“طبعاً! منذ ذلك اليوم و انت تزورهم بإستمرار، في بعض الأحيان كنت تزورهم على الاقل مرة اسبوعياً، كل تلك الأموال يتم صنع وجبة يومياً و هى الغداء و يتم توزيعها هنا، موعد الغداء الرسمي بعد ساعة من الأن يمكنك الإنتظار و المراقبة.. سيجتمع الكثير من فقراء الناحية الشمالية من المدينة وعائلاتهم لأخذ حصصهم من هنا،
اعتقد ان كل عائلة يحق لها اخذ وجبة كل اسبوعين مرة حتى يصل الطعام للجميع.. لكن هذه ما تزال مساعدة كبيرة لهم و كل هذا يتم بإسمك انت، شعبيتك بين الطبقة المعدومة ترتفع مع كل طبق يتسلموه من هنا، حتى الطبقات الأعلى من المجتمع عندما يسمعوا بهذه المبادرة منك لا يأتي على ألسنتهم غير الثناء”
“هذا..” جلس روبين على السطح يتأمل وجوده النساء و الأطفال الجالسين أمام الخيمة ينتظرون ما يأكلونه..
ظل روبين مكانه لفترة حتى بدأ الناس بتجمعون من كل حدب و صوب و بدأت قطعة الأراضي تُكسي بأجساد بشر هزيلة و أعينهم التي تبرق بالأمل و هى تنتظر أدوارهم في الطعام الذي ينتظروه من إسبوع..
لم يكن يعرف روبين بماذا يشعر، هو بدون قصد عَمل شئ عظيم بذلك الإقتراح و تلك الأموال البسيطة، لكن مجدداً… شئ اخر يتلقى عليه الثناء مع انه لم يقصده!
بعد بضع دقائق روبين لم يتمكن من تحمل المشاهدة اكثر، فقام و تنهد، ” هيه~ نظرت للأمام كثيراً حتى نسيت ما يقع تحت قدمي، اريد تغيير العالم كله لكني عجزت عن تحسين حياة من يعيشون في مدينتي…
اخبري العم براين ان يدعم مطعم العم تيم شهرياً بأموال كافية لإطعام كل المعدومين في المدينة من اليوم فصاعداً، و يجب ان يكونوا ثلاث وجبات جيدة يومياً و ليس واحدة، لا اعتقد ان هذا سيكون متعب للعائلة .. ربما 20الاف عملة ذهبية ستفي بالغرض؟ هذا المبلغ كان ليكون مشكلة في الماضي، لكن ليس الان… يجب ان لا ينام احد جائع في مدينتي.”
اومئت ميلا مبتسمة و كأنها كانت تنتظر رد مشابه، ” لا مشكلة، البطريرك لن يرفض لك طلباً كهذا… سيكون المزيد من الناس شاكرين لك من اليوم فصاعداً يا روبين.”
“هيا بنا..” قالها روبين و قفز من فوق المبنى، و غادر في الإتجاه المضاد..
——————
ميلا مشت بجواره بهدوء و لم تشئ ان تزعجه و هو يفكر، ذلك المشهد قبل قليل كان له تأثيراً عليه أبعد مما ظنت..
لكن بعد بضع دقائق من المشي هو من اخذ المبادرة، ” أين بيلي؟ اريد الإستفسار منه عن شئ..”
” انه يقضي معظم وقته في الأراضي الجديدة الأن، القديسين الخمسة يحتاجون للبقاء في المصانع لحماية الأفران و مخازن الأسلحة، أما بيلي فيعمل على الإشراف على المشروعات الجديدة..” رد ميلا
“اوه.. حسناً سنذهب إلى البطريرك إذاً.”
هزت ميلا رأسها” لا داعي، انه في عزلة منذ اكثر من شهر، قام بحجز 3 حبوب تنشيط روح مستوى ثالث و قرر تجربة الإختراق للمستوى 26.”
عند سماع هذا وقفت روبين في منتصف الشارع، ” إذاً من يدير مدينة يورا؟!”
” انا بالطبع! العم إدوارد يهتم بكل ما يخص الجيش و تسليحه، اما الامور الثانوية انا من يقررها.” وضع ميلا يدها على صدرها و ردت بفخر
“انتي؟! هيه~ العائلة تفتقر للقديسين بشكل مخيف… اياً يكن، هل حصلنا على معلومات بشأن الطرف الذي أخذ كُتيبا تقوية الروح و تجديد الروح؟”
ردت ميلا بغضب، ” سأحاول تجاهل انك تقلل من شأني، همف! بالنسبة للمعلومات التي تطلبها فأجل، قسم الإستخبارات حصل عليها قبل شهران… الشخص الذي فُقد الكتيبان من عنده هو فرد من عائلة بارون تابعة لدوقية آفرين.”
” ..؟!” لم يتوقع روبين هذا ابداً، او بمعنى اصح لم يرد ان يتوقعه، ” ما هى علاقة عائلة البارون تلك بعائلة آيفرين؟”
“علاقة ممتازة في الحقيقة، بينهم علاقات زواج كثيرة منخفضة المستوى بين العائلتين، كما انهم اول من يلبي نداء الحروب، يمكنك القول انهم كلاب عائلة آيفرين.”
عقد روبين حاجبيه، مجرد عائلة بارون لن تجرؤ على لعب لعبة كهذه على عائلة ماركوس عادية، فضلاً عن عائلة بأهمية و قوة عائلة بورتون، في بضع ثوانٍ بدأ يتحرك مجدداً و سأل، ” دوقية آفرين.. انهم الدوقية الحدودية مع دوليفار، صحيح؟ نحن نحتاج للمرور في أراضيهم كل مرة ندخل او نخرج من اراضينا الجديدة… ما هى علاقتنا الحالية معهم؟”
رفعت ميلا كتفيها، ” ليست سيئة جداً في الحقيقة، على الاقل لا يوجد عداء في الظاهر.. انهم يحضرون كل المزادات و يفوزون ببضع طلاسم كل شهر، مع ذلك تحدث مشاحنات كل فترة على حدود مع أراضينا الجديدة عندما تمر العربات المُحملة بالأسلحة بالمصنفة او تمر كتائب من جيوشنا..
حتى انهم قبل شهران قاموا بالإستيلاء على عربة مليئة بالأسلحة المصنفة و أبقوها عندهم لأسبوع كامل بحجج سخيفة قبل ان يرجعوها لنا بعد ضغط من البطريرك براين و حتى عمي إدوارد كان عليه التدخل.. و حالياً هم قاموا بتقييد مرور العربات من أراضيهم لمرة واحدة في الشهر لـ *دواعي أمنية*، علينا حالياً تجميع كل شغلنا في المصانع على مدى الشهر و إرساله في موكب واحد كبير مكون من عدة عربات”
ملامح روبين إنقلبت، هذا شئ لم يكن في الحسبان إطلاقاً… روبين كان غاضب من ضياع الكُتيبين، لكنه لم يكن قلق.
فحتى لو كان الكُتيبين وقعا في أيادي خاطئة فلا مشكلة حقاً، حتى لو معهم طرق تقوية الروح و تجديدها، فماذا سيفعلون بتلك الأرواح؟
المشكلة الفعلية بعد سقوط الكُتيبين في يد احد القوى، سيأتي سؤال لا مفر منه و هو : *ماذا يفعلون بتلك الأرواح بعد تقويتها؟* … و هذا ما كان يخشاه روبين، ان تحاول تلك المنظمة التوغل و تحاول معرفة اكثر مما ينبغي.
و هذا ما يحدث الأن، واضح ان دوقية آيفرين بدأوا في السعي لإيجاد أجوبة للسؤال… لم يعد هنالك شك انهم هم من اخذوا الكُتيبان.
و لم يعد مجالاً للشك… ان هذه ليست اخر مرة سيسمع إسم آيفرين بشئ لا يسره.
الموضوع التاليالموضوع السابق