اذكر الله//
بعد بضع سنين — كوكب حفرة الدمار
خطوة، خطوة…
جلس هيدريك بهدوء على مقعد صغير، واضعًا كلتا يديه على ركبتيه. شعره غير المصفف أضاف طبقة فوق عينيه، لكن على الأقل كان شعره الطويل مربوطًا من الخلف كذيل فرس، ولم يُترك لحاله كما يفعل دائمًا.
قال بنبرة هادئة:
“هلّا جلستِ الآن؟ الأمر لا يستحق كل ذلك.”
أمام هيدريك الآن كانت هناك امرأة، امرأة ترتدي الأسود، تتحرك ذهابًا وإيابًا بتوتر، بانفعال، بغضب. لقد كانت هيلين.
كان دبوس شعرها الضاغط غائبًا، كاشفًا عن شعر فضيّ كشلالٍ يصل لأسفل ظهرها، وقناعها ذي الفرو الذي يغطي وجهها عادة لم يكن موجودًا أيضًا، مُظهِرًا وجهًا خلابًا يسهل أن يجذب الأنظار، كالقمر التام في ليلة مظلمة.
ومع أنها كانت تعقد حاجبيها الصغيرين فوق عينيها الحمراوين اللامعتين كالياقوت، إلا أن نظرتها لم تحمل تهديدًا، فقط مشهد أثر يستحق أن يُثبت للأبدية.
أما هذا المنظر، فربما فقط أخوها يمكنه الجلوس أمامه بكل هذا الثبات.
خطوة، خطوة…
“الأمر لا يستحق؟! أُجج!!”
شدّت هيلين كلتا يديها بقوة وحدّقت نحو أخيها،
“هل تعلم الشائعات التي تدور حولي الآن بسبب مشادتك مع ذلك الجربوع؟ أنا حافظت على اسمي، هيلين، نظيفًا منذ ولادتي، لكنه بسبب ما حدث انسدل في الوحل بكل بساطة!!”
لم تكن هيلين مدعوّة للمزاد، لأن الجميع يعرف مدى فقر إمبراطورة حفرة الدمار. وبطبيعة الحال، لم تكن تملك ما يكفي من المال لشراء مقعد في المزاد وتخالف الظنون بدون قطعة أسطورية أو شيء كهذا… هي فقط لم تحضر.
لكن الأخبار وصلت إليها بسرعة.
“إنها مجرد كلمات عائمة، لستِ بحاجة للتفكير كثيرًا.”
قال هيدريك بثبات، رأسه وجسده ساكنان، بينما جسد هيلين يتحرك أمامه ذهابًا وإيابًا بسرعة وتوتر كالبرق.
“المشكلة كانت في الكلمات العائمة!
يا ليته قال إنه هزمني، أو حتى قتلني!
أنا يُقال عني أن ذلك الجربوع تنمّر علي؟!
أنه اعتدى علي جسديًا؟!
هو حتى لم يرني بشكل واضح!
أقرب مسافة اقتربتها منه جسديًا في حياتي كانت في أعلى الغلاف الجوي، على بُعد عشرة آلاف كيلومتر منه!!”
شدّت هيلين قبضتيها بقوة،
“سأقتله! سأقتله!!”
لكن بعدما لمعت عيناها للحظة، اختفت نية القتل سريعًا، وظهرت مشاعر متضاربة، ثم جلست بهدوء… تنظر نحو الأرض بقبضةٍ مشدودة مرتعشة.
“…احكِ لي ما حصل.”
قال هيدريك بعدما رأى أن شقيقته هدأت قليلًا.
“لقد أخبرتك بكل شيء وقتها.”
نظرت هيلين بعيدًا،
“لم تُضف أجزاء جديدة للقصة بعد كل تلك السنين.”
“احكي لي مجددًا… هيلين.”
شدد هيدريك بنبرته،
“هذه المرة، بعدما قابلتُ روبين بورتون، واستوعبتُ شيئًا من شخصيته، بدأت أفهم… هنالك نظرية معينة تؤرقني.”
“…بما أنك رأيت وقاحته، وانعدام شعور الخوف الغريزي فيه، فلا داعي لأعيد القصة بالكامل.”
قربت هيلين يديها إلى جسدها واحتضنت كوعيها.
“لكن تلك الأعين…”
“أعين شظية الروح الذهبية؟”
حاول هيدريك تشجيعها على الكلام.
“…إنها ليست شيئًا اختبرته من قبل. لم أشعر فيها بنيّة قتل، لم أشعر بغضب، لم أشعر حتى باستياء.
كل ما شعرت به كان… انزعاجًا طفيفًا؟
انزعاج من أنه اضطر للتحرك.
هو لم ينظر حتى في عيني كنوع من التهديد، أو يعرني أي اهتمام. عيناه… لقد نظر نحوي بشكل عام، كشخص ينظر نحو ذبابة، ثم فقط… لوّح.”
اهتزت عينا هيلين قليلًا،
“بتلويحة واحدة وجدتُ نفسي داخل هذه الغرفة.”
ثم رفعت وجهها لتحدّق في عيني أخيها المستترتين.
“كيف يعقل هذا يا أخي؟
بتلويحةٍ منه، ومن على بُعد عشرة آلاف متر، جعلني أنتقل من القطاع ٩٩ اليافع إلى القطاع ١٠٠ المتوسط، عابرةً بذلك جدار الفحص العازل، بل وأعادني إلى غرفتي الخاصة داخل كوكب حفرة الدمار! وجدت نفسي واقفة بجوار سريري!”
“لا، انسَ أمر نقلي.
لقد أرسلتُ من يتقصى عن كوكب يورا خلسة،
لقد عاد كالجديد بعدما دمّرتُ غلافه الجوي!
هل هناك طريقة حتى لإنقاذ كوكب بعدما يُدمّر غلافه؟!”
ثم لمعت عيناها أكثر،
“أنت قاتلتَ أبانا من قبل، وليس مرة بل اثنتين،
اختبرتَ قوته وخرجتَ سالمًا…
هل هذا شيء يمكن لطاغوت فعله؟”
“…أنتِ تعرفين الإجابة عن سؤالك.”
هزّ هيدريك رأسه،
“حتى إنتيراس لا يمكنه فعل شيء كهذا.”
“….”
عادت هيلين لتنظر نحو الأرض ببطء.
“…ما الفائدة من تكرار الحديث عن تلك الواقعة؟
هل تريد أن تذكرني حتى لا أعاود مضايقة ذلك الجربوع مرة أخرى؟
حسنًا، لقد نجحت.”
“الجربوع الآن أغنى من كلانا،
بل ربما أغنى من الإخوة الخمسة جميعًا.”
ابتسامة كبيرة ظهرت على وجه هيدريك،
ثم أشار نحوها،
“في الحقيقة، يجب أن تكوني شاكرة له.”
“فسّر.”
عيناها لمعتا بعدم قبول.
تكون شاكرة؟
بسببه خسرت أكبر داعميها في الحزام اليافع، وخسرت عدة كواكب من إمبراطوريتها… لقد عادت آلاف السنين إلى الوراء!
“هو أثبت أنه يمكنه صنع فنون قتالية من المستوى الخامس،
وحسب وتيرة إنتاجه وعُمره الصغير – كما أخبرتِني – فلا يبدو أن الأمر صعب عليه.”
بدأ هيدريك يوضح،
“لو أخرج فنًّا قتاليًا أو اثنين من الدرجة الخامسة، ووضعهما كمكافأة على رأس إمبراطورية حفرة الدمار…
هل كنا سنظل نتكلم هنا والآن؟”
“يمكنه أن يحاول!”
الياقوت في عينيها اشتدّ لمعانًا بنية قتل خافتة.
“أُدرك أن قتلكِ صعب، لكن على الأقل، كنتِ ستضطرين للتخلي عن إمبراطورية حفرة الدمار، وتبدئين من الصفر في مكان آخر.”
وضح هيدريك،
“ربما كنتِ ستضطرين للمجيء والبقاء بجوار أخاكِ حبيبكِ، هيهي.”
“…..”
هدأت عينا هيلين مرة أخرى، وعادت للنظر نحو الأرض.
“…بعد كل ما حدث، هل جئتَ لتقول إنه يجب أن أكون شاكرة لأنه نسي أمري؟”
“…لقد جئتُ لأؤكد شكوكًا راودتني منذ أن أخبرتِني عنه أول مرة،
شكوك تأكدتُ منها بعدما رأيتُ ردّة فعله على استفزازي.”
رفع هيدريك رأسه أكثر لينظر في عينيها من بين شعره،
“…هيلين، بأي لونٍ تضيء عيناه أثناء القتال؟”
================
لدعم هذا العمل مادياً:
باي بال: paypal.me/eslam997
تحويل فيزا مباشر بنك الراجحي داخل السعودية:
معاذ خلف عواض الثبيتي
SA55 8000 0327 60801624 0281
اي محفظة كاش مصر: 01020451397
بايير: P1017229514
بينانس أي دي : 39853995
سعر الفصل 5$
سعر الفصل بعد يوم 20 من كل شهر 10$
~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء
~~~~~~~
الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:
novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~
سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:
https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 83/78
متائكد من جنون هذا المجلد سيكون مختلف في السابق كان الروايه يطبخ على نار هادئه لكن الان لا
هيدريك قاتل والده مرتين 😒🤨
هل تقاربه مع الدمار عالي جدا جدا ليكون لا يتضرر منه ابدا ام ماذا
كيف طاغية لا يقتل حالة وصل و كلاهما في نفس القانون
يمكن ماكان جدي
وحتى روبين نجا من قتالى مع حالة وصل
شكرا علي مجهودك
اول
شكراً
شكرا علي الفصل
الله يهديك و يغفر لك ويرحم والدك وجميع موتي المسلمين و يشفي جميع مرضى المسلمين و يساعد المستضعفين من المسلمين
يسلمووو على الفصل
شكرا على الفصل
لا اصدق انه يعرف المستبصر… غالبا هناك شائعات عن هذا الكيان فقط
مش مقتنع انه يعرف المستبصر… ممكن تكون شائعات حول هذا الكيان بما انه كان له الكثير من الخطط والمشرحين
لا تعلم كم انتظرت ذاك الفصل لأري رد فعل هيلين عن شظية الروح الذهبية مع ان الفصل تأخر كثيرا وشككت انه لن يأتي
صراحة الفصل روعة احسنت
شكرا على الفصل
شكرآ كبير على الفصل ياابا احمد شافاك الله وغفر الله لوالدك
داخلين على أسرار 🔥
شكرا علي مجهودك 🙏
ناري قودتيها