“ما- ماذا؟!” فزع روبين، و انتفض من على السرير، “شهرين؟! لماذا لم يوقظني احد؟!”
“أتحسب انك كنت تأخذ قيلولة العصر؟ الجميع كان قلق بشأنك، و بسبب حالة الإرهاق التي وصل لها جسدك، كيف نخاطر بإيقاظك عنوة؟ المهم انك صحوت الأن..” قالت ميلا، و هى ترتدي اخر قطعة من ملابسها.
“هذا.. ماذا حدث اثناء نومي بالضبط؟” هدأ روبين قليلاً، و سأل.
جلست ميلا على كرسي بجانب السرير، و وضعت ساق فوق ساق. ” بعد عودتكم ليورا أمر البطريرك بتسليم الجنود لأسلحتهم، و تم إعطاء نصفها للعم إدوارد، فأخذهم مُحملين على قافلة ضخمة، و معه آخر دفعة من الطلاسم المتفق عليها، و إنطلق نحو لؤلؤة برادلي قبل شهر، و نصف تقريباً.. الحرب بدأت قبل حوالي 3 اسابيع حيث تحرك جيشان قوام كلٍ منهما نصف مليون جندي بإتجاه مملكة المياة الراكدة، كل الممالك الثمانية تفف على قدم، و ساق، و هم يتابعون ما يجري، هذه بلا شك أكبر حرب بين الممالك حدثت في البضع آلاف سنين السابقة. ”
“إذاً، ماذا عن النتائج حتى الأن؟” سأل روبين بإهتمام.
“المياة الراكدة لاحظوا تجمع الجيوش في دوقيتا ألتون، و برادلي منذ اكثر من عامين، و كانوا بالفعل بدأوا يُعدون العدة في حالة الهجوم عليهم، لذلك عملية الغزو لم تسر بشكل سلس، لو حدث هجوم كهذا سابقاً لتمت هزم جيوشنا بحلول الأن، لكن بسبب وجود الطلاسم ما تزال الأمور تجري في صالحنا، أبي سيطر على 30% من الدوقية التي هاجمها، و الدوق ريموند ألتون سيطر على 20% من دوقية اخرى.” قالت ميلا.
“إثنتان؟ ألم تكون الخطة مهاجمة ثلاثة دوقيات؟” تعجب روبين.
“الخطة كانت إستخدام افضلية الطلاسم الساحقة للشق عميقاً داخل الدوقيتين، ثم إخراج جيوش فرعية لغزو الثالثة التي تقع في المنتصف، لكن ابي اخبرني انهم يستخدمون اساليب جديدة لتقليل اضرار الطلاسم مما أبطئ زحفهم بشكل كبير، و جعل إستهلاك طلاسمهم اسرع.. قال انه في المعارك التي توقع إستخدام 10 الاف طلسم فيها أضطر لإستخدام 15 الف.”
صمت روبين قليلاً. ” بدأوا بالفعل بإيجاد طرق كهذه؟ …كان الحكيم ألبيرت محقاً ببدأ هجوم بهذا المقياس الأن، ربما بعد بضع سنوات اخرى ما كنا لنحظى بفرصة اخرى… همم، لكن اعتقد ان غزو بهذا الحجم متوقع ان يسير ببطئ بعض الشيئ، و النتائج ليست سيئة حتى الأن، اعتقد ان القادم سيكون افضل بالنسبة لهم..” حك روبين رأسه، لكنه بدى، و كأنه أنتبه لشيئ فسأل. ” و ما الذي تفعلينه انتي هنا، لماذا لم تذهبي مع عمك لدعم والدك في حربه؟”
عقدت ميلا حاجبها. “لماذا اذهب؟ اتفاقك مع ابي هو ان يذهب عمي إدوارد معه لقيادة جيشه، اما انا، و بقية القديسين الثلاثة، و بضع عشرات من الفرسان ما نزال هنا.”
” هذا كان قبل ظهور هذا العدد من القديسين، و الفرسان في عائلة بورتون، يمكنكم مشكورين المغادرة الأن للمشاركة في مجد عائلتكم، انا لا امنعكم من شيئ كهذا بدون سبب وجيه.”
“اوه؟ يال الكرم، أبي سيسعد بإضافة كهذه.” أومئت ميلا مبتسمة. “حسناً سأخبر القديسين الثلاث، و الفرسان ان يغادروا اليوم، لكني سأبقى.”
“ألم تسمعي؟ يمكنك المغادرة معهم ايضاً.” روبين اشار لها بالمغادرة.
لكن ميلا لم ترد، بل قامت مبتسمة كما هى، و اقتربت من روبين، ثم أمسكت أذنه، و لوتها، ” يا حبيبي المرأة مكانها بجانب زوجها، انا ما زلت غاضبة لأنك لم تأخذني معك للمواجهة ضد الدوق آيفرين التي يتحدث عنها العامة في أنحاء المملكة، لكنك تريد إبعادي عنك مجدداً قبل حرب الماركوسيتين؟ اريد ان اراك مرة، و انت تقاتل!!”
“اه اه اااه!! حسناً، حسناً، يمكنك البقاء!!” رد روبين سريعاً، و هو يحاول التخلص من يدها، ثم تمتم بصوت منخفض. ” لبؤة..”
“ماذا قلت؟!” صاحب ميلا.
“لا شيئ!” رد روبين بصوت منخفض، ثم رجع ليُتمتم. ” فقط انتظري حتى اصبح اقوى..”
“ماذا قلت الأن؟! لا يهم.. قم ارتدي ثيابك، و دعنا نذهب للبطريرك.”
—————————–
مبنى البطريرك – بعد نصف ساعة.
“اخيراً!” وقف البطريرك ليستقبل روبين القادم ناحيته. ” كيف حالك الأن؟”
“بأفضل حال.. كيف الإستعدادات؟ متى يمكننا التحرك؟” سأل روبين، و هو يدخل.
“كل شيئ جيد، بعد ترك 50 الفاً لحماية الاراضي الجديدة، و أراضي في دوقية آيفرين، تبقى لدينا 300 الف جندي.. تم تسليح ربعهم تقريباً بأسلحة، او دروع مُصنفة، و تم تسليح الفيالق الخاصة بالثلاثة من أظافرهم، وحتى شعرهم بسلاح مًصنف من الرتبة المتوسطة..
كما انه تبقى لدينا ايضاً حوالي 100 الف طلسم ناري، و آلاف من الطلاسم الأخرى يمكننا الإنطلاق غداً لو اردت!” فتح البطريرك يده مُرحباً.
مع ان ميلا لديها معلومات عن عامة عن هذا، إلا أن سماع الارقام من فم البطريرك له طعم اخر. ”0o0″
أومئ روبين. ” جيد، لقد تأخرنا بما يكفي… أطلق النفير، و اجمع الجيش كله، سننطلق صباح الغد.”
تدخلت ميلا. ” يجمع الجيش؟ هل سمعت هذه الأرقام؟ نصفهم سيكونوا كافين للتعامل مع عائلة برتبة ماركوس!”
” الغرض ليس الفوز فقط، و اخذ قطعة ارض، بل سحقهم بالكامل بدون رجعة، كما ان هذه الغزوة يجب ان تكون عبرة للجميع حتى لا يخرج لنا شخص أخر كدونالد آيفرين يحاول إختبارنا… إجمعهم يا عمي براين، سننطلق غداً!”
——————-
صباح اليوم التالي.
*بوووووووووووووووووو*
نُفخ البوق فسُمع في أنحاء مدينة يورا، و خرج كل آهاليها ليرو ما يجري.
*دام دام دام*
فوجدوا انه مجدداً، بعد عودتهم من مواجهة قوية في دوقية آيفرين.. جيش عائلة بورتون المهيب يتحرك.
“فلتساعدكم السماء!!”
” قلوبنا معكم يا فخرنا!”
“اقتل بضع اوغاد يا بُني، و لا تخف!!”
“يبدو اننا سنشارك في الحرب برفقة الدوق ألتون؟”
“تحرك جيشنا العظيم يعني فناء مملكة المياه الراكدة، هاهاها.”
تعالت الهتافات من فوق اسوار المدينة، و امامها حيث اندفع الناس ليودعوا ابنائهم، لكن بفخر، و سعادة، و ليس خوف…
فكلما تحرك هذا الجيش في الآونة الاخيرة جلب لهم مجد اكثر من السابق.
لكن الحماسة، و التشجيع لم يغمر الجميع، فبعضهم ضيق عينيه، و مبعوثي النبلاء أخرجوا حاملات طلاسم الصوت الخاصة بهم، كلهم يرسلون حول نفس الشيئ.. الإتجاه الذي يمشي فيه جيش بورتون لم يكن إتجاه مملكة المياه الراكدة…