الشهران كانا ثقيلين جداً على كل من يعمل في الإدارة، فهم بالفعل مضغوطون بتنمية الأراضي الجديدة، و الأن ظهر لهم شئ اخر ليقلقوا بشأنه..
خاصة مجال البناء و الحِرفيات شهد توسع و إنضغاطة كبيرة، لهذا صنع الأفران التي طلبها روبين من يكن سهلاً..
و مع ذلك تمكن البطريرك من توفير عمالة كافية لصنع عشرة أفران بالحجر النار خلال الشهرين و تم شحنهم لمستودع فارغ بالقرب من المنطقة الإدارية
خلال إسبوع واحد قام روبين برسم النقوش على الأفران العشرة، و قام حوالي 500 عامل ببدأ العمل رسمياً على صناعة الهرم المعدني بسرية تامة…
ثم تجاهلهم و عاد لروتينه اليومي..
خلال الشهرين السابقان كان بالفعل قد وضع أسس للتعامل مع المشكلتين، خاصة المشكلة الثانية التي تخص نقل التقنيات بطريقة أمنة
الفكرة المبدئية هى إستغلال التواصل المباشر مع الروح مجدداً… إرسال المعلومات إلى الذاكرة مباشرةً!
هذا يعني انه سيكون عليه إيجاد طريقة لحقن المعلومات التي يريدها ذهنياً إلى غرض مادي، ثم طريقة لتحويل تلك المعلومات إلى ذهن الشخص المراد مباشرةً
هذا لن يمنع الكتابة المملة و عمل نسخ مكتوبة فحسب، بل سيرفع درجة إستيعاب التقنية بما ان الشخص لن يتجاهل أي كلمة لو ينسى واحدة بسبب القراءة المطولة، بل كل شئ سيُنقل كما هو لمنطقة الذكريات في الروح دفعة واحدة
عندما خطرت الفكرة في رأسه بدأ يمشي في هذا الطريق اكثر و يحاول إيجاد فروع لموضوع حماية المحتوى..
لكن حتى هذا لم يكن عليه التفكير فيه مطولاً.. فنقل المعلومات للذهن مباشرةً لا يحتاج ان يتحرك الشئ المكتوب عليه من مكانه اساساً، لو امسك روبين بذلك الشئ بين يده يمكن لبضع آلاف ان يأخذوا ما فيه بدون لمسه، مما سيجعل ذلك الشئ تحت الحماية الدائمة!
و إن كان هنالك سبب يجعل نقل المعلومات يستوجب إرسال ذلك الغرض لمكان اخر، فهذا ايضاً سهل… ختم الإستخدام الواحد!
بعد تفعيل نقل المعلومات لمرة واحدة سيتدمر الغرض ذاتياً و يصبح بلا قيمة، من يريد ان يسرقه وقتها فليجرب!
سعيداً بقطار أفكاره، روبين بدأ فوراً الإعداد لتجميع كل هذه الأفكار في نقش ملموس…
و على هذا مر 3 شهور اخرى..
حتى جاء البطريرك بنفسه لمنزل روبين و إصطحبه لمستودع ضخم بجوار المنطقة الإدارية
لم يكن هنالك احد في المكان سوى الإثنان فقط، ولا يوجد حولها سوى 10 افران صهر معادن ضخمة، و لا يوجد امامها سوى هرم ضخم…
“وااااو..” حتى روبين إندهش عندما رآه، هرم بإرتفاع 5 امتار مصنوع بالكامل مع معادن ثقيلة عالية المستوى، مجرد الوقوف بجواره شعر بالرهبة من هذا المُجسم الضخم، سطحه الأملس و اللمعان الشديد أضافا حس جمالي رائع عليه ايضاً و أعطياه مظهراً فخماً
اومئ البطريرك بجانبه، ” واو فعلاً.. لكن ماذا بعد؟ هذا الكم من المعادن و الوقت كان بإمكاننا إستغلاله في تسليح فرقة كاملة من الجيش!”
البطريرك لم يكن مولعاً بفكرة *الهرم* الذي لا فائدة منه غير مظهره الفخم..
إبتسم روبين لكنه لم يرد على سخرية البطريرك، بل غير الموضوع “ارسل تلك الأفران إلى بيلي او إلى اي مكان اخر.. المستودع يجب ان يبقى مخصص للهرم فقط الفترة القادمة، اغلق كل المداخل و المخارج و النوافذ عدى المدخل الرئيسي، و هناك ضع بضع فرسان لحماية المكان.. طوال فترة تواجدي خصيصاً يجب ان لا يسمح لأحد بالدخول.”
تنهد البطريرك لكنه اومئ، ” اعطني 3 ايام حتى أزيل تلك الأفران الضخمة، بعدها لن يدخل احد هنا سوى انا و انت، لكن هلا اخبرتني ماذا ستفعل؟”
” انت ترى امامك هرم لامع، لكني ارى أكبر لوح قسم في العالم…”
نظر البطريرك إلى روبين الذي كان يقف جانبه بعينان مفتوحتان على اخرهما، “…إيه؟”
——————
خلال الشهران التاليان توقف روبين عن الذهاب للمكتبة العامة مؤقتاً، و توقف ايضاً عن الذهاب للأكاديمية لإعطائهم دروس او مساعدتهم في رسم أي شئ، اوقف فيهم صنع حتى الـ 8 الواح قسم و حبة المستوى الثالث و خواتم الصوت ذات الإستعمال المتعدد
و خصص ذلك الوقت في زيارة المستودع الفارغ يومياً…
الأن حياته إنقلبت مجدداً للبحث في طريق نقل التقنيات و الإستشفاء نهاراً، و التسلل للمستودع الذي فيه الهرم للعمل ليلاً…
فكرته للهرم كانت صنع وسيط يتم رسم نقش هائل الحجم ليساع عدد كبير جداً بدون الحاجة لكتابة واحد جديد كل يوم، لكن هذا لم يكن سهلاً…
روبين سابقاً إستطاع عمل لوح القسم ذا العشرة أماكن كأقصى حد يمكنه الوصول له، و الأن يحتاج لإعادة تشكيل ذلك لفتح أماكن جديدة كثيرة على نفس الوسيط.. اماكن تقدر بالمئات او الآلاف!
لذلك الوقت في المستودع كان يُقضى معظمه في الدراسة و الابحاث ايضاً أكثر من النقش نفسه…
—————
بعد شهر اخر…
روبين إستطاع جمع افكاره بخصوص نقل التقنيات معاً و خلق اول نقش يمكنه التواصل مع الروح مباشرةً و إجتياز حاجز الوسيط المتمثل في الحواس الستة : السماع، النظر، الشم، اللمس، التزوق، الحس الروحي
كان هذا إكتشاف كبير فتح له أبواب كثيرة للمزيد من الطلاسم من هذا الصنف، خاصةً في مجال طلاسم الصوت!
لكن هنالك اشياء اهم حالياً..
خلال الشهران التاليين إعتكف روبين في المستودع المهجور بالكامل و خصص كل وقته لإنهاء النقش الجديد على الهرم حتى أنهاه بالكامل
اخر خط رُسم على الهرم أشار بمرور 10 أشهر على الإجتماع مع الدوقين…
مع ان روبين كان قد فرح سابقاً ان عين الحقيقة لديه تطورت و سيأخذ فترات اقل في البحث مستقبلاً، إلا ان حظه السئ جعل اول شيئين يبحث فيهما لم يكن لهما علاقة بالأنماط من حوله
بل كان يحاول تجديد اختام التشغيل و صنع اختام ربط بين الوظائف المختلفة، إلخ…
اخيراً بعد يوم عمل طويل، نزل روبين من على اعلى الهرم الذي إختفت من عليه النقوش و رجع لطبيعته، فوقف اسفله و اخذ ينظر للأعلى مبتسماً… ثم أومئ بقوة و خرج من المستودع متوجهاً لمكتب البطريرك.
الموضوع التاليالموضوع السابق