=” ذلك الأخ الاكبر المستبصر قال اني سأكتشف نوعاً من الأنماط عندما ارجع للمستوى الاول، لذلك انا متحمس جداً للعودة.. اخشى.. اننا سنفترق هنا” قالها روبين مضيقاً عينيه
-” ماذا؟ نفترق.. ماذا تقصد بهذا؟” خاف قيصر من سماع تلك الكلمات، كأنها اقسى لعنة في الوجود
=”خذ نصيبك من الاحجار و اصعد للدور العلوي ايها العاق! لا تريني وجهك قبل ان تخترق للمستوى الاول” اقترب روبين و ركل قيصر في مؤخرته الذي تسمرفي مكانه قليلاً ثم ضحك و اخذ نصف الأحجار و ركض للأعلى
و بهذا بدأ تدريبهما.. مع ان لكلاهما خبرة كبيرة في طرق التدريب إلا انهما لم يحاولا حتى التدرب في الطريق من الكهف إلى هنا، فتدريب الطاقة و تقوية الأسس يحتاج لتركيز عالي و ذهن صافٍ للتأمل، اخيراً و قد وصلا لبيئة آمنه مليئة بموارد التدريب، لا داعي لكبح انفسهم!
مر اسبوع… اثنان… المستوى الاول هو إرساء اول أساس ليُبني عليه البقية و من الطبيعي ان يستغرق بضع شهور، لكن فجأة صدى صوت عالٍ من الدور العلوي ” هاهاهاااي لقد فعلتها قبلك!” قيصر كان فخور بنفسه جداً، -مع انه من الطبيعي ان يتقدم اسرع بما انه وصل للمستوى 16 سابقاً و لديه نفس تقنية التدريب التي إبتكرها روبين- إلا انه شعر بالفخر لأنه استطاع التقدم على والده بشئ ، قفز قيصر و نزل ليتفقد وضع والده.. فوجده في غرفته الخاصة فاتحاً عينينه التي تحولت للون الأخضر الناصع و حوله الفضاء يبدو وهمي بعض الشئ
-” ما-.. ماذا يحدث هنا ؟ هل اخترقت للمستوى الاول بالفعل.. لا.. حتى لو اخترقت للمستوى العشرون ليس من المفترض ان تصدر هذه الهالة!” قال قيصر بينما اخذ خطوة للخلف، لكنه إستعاد إتزانه بسرعة و جلس امام الباب ينتظر أي رد فعل
مر يومين.. اسبوعين.. ثلاثة أسابيع… قيصر بدأ يشعر بالقلق الشديد، هذا ليس من المفترض ان يحدث لمجرد اختراق المستوى الاول!!
بعد يومين إضافيين.. توقف الوهج في عيني روبين اخيراً ثم ابتسم و وقف ” انماط ها.. هكذا إذاً هاهاها هكذا إذاً..” قال روبين بينما ينظر حوله بفضول لا يضاهى.. روبين كان في حالة نشوة!!
أينما دقق نظر حوله يرى انماط معينة في كل شئ، تبدو كالرسوم في اشياء معينة و كطريقة حركة في ثانية و ترتيب عناصر في اخرى، و هكذا~ لكن قطعاً كل شئ له نمط يميزه عن البقية
المرآة آمامه مثلاً تظهر أنماط على هيئة رسوم فوق صورته المنعكسة، عوارض النافذة عليها انماط كأنها محفورة داخل الخشب، حتى الرياح رأى فيها انماط في تحركاتها عندما امعن النظر
بعدما اخذ ينظر حوله و يتفحص كل شئ لفترة بدا و كأنه أدرك شئ ثم نادى “قيصر، تعال!” قفز قيصر الذي كان يجلس بجوار الباب و وقف امام وربين فوراً الذي بدأ يتفحصه.. كما توقع.. هنالك بالفعل أنماط على جلد قيصر ، ثم جرح إصبع قيصر و اخذ يتأمل في الدم فوجد ايضاً انماط عليه !
لقد تغير العالم كله في نظره.. كل شئ يحتوى على انماط خاصة به، مع انه لم يفهم ما هذا و ما الذي تفعله، إلا انه ادرك انه بالتأكيد بفعل قانون الحقيقة! لكنه لم يُرسي دعائمه بالقانون بعد.. إذاً ماذا سيحدث عندما يفعلها؟
روبين كان في مزاج جيد جداً اليوم قال ضاحكاً ” انا جائع! اعتقد اننا في الشهر الثاني صحيح؟ هيا نستلم مصروفنا و نذهب لنأكل شئ لائق” ثم سحب قيصر من ياقته و خرج مهرولاً من المنزل
——–
استطاع الإثنان صرف الـ 200 عملة ذهبية بسهولة من الخزينة ، لكن هذه المرة أخذاها على هيئة نقود.. فالمستوى الاول لتأسيس الطاقة لم يستهلك الكثير من احجار الطاقة و ما يزال متبقي معهما الكثير..
مسيرهما في ارجاء المؤسسة لم يمر بدون ملاحظة ايضاً هذه المرة، فمن كان يعتقد انهم غامضين سابقاً اصبح جلياً الان انهما في المستوى الاول فحسب، و مقارنةً بعمرهما فهما حثالة! فلم يسلم الإثنان من المضايقات غير المباشرة و الضحكات القادمة من بعيدة، لكن الإثنان كان لديهم خبرة كافية للبقاء هادئين ، قال روبين مبتسماً ” هاي.. لا اذكر اني عزمتك على وجبة في مطعم من قبل.. ما رأيك ان تكون المرة الاولى اليوم؟”
خرج الإثنان من المؤسسة و سآلا في الارجاء عن المطعم ، كانت تبدو كنزهة عادية لكن قيصر لاحظ والده يتلفت حوله و على وجهه إبتسامة كبيرة كأنه طفل يرى العالم لأول مرة، لم يكن يدري.. انه بالفعل اول مرة يرى العالم الحقيقي.
حتى داخل المطعم جذب روبين الأنظار و الضحكات عندما امسك بقطعة لحم كركدن الجبال و تفحصها كأنها تحفة فنية، ” أبـ- .. اخي الكبير، ماذا تفعل؟” قيصر لم يهتم بما يحدث حوله لكن ما يراه كان
فعلاً غريب..
“ما افعله؟ اخترق بضع قوانين فحسب هاهاها” ضحك روبين وسط صدمه قيصر ثم إلتهم طعامه بسرعة و ترك عملتين ذهبيتين على الطاولة و هَم خارجياً مع قيصر
لحق قيصر بروبين سريعاً و سأل متحيراً ” تخترق قوانين؟ ما هذا..؟!”
=”منذ دخلت المستوى و تمكن من إستعمال القوانين التي درستها سابقاً و انا ارى انماط على كل شئ تقريباً، و حسب ما أرى حولي.. اعتقد ان تلك الانماط هى القوانين التي تسير العالم” قال روبين بثقة
-” انت.. انت ترى القوانين بعينيك؟!” قال قيصر مصدوماً
“بالضبط.” ابتسم روبين ” و الأن دعنا نشتري بعض الحطب.. ستكون امامي ليلة طويلة اليوم مع مسار النار هاهاها”!
صُدم قيصر و لم يدري ما يقول.. رؤية القوانين؟! من اصعب مهمات إنتاج تقنية للتحكم في القانون هو اولاً تحديد وتأكيد وجود هذا القانون ثم الشعور ببضع حقائق حول ما يفعله القانون، ثم بناء تقنية
للإستفادة من تلك الحقائق، لكن كلام روبين الأن.. هو ببساطة تجاوز العقبة الاولى! و بالنسبة للثانية و الثالثة.. ما الصعب في الموضوع عندنا يكون القانون امامه ككتاب ينتظر القراءة؟
عندما وصل به التفكير لهذا الحد توقف قيصر في منتصف الطريق، مما اجبر روبين على العودة و سحبه من ياقته مجدداً، لكن هذه المرة نحو السوق لشراء الحطب..
الموضوع التاليالموضوع السابق