بعد يوم – مئات الأميال شمال مدينة يورا.
*كلوب كلوب كلوب*
تحرك الجيش البالغ تعداده 300 الف جندي يتم بوتيرة بطيئة جداً لدرجة انه لم يخف الحيوانات، و الطيور، بل يمكن القول انهم يتحركون ببطئ شديد.
في مقدمة الجيش تشكيلات من أحصنة الحرب تتبخطر، روبين، و القديسين في الصف الأول بجوار بعضهم، و ورائهم قدامى الفرسان، ثم الفيالق الثلاثة.
بينما الجميع منشغلون بأحاديث صغيرة، و بالنظر للطبيعة الخلابة، إنتهى التوهج في خاتم بيلي، و ضيق عينه، ثم نظر إتجاه روبين. ” ربما علينا التحرك اسرع.”
“كم بقي أمامنا لنصل لهدفنا؟” رد روبين بلا اهتمام.
“بعد غد إن أكملنا على هذه السرعة، إن اسرعنا قليلاً قد نصل غداً..” رد بيلي
اومئ روبين. ” دعنا نتحرك كما نحن إذاً… لما العجلة…”
ضيق بيلي عينيه، و تكلم، ” لدي اخبار تقول ان الماركوس تاوي علم بوجهتنا نحوه، و جمع جيشاً قوامه 100 الف جندي، و يقوم حالياً بإستدعاء كل أعوانه، و الرجال القادرين على القتال، حتى الماركوس روفوس لسببٍ ما شعر بالخطر، و بدأ يجمع جيشه..”
“جيد!” قهقه روبين. ” قد نخيم يوماً، أو إثنان في الطريق ايضاً لإعطائهم وقت اضافي حتى لا يُقال اننا هاجمناهم غير منتبهين، و تنمرنا عليهم هيهيهي ما رأيك يا عمي براين؟”
أومئ البطريرك. ” طالما تقول إن هذه الغزوات بالمقام الأول هى لتخويف اعدائنا مستقبلاً فعلينا فعلاً انتظارهم لحشد قوتهم.” ثم نظر لبيلي، و اضاف. ” انظر خلفك، من يمكنه هزمنا؟ اتركهم يجمعوا ما يشاؤون.. هذا لن يغير القدر.”
مع انه يعرف المنظر جيداً بما انه كل بضع دقائق يتفقده بإبتسامة، إلا انه نظر وراءه مجدداً..
جيش ضخم يتكون من 270 الف جندي مشاه ربعهم مُسلحين بأسلحة مصنفة، يتقدمهم 30 الفاً من الخيالة العاديين، و امامهم 2000 فارس من فيلق اللهب كلهم مكتسين بدروع كاملة بيضاء، و يمسكون مطارد بيضاء اللون، شكلهم كافٍ لدب الرهبة في صدور الجميع.
اينما نظر إبتسم.. فما يراه الأن مقارنةً بما كانت عليه العائلة منذ عشر سنوات فقط، كالفرق بين الارض، و السماء..
.
ثم رجع للنظر أمامه مبتسماً، و هز رأسه. لكنه تذكر شيئاً فجأة، و نظر بإتجاه روبين. ” إن كنت ترى ان هذه الحرب عبارة عن قتل عصفور بإستعمال ساطور، لماذا جئت انت معنا؟!”
” أُغير جو.” رد روبين بإقتطاب.
لكن الحقيقة كانت اكثر من هذه… منذ أخبره المستبصر انه سينقله لكوكب اخر غريب بعد الحرب، و هو قلق، و يحاول التفكير في أشياء لزيادة قوته بسرعة.
الإندفاع شخصياً لمساعدة الجينرال إدوارد مع عِلمه بالخطر، حتى انه كان بإمكانه اخذ البطريرك، او على الاقل ديفيد بورتون معه، إلا انه كان يحاول زيادة الخطر على نفسه ليرى ماذا سيفعل بالقوة المتاحة معه ضد إحتمالات ليست في صالحه.
مع انه فشل في النهاية، و إحتاج ليتم إنقاذه من قِبل قديسي العائلة الملكية، إلا انه ما يزال إستفاد كثيراً من التجربة..
و لعل مشاهدة هذه الحرب من الجانب ايضاً ستعطيه شيئاً من الخبرة التي يفتقد لها بشكلٍ حاد.
و هو يسرح بخياله، و يفكر في القادم، بدأ الخاتم الجديد في يده بالإهتزاز بشكل خفيف. “همم؟”
هذا كان خاتم يعتمد على البطاقات الروحية، اثناء غيابه عن الوعي قام بيلي بتجهيزه له خصيصاً عبر وضع كل البطاقات الروحية للأشخاص المهمين فيه، قام روبين بتمرير روحه فيه ليسمعه الرسالة. ” روبين، هل تسمعني؟ احتاجك في شيئ خطير.”
” الدوق جالان؟” عرف روبين من يُكلمه مباشرةً، و رد بشكلٍ جاد. ” ماذا يمكنني ان افعل من اجلك؟”
جالان اكمل مذعوراً ” جيد انك إستيقظت، اسمع… جائتني اخبار للتو ان دوقية هاريس، الدوقية الوسطى من الثلاث التي كنا ننوي مهاجمتهم، ارسلت جيشاً حجمه 300 الف جندي نحو أراضي دوقية ألتون لتدمير عاصمتها، اما الدوقيتان الاخرييان التي نشتبك معهما حالياً قامتا بإرسال جيشان صغيران تعدادهما 60 و الاخر 120 الف، الأول منهم نحو ألتون ايضاً، و الثاني نحو دوقيتي انا، انهم متجهون نحو لؤلؤة برادلي!”
“ماذا تقول؟!” صاح روبين، و توقف حصانه فجأة
عندما رأى البطريرك هذا رفع يده فتوقف الجيش كله ايضاً.
ثم اكمل روبين صائحاً. ” كيف سمحت بحدوث شيئ كهذا؟ كيف تتركهم يلتفوا حولك بهذا الشكل؟!”
” دوقية هاريس للأسف اقوى مما توقعنا بكثير، نحن أردنا القضاء على الدوقيتين حولها بعدها الدخول عليها من الاعلى، و الاسفل لشلها بالكامل، و نسقطها بدون مقاومة، لكن العكس قد حصل، و هى من ترسل تعزيزات بإستمرار للجانبين فأصبحنا شبه محاصرين، واضح ان مملكة المياة الراكدة كانت تعززها منذ سنوات تحسباً لهذا اليوم..”
“سحقاً..” عصر روبين قبضته عند سماع هذا، هو بالتأكيد يعرف ماذا سيحدث لو نجحت تلك الجيوش في ما تريد فعله. “ألا يمكنكما إرسال جزء من جيوشكما للإمساك بهم بسرعة؟”
رد جالان. “يمكننا تقسيم قواتنا للتعامل مع الجيشين ذا الـ 60، و الـ 120 الف ، لكن اخشى انهم تحسبوا لهذا، و قد نقع في فخ.. ثانياً كيف ننقسم لنوقف ذلك الجيش ذا الـ 300 الف جندي؟ هذا سيتطلب انسحاب كامل، و كل ما حققناه سيذهب أدراج الريح، أملنا الواحد هو مواصلة التقدم الأن بما ان جيوش العدو قد اصبحت أقل. و بالنسبة لتلك الجيوش الثلاثة…”
” اهاا تواصل للأمام حضرتك، و انا من اتصدى للجيوش الثلاثة صحيح؟! هذا لم يكن إتفاقنا!!” ملامح روبين المتقلبة جعلت من حوله مضطربين يحاولون تخمين ما يجري.
“ألديك حل اخر؟!” رد جالان، ثم اضاف. ” لا يوجد نبيل في الدوقيتين غيرك لديه جيش يمكنه إيقاف ذلك الغزو، حتى لو كلمت دوقية اخرى، و طلبت منهم المساعدة فسيطلبوا مني مقابل باهظ يا روبين.. و قد لا يصلوا أساساً في الوقت المناسب، و يتركون دوقيتي تحترق!”
” و تعتقد اني انا لن اطلب ثمن باهظ؟!” سخر روبين. ” …سأساعدك انت، و الدوق ألتون اولاً كرماً لميلا، بعدها سنتحاسب، وداعاً الأن سأبدأ للترتيب للتعامل مع ما ورطني فيه.”
برؤية ان المُكالمة قد إنتهت، تقدم البطريرك براين. ” ماذا يجري يا روبين؟ من كان هذا؟”