6 جيوش من 6 إتجاهات مختلفة ظهروا فجأة، و بدأوا بالإقتراب شيئاً فشيئاً حتى قاموا بسد كل المخارج، و المداخل للعاصمة، ثم بدأوا بإمطار جيش دوقية هاريس بأسهم الطلاسم من بعيد.

المسافة كانت بعيدة جداً ليصل منها سهم، لكن هذا ما حدث.. حوالي 500 رشقة كل مرة نزلت على الجيش الماثل أمام الأسوار فأحدثت فيه ما احدثت من دمار، و فزع.

عند رؤية ان عائلة بورتون ما تزال لا تنوي بدأ معركة فاصلة، أعطى الدوق الأمر للجيش بالدخول بسرعة لداخل العاصمة، و الإحتماء خلف الأسوار، ثم أغلق جميع الأبواب.

و إستمر الحصار 4 ايام اخرى.

جيش عائلة بورتون مكتفي بالوقوف بعيداً، بينما بطريقةً ما الأسهم المتفجرة تجد طريقها إلى داخل العاصمة، و تسقط كل مرة فوق رؤوس الجنود مهما حاولوا الهرب، او تغيير اماكنهم.

و لهذا تم تعيين كل القديسين في المدينة ما عدا الثلاثة دوقات للتناوب على اقامة دروع، و اعطاء الجيش، و سكان المدينة فرصة للراحة، و إلتقاط أنفاسهم.

داخل قصر الدوق.

“تباً!!” حطم الدوق هاريس مسند عرشه. “إلى متى ينوي أولائك الأوغاد الإستمرار بهذه الأعمال الاستفزازية؟ لماذا لا يهاجمونا مباشرةً، و يحاولوا إسقاط العاصمة؟ أيعتقدون اننا سنستسلم بسبب لسع البعوض اليومي هذا؟!”

” اخشى ان لسع البعوض هذا قد أنهك قديسي عائلاتنا الثلاثة بشكل كبير… لو بدأت المعركة الفاصلة الأن لن يستطيعوا القتال بـ 100% من قوتهم…” تكلم اخر.

قبض الدوق هاريس بيده بقوة. ” سحقاً.. ولولا اني سمعت معلومات مؤكدة ان فيلق اللهب الخاص بهم يمكنهم توحيد هجمات للتعامل ضد اعداد كبير من القديسين، لكنا خرجنا، و قضينا عليهم جميعاً!!”

“”طالما نحن في الداخل لن يستطيعوا عمل شيئ بهجماتهم الموحدة تلك، و عائلة بورتون لا يملكون قديسين عالي المستوى بشكل كافي لإخضاعنا ايضاً.. علينا الإنتظار، و التماسك لأطول فترة ممكنة، لعل العائلة الملكية ترد اخيراً..”

اخيراً اعطى الدوق هاريس إيماءه ثقيلة، و لم يتكلم اكثر، الصمود.. هذا كل ما يمكنهم فعله حالياً

الأيام التالية لم تكن اكثر لطفاً عليهم… هجمات فيلق الريح بأسهم الطلاسم لم تهدأ لحظة واحدة، و جائت من كل الجهات.

و أضيف على ذلك بناء بعض النجارين لمجانيق حربية بإستخدام الموارد المتاحة حول العاصمة، و بدأ هجوم بكُرات لهب، و حجارة ايضاً مع الطلاسم!

سواءً كنت مواطن عادي، او جندي، فارس، او قديس، لم يحظي احد بنوم هانئ داخل تلك الأسوار…

الإرهاق أصاب الجميع، حتى الدوقات الثلاثة في القصر أرهقهم التفكير، و القلق، و هم ينظرون من الشرفات لما يحدث في الأسفل.

حتى جاء اليوم العاشر للحصار، و إنفجر صوت في كامل العاصمة. ” هاهاها إلى اين كنت تظن انكم ستهربون مني يا بناء عائلة راشفورد الخنازير، والدكم قد جاء!!”

“هذا صوت.. جالان برادلي؟!” وقف واحد من الدوقين المُنهزمين داخل القصر مرعوباً، كيف لا يعرف هذا الصوت، و هو كان يسمعه في كوابيسه كلما أغلق عينيه.

طار بسرعة من الشرفة، و تحرك وراءه الاثنان الآخران، و اول نظرة كانت كفيلة بإرسال رجفة في ظهورهم. ” أوه لا…”

على بُعد مئة متر فقط من البوابة الرئيسية للعاصمة يطوف خمسون شخصاً على الاقل، منهم جالان برادلي، و ريموند ألتون.

من خلفهم جيش عائلة بورتون بدأ يضيق دائرة الحصار بسرعة، و يقترب من العاصمة شيئاً فشيئا مع زيادة واضحة في اعداد الفرسان في صفوفهم.

” كل هذا كان ينتظرون دعم من عائلتا ألتون، و برادلي؟!” فكرة ضربة في رأس الدوق هاريس.

ثم نظر ببطئ خلفه نحو القديسين الذي أرهقهم الدفاع عن الاسوار خلال العشرة ايام الماضية، كلمة واحدة جالت في رأسه… “احا.”

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=