بعد اسبوع.. الحديقة الأمامية لقصر روبين الجديد

“اهلاً و مرحباً بالدوقان في منزلي المتواضع، بماذا أدين لهذه الزيارة الكبيرة؟” فتح روبين ذراعيه مُرحباً بالرجلين القادمين نحوه

جالان وضع يده على الشخص الذي يبدو في منتصف العمر بجواره، “هاهاها مرت سنوات منذ إلتقينا اخر مرة ايها الشقي، جعني أُعرفك، هذا ريموند ألتون… ريموند، هذا روبين خاطب إبنتي ميلا”

إبتسم روبين و وجه نظره نحو الرجل القادم نحوه، كان واضح عليه ملامح الحيرة و الإستغراب و ربما الصدمة حتى في نظرته لروبين..

روبين لم يكن سعيداً بهذه النظرة ابداً،هو لم يكن سعيداً من ساعة ما اخبرته ميلا عن هذا اللقاء، فهو لا يملك علاقة بالدوق ريموند و لا يفترض به ان يعرف هويته، فما الذي جلبه إلى هنا؟ و هذا قطعاً لا يبدو تعارف عادي…
في النهاية إستجمع روبين إبتسامة مصطنعة و تكلم، ” و هل يخفى القمر؟ نحن نعيش على أراضي الدوق ريموند، انه لشرف لي لقاء سيادتك رسمياً اليوم… لكن هل يمكنني معرفة سبب زيارتكم لهذا الشاب الصغير؟ اعتقد ان البطريرك قد خرج من عزلته بالفعل، لذا..”

لكن الرد لم يكن متوقعاً، حيث نظر له ريموند بتفصح اكثر حتى و تمتم “روبين.. بورتون… إذاً انت هو العقل المدبر و خالق الطلاسم المبدع، مجرد شاب في الـ 150 من عمره، من كان ليظن هذا..”

اول جملة قالها الدوق ريموند منذ مجيئه مسحت أي إبتسامة من على وجه روبين و نظر لجالان غاضباً.

“هاها لماذا تنظر لي؟! امسك..” جالان ضحك بصوت عالٍ ثم ألقى لروبين لوح قسم ذا مكان واحد، ” كان بيننا حوار كبير توجب فيه فضح هويتك، لكني جعلته يقسم ان لا يسرب هويتك لأحد.”

إلتقط روبين اللوح و تفحصه بعناية، قبل ان يضعه في جيبه و يبتسم مجدداً نحو الدوق ريموند ” يسرني ان معارفي إزدادوا واحد، اهلا بك مجدداً يا سيادة الدوق.”

“هاهاها لو قلت هذا قبل تفقد اللوح لربما صدقتك!” ضحك ريموند بصوت عالٍ، لا يبدو انه غاضب حقاً..

“مجرد إجراءات وقاية يا سيادة الدوق، لابد انك تتفهم وضعي؟ تعالوا تعالوا تفضلوا بالجلوس..” أشار روبين نحو طاولة صغيرة من أربعة كراسي في الحديقة الأمامية لقصره

تبعه الإثنان للطاولة و بدأوا بتبادل المجاملات و الشكليات لبضع دقائق، حتى جائت لهم ميلا بأكواب من القهوة و وزعتها عليهم ثم جلست بجوار روبين

” هاها انت حقاً شاب يصعب لقائك، مرت فترة و انا احاول الجلوس معك لكنك كنت دائماً في عزلة او مشغول بشئ.. فقط عندما علمت من إبنتي انك خرجت و انك غير منشغل بشئ اخر لبعض الوقت، أنهيت كل ما في يدي و جئت..” تكلم جالان و هو يشرب قوته

” انت مرحب بك هنا دوما يا سيادة الدوق.” إبتسم روبين

” هاه؟ ماذا تقصد بـ *سيادة الدوق*؟ ناديني بـ حماي يا ولد هاها ألسنا اهل الأن؟” ضحك جالان بصوت عالٍ

نظر روبين بجانب عينه لميلا التي تجلس على يمينه، و رفع كتفيه “هيهي اعتقد ان عندك حق يا حماي.. لكن ما خطب * ولد ، شقي، شاب *؟ انتم تتركون مظهري الحالي يخدعكم اكثر من اللازم..”

روبين لم يحب تلك الكلمات كثيراً، او بمعنى ادق هى لم تكن مألوفة لديه لقد كان يُعامل كضرطة عجوز منذ فترة ليست بالبعيدة..

قهقه الدوق ريموند، ” انت مجرد شاب صغير في الـ 150 عامةً على ما اعتقد؟ عندما كنت في مثل عمرك كنت ما أزال أختبر حظوظي مع الفتيات يميناً و يساراً… لا يمكنك تخيل مدى صدمتي عندما عرفت انك صانع الطلاسم، جالان احتاج بضع دقائق لإقناعي بذلك!”

“هاهاها ذكرتني بالذي مضى يا ريموند، 150 عاماً ليسوا شيئاً بالنسبة للنبلاء… فهذا قد يكون نهاية حياة مقاتل عادي في المستوى العاشر، لكن بالنسبة لمن درسوا القوانين فكل مستوى في الفروسية يزيد العمر بـ 50 عام ، لذلك فهم يعيشون حتى 650 عام تقريباً

ثم كل مستوى في القدسية يزيد العمر بـ 100 عام، يعني اننا من في قمة مستوى القديس يمكننا العيش حتى 17 قرناً تقريباً ، و بعدها يأتي دور الحكماء الذي يزيد عمرهم بـ300 عام مع كل مستوى… و انت تتكلم كأنك عجوز يا إبن القرن و النصف؟ هاهاها”

اومئ ريموند مبتسماً، ” فقط ولد صغير يمكنه التآمر لمهاجمة مملكة عندما يكاد احد اقرباءه ان يصاب بمكروه فيها… لقد تفاجئت عندما سمعت اول مرة ان صانع الطلاسم هو من رعى تلك الحرب عديمة الفائدة، لكني الأن فهمت.”

“اللعنة! هل جئتما اليوم لتهينانني؟!” جملة ألتون الاخيرة غاظت روبين كثيراً، فهو فعلاً يشعر بالغباء كلما فكر الأمر… مهاجمة دوليفار عرضته لمخاطر كثيرة كادت ان تقضي عليه، و ما تزال تلك المخاطر تهدده حتى اليوم
“هاها من يجرؤ على إهانة عراب الطلاسم، عدم خبرتك لا ينقص منك شيئاً.. اخبرني يا روبين، أصحيح انك قضيت كل حياتك في كهف بمفردك كما اخبرتني ميلا؟” سأل جالان

” … تقريباً، اخر عشرون عاماً وجدت قيصر و عاش معي في الكهف..” رد روبين بصوت منخفض

” إذاً انت بلا خبرة حقيقية يا صديقي الصغير، لتكتسب خبرة و تقول *انا عِشت* عليك ان تخالط الناس و تحب و تكره و تحارب و تسالم.. قد تكون عبقري و بلا مثيل في نواحي معينة، لكن من ناحية النضوج لا اعتقد انك اكثر نضوجاً من شاب صغير..”

حك روبين رأسه لم يدري ما يقوله لهذا الوحشان العجوزان، “كح كح، سني و خبرتي العملية قد يكونا متواضعين فعلاً لكني اثق ان لدي ما يعوضني عن هذا، كلاكما جئتما بأرجلكما إلى هنا من اجلي، صحيح؟ اخبرني يا حماي، كيف يمكنني مساعدتك؟ و ما هو ذلك الحوار الكبير الذي توجب فضح هويتي فيه للدوق ألتون؟”

“تريد تغيير الموضوع، ها؟ هاها حسناً لا اريد ان اشغلك كثيراً ايضاً…” قهقه جالان، ثم نظر بجدية إتجاه إبنته، “قومي من هنا يا فتاة، إذهبي للتدرب او شئ كهذا..””

” ..ايه؟! لماذا! انا من رتبت هذا اللقاء!!” إعترضت ميلا فور سماعها كلام والدها

” انا اريد خطيبك في شئ مهم، لا اريده ان يعتقد اني سأستغلك للضغط عليه.. سأخبرك لاحقاً بنتيجة اللقاء لا تقلقي.” اشار لها نحو الباب

“اوف!” ضربت ميلا قدمها في الأرض و غادرت، منظرها جعل روبين ينفجر ضحكاً…

ثم عاد لينظر للدوق، ” موضوع مهم ها… ما هذا يا ترى؟”

ترك جالان كوب القهوة على الطاولة امامه و إبتسم قائلاً، ” بصراحة انا جائع…”

” اوه..” إبتسم روبين ” من يعرف من انا لعابه يسيل نحو أشياء كثيرة، ماذا تريد ان تأكل تحديدا يا حماي؟”

“مملكة المياة الراقدة.” اعلن جالان

من Zeus

-+=