“عااااا!!!” بعد مرور يوم اخر، صرخة مدوية إنفجرت من أعلى بوابة العاصمة الرئيسية، اخيراً فهم الدوق ما يجري حوله..

جيش عائلة بورتون كان يسمح لجواسيسه، و فرق الإستطلاع الخاصة به بمراقبتهم طوال الطريق، حتى وصلوا لمسافة يوم واحد من العاصمة، عندها بدأوا بصيد، و قتل المُراقبين.

و في تلك الاثناء إنقسموا لـ 6 جيوش متساوية، و إلتفوا حول العاصمة مهاجمين كل المدن، و القرى حولها منتهزين فرصة انهم اصبحوا بلا دفاع.

العملية تمت بسرعة، و دقة رهيبتين، في خلال 48 ساعة فقط تم إحتلال كل شبر من دوقية هاريس ما عدا العاصمة!!

“تباً..” حاول الدوق تهدئة نفسه قليلاً، لكنه لم يفلح، كلما فكر في الأمر شعر ان الدم يغلي في عروقه. ” ما الذي يحاول أولائك السفلة عمله؟ ما الذي سيستفيدونه من السيطرة على قرى، و مدن خالية من العتاد، و الرجال المقاتلين؟!”

” ربما…يريدون تجويعنا؟” تكلم احد القديسين، مجرد الفكرة جعلت رؤوس الحاضرين تشيب.

العاصمة حالياً تحمل حوالي مليون شخص اكثر من تعدادها الطبيعي، لو الخطة فعلاً هى محاصرتهم، و تجويعهم، فـ….

“لو هذه هى الخطة فموقفنا ليس سيئ جداً، لدينا ما يكفي من طعام لمدة شهران، و بالجيش الذي نملكه يمكننا تنظيم غارات عليهم كل فترة لسرقة المزيد من المؤن.” تكلم القديس المسؤول عن المؤن.

“العبقرية الحربية التي أبدتها عائلة بورتون حتى الان تستبعد انهم يعتمدون على موضوع التجويع، ربما يريدون فرض حصار حتى يأتيهم المزيد من الدعم؟” تكلم أخر.

” هذا هو هدفهم غالباً.” أومئ أحد الدوقين المهزومين. ” لكن إن كانوا يعتقدون ان هذه كأي مدينة أخرى فهم مخطئين! طالما الأسوار مُقامة، و لدينا جيش بهذا الحجم للدفاع عنها فلن تسقط ابداً!”

“لكن إلى متى…” الدوق هاريس تكلم واضعاً رأسه بين يديه. “لماذا لا تستجيب العائلة الملكية لإستغاثتنا؟ يقولون انه لا يمكنهم التصرف بدون أوامر الملك جيفري؟ إذاً اين هو الملك بحق الجحيم؟!”

“… كنا نحاول تأخيرهم فحسب حتى يأتينا الدعم من العائلة الملكية، لكن لسببٍ ما يبدو انه تم التخلي عنا.. حان الوقت لننسى أمرهم، و ندافع عن اراضي بأنفسنا.”

في تلك اللحظة صدى صوت واضح: ” أهالي عاصمة دوقية هاريس، إسمعوا هذا الإعلان جيداً..”

“ماذا؟! من أين يصدر هذا الصوت؟!” حاول القديسين البحث حولهم عن المصدر، لكن بدون فائدة، الصوت كان واضح جداً كأنه بجوارهم، و مع ذلك لا يمكن تحديد مصدره!

“.. مدينة يارك، مدينة تارفا ، قرية واشن، قرية…” إستمر حصر 12 إسماً اخر، ثم اكمل الصوت. ” سيتم إعدام سكان هذه المناطق، و إحراقها في صباح الغد.”

“اااه!! ابنائي!!”

” لااااا، حيوانات!”

“زوجتي.. أمي…”

وقف ربع الجيش الذي وصل تعداد لمليون تقريباً، و بدأوا بالصياح، و بعضهم أصابه انهيار عصبي، و بدأ يبكي بلا توقف.

“إلا إذا..” ثم اكمل الصوت. ” رجال تلك المناطق خرجوا من العاصمة قبل فجر اليوم، و إستسلموا! المدينة، او قرية التي يستسلم رجالها سنأذن لهم بالعودة، و البقاء مع أهاليهم، هذا وعد يمس شرفنا نحن عائلة بورتون!”

“هذا سيئ…” شعر الدوق أن الأرض تنشق من تحت قدمه، و انهار ساقطاً على عرشه.

” أوقفوه! أبحثوا عن مصدر الصوت، و أوقفوه فوراً!!” بدأ القديسين يطيرون من فوق الاسوار، و من بين الجيش كالجراد يحاولون بسرعة إيجاد مصدر الصوت.

————–

على بعد عشرون ميلا شرقاً…

إبتسم بيون إبتسامة كبيرة. ” هيا بنا، تم التنفيذ بنجاح.”

نقل الصوت لمسافات بعيدة هو احد إختصاصات قانون الريح الرئيسي، و لهذا تم توكيل المهمة لأفضل شخص يستخدم هذا المسار… قفز بيون للخلف مسرعاً، و معه إنسحب ثلاثة قديسين جاؤوا معه لحمايته.

—————

“هاي… هاي انت! إلى اين تظن نفسك ذاهباً؟” صرخ احد الضباط على شخص بدأ يتحرك بعيداً عن التشكيلة. ” و انت هناك! قفوا أماكنكم جميعاً!!”

“زوجتي.. زوجتي…”

بدون وعي بدأ سكان تلك المدن، و القرى بإلقاء أسلحتهم، و السير بإتجاه أوطانهم.

” ايها الضباط! من يترك سلاحه اقتلوه!!” صيحة جائت من أحد القديسين.

“توقفوا جميعأً.. توقفوا!!” حتى بعد الإذن لم يجد الضباط في انفسهم القوة لفعلها، ببساطة اعداد من تركوا أسلحتهم كثيرة جداً! “ انها مجرد خدعة لتفريق صفوفنا، حتى لو خرجتم ستقتلون مع عائلاتكم، أبقوا هنا، و انتقموا لهم افضل!!!”

“اُفضل العودة، و الموت بجانب إبني إذاً!” قالها احدهم، و بدأ يركض.. لكن رأسه وقعت بعد خطوتين.

” اقتلوا الخونة!! إن رأيت زميلك يتحرك من مكانه ادخل سلاحك في رقبته!!”

“عااااااااااا دعوني ارجع لعائلتي!!”

“ارغغ تقتلني.. ايها الغبي، لقد سيطروا على كل الدوقية، اليوم قد يكون يومي.. لكن غداً سيتم الإعلان عن مدينتك ايضاً!!”

فوضى..

فوضى بكل معنى الكلمة..

حوالي ربع مليون شخص كانوا من تلك المدن، و القرى التي تم الإعلان عنها.

بعد تمرد أول جندي ظهر عشرة.. بعد اول عشرة ظهروا ألف، ثم عشرة آلاف..

بعد إستفاقتهم من الصدمة الاولى بدأوا جميعاً يفاضلون بين البقاء، و العودة.. الرهان على وعد عائلة بورتون الغزاة، او البقاء، و الانتقام لعائلاتهم..

في النهاية معظمهم اختاروا الرهان.

الشغب كان العنوان الرئيسي لما تبقى من تلك الليلة، قُتل عشرات الآلاف، و هرب حوالي مئتا ألف تحت جناح الليل.

تاركين ورائهم أسوار العاصمة مُدرجة بالدماء، و جيش مُفكك بالكامل بعد تدمير تشكيلاته…

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=