1356 -النفس البشرية

اذكر الله/

“أووه.” ابتسامة كبيرة ظهرت على وجه روبين، لكنه كتمها وسأل أولًا: “ما هي جامعة القوى البشرية تلك؟”

“مجرد تجمع لممثلين من قوى البشر الذين يريدون علاقات خارجية.” بيتسو هز يده بضع مرات، “إنها منظومة لا تملك قوة تنفيذية، وحتى ممثلو القوى فيها لا يجتمعون أبدًا، ولا يتخذون أي قرارات موحدة. بدايتها كانت لمقاومة الاضطهاد ضد البشر في القطاع 100، لكن انتهى بها الأمر كنوع من المعارض!”

هز بيتسو رأسه غاضبًا: “أي مقر لجامعة القوى البشرية ستجد فيه ممثلين كُثر لعشائر وأكاديميات وعائلات وتجار كبار، كل واحد يعرض منتجات فريدة أو خدمات، وكل مندوب يسعى لجذب الزبائن من البقية. لو قلت إن عائلتي على وشك الإبادة، لن يلتفت لك أحد، لكن لو قلت إنك تريد جبنًا أزرق معلبًا، ستجد ثلاث أو أربع قوى تتنافس على بيعه لك!”

“هيهي، هذا مثير للاهتمام.” روبين لم يتمالك نفسه وبدأ يضحك.

حسب فهمه للطبيعة البشرية، فهذا طبيعي جدًا. كل واحدة من تلك القوى تنظر لمشاكلها الداخلية، تنظر إلى الموارد الناقصة وتحاول صنع مصادر دخل جديدة، كل واحدة منهم لها أعداؤها الداخليون والخارجيون.
ماذا إن كان جيرانهم البشر يواجهون خطر الإبادة؟ هو لديه مشاكله الخاصة.
ماذا إن كانت الأكاديمية الفلانية محاصرة؟ هو لديه أنابيب ضغط المياه تحت أراضيه تحتاج لتغيير، من لديه وقت للذهاب والقتال من أجل آخرين؟ ومن أجل ماذا؟ البشرية؟ المهم أنابيب ضغط المياه لشعبي!

لهذا، فمفهوم الجامعة منذ البداية هو مفهوم معيوب، خاطئ. بدون قوة حقيقية تحكم البقية وتُجبرهم على التصرف، لن يتّحد البشر على كلمة أبدًا. في الحقيقة، إنها فكرة جيدة أن مندوبي القوى وجدوا عملًا تسويقيًا بدلًا من جلوسهم بلا فائدة!

“وجدك يريد أن يجد مأوى مع أولئك المندوبين؟” روبين رفع حاجبًا واحدًا.

“في الحقيقة، لو طرح فكرة أنه مستعد للانضمام إلى إحدى القوى الأخرى، فجميعهم سيقبلون به وبعائلة مايترز دون أخذ ثانية واحدة للتفكير. أي قوة سترفض ست كوارث عالم حاليين ومعهم ستة مستقبليين؟” ثم هز بيتسو رأسه، “ما يخيف جدي أنهم لن يقبلونا ببساطة لجمال عيوننا، لن يسمحوا لنا بالحصول على أراضينا أو الاستمرار بكوننا عائلة مايتزر. فورًا بعد الانضمام سيتم ابتلاعنا. سنكون جزءًا من شيء آخر، تاريخنا الطويل والعظيم سيختفي… وهذا شيء لا أحد يطيقه!”

ابتسامة روبين الهادئة اختفت تدريجيًا.

بيتسو تَوَهّم بأكثر شيء عبثي يمكن قوله، ولو كان يدرك تلك الكلمات لأدرك مدى ازدواجية معاييره ونفاقه… لكنه يعرف أن تفكيره أبسط من ذلك.
عندما قابله أول مرة، تكلم عن أن البشر لا يمكنهم صنع إمبراطوريات بسبب الاضطهاد، وأن العائلات، الأكاديميات، العشائر، والكيانات الاقتصادية هم من يسيرون عالم البشر. لكن روبين فهم في الوقت ذاته أن هذا هراء. ألا يمكن لبضع عائلات التفاهم والاندماج معًا لتشكيل إمبراطورية؟

لكن المشكلة تعود إلى أن كل عائلة سترغب أن تكون هي المتسيدة. لا يوجد رئيس عائلة أو ولي عهد سيضحي بمكانته طوعًا ويوافق أن ينادي شخصًا آخر بـ “جلالتك”. لماذا يفعلها وعنده أراضيه الخاصة؟

وإن حدث واندُمجت عائلتان أو ثلاث من تعيسي الحظ، عائلات ضاق عليها الدهر وفقدوا أراضيهم وناسهم، فلن تظهر إمبراطورية قوية، بل ما سيظهر غالبًا سيكون عشيرة باسم جديد، يكون فيها مجلس شيوخ يدير كل شيء، وكلما دخلت عائلة جديدة يزداد المجلس كِبَرًا.

لقد رأى في عشيرة اتحاد نيهاري ما يؤكد له ما الذي ستؤول إليه قوة لا تملك حاكمًا أوحد… يستحيل أن توجد عشيرة بزغت من اندماج عائلات وخبراء بوضع يدٍ بيد أن تكون ذات شأنٍ أبدًا. دائمًا، حاملو نفس الاسم سيحاولون عمل أحزاب وأخذ القرارات لصالحهم على حساب البقية!

لو اندمجت كل العائلات، العشائر، الأكاديميات، والكيانات التجارية البشرية في إمبراطورية واحدة تحت حكم شخص قوي كاللورد هيدريك مثلًا، ستقوم إمبراطورية عظيمة، ستكون على الأقل “إمبراطورية ألفية”…
لكن يا خسارة، هذا لن ينفع أبدًا.
لن يتوحد أحد… يجب أن يتوحدوا غصبًا.

لهذا تحديدًا، وبعد كل ما رأى روبين من طبيعة النفس البشرية، فهم أن الحرب دائمًا هي الوسيلة الوحيدة للتوحيد، الوسيلة الوحيدة للسِلم، كل ما هو غير ذلك… زائل.

روبين حك رأسه للحظات، غاضبًا من التفكير في حالة البشر وطريقة تفكير حكامهم، ثم عاد لينظر في عيني بيتسو، “اسمع، أريدك أن تعود إلى جدك.”

“ماذا؟ لماذا؟! ألم تقبلني؟! يمكنني أن أكون خادمًا جيدًا!” بيتسو اقترب كثيرًا، بدا وكأنه يتضرع، مع أنه قبل قليل قال إنه سيغادر لو أمره روبين بذلك.

“اغرب.” روبين أزاح وجهه بعيدًا، “اسمع، هنالك رسالة أريدك أن تنقلها لجدك، يجب أن توصلها حتى لو عنى ذلك موتك في الطريق، مفهوم؟”

بلع بيتسو، وحدّق في روبين، “ما هي؟”

لكن روبين لم يرد فورًا، بل أشار نحو بيتسو، خرج تيار أبيض ذهبي من طرف إصبعه، حتى شكّل في النهاية كتابًا عتيق الشكل، ثم فتح روبين فاهه:
“قبل أن أقول أي كلمة، يجب أن تدخل حسك الروحي هنا وتقسم على الولاء المطلق لي. لو أردت أن تتبعني، فابدأ من اليوم سوف–”

“أنا أقسم على الولاء المطلق لك.” بيتسو سحب حسه الروحي بسرعة، عَيْناه رفّتا قليلًا من ألم مفاجئ، لكنه سرعان ما استعاد توازنه، “هاه، ما هي الرسالة؟”

“….” روبين فقد القدرة على النطق للحظات، ثم هز رأسه بابتسامة، “…لم أحسب أن أول كارثة عالم يعمل تحت أمري سينضم بهذا الشكل.”
ثم سحب الكتاب مجددًا إلى إصبعه، وأعطى بيتسو لوح قسم ذو شكل مختلف عن المعتاد.

وأشار نحوه، “أريدك أن تتواصل معه بشكل خاص، أخبره أن هناك طريقة للرجوع إلى وطنه سيرامون، ولن يرجع لمدنه فقط، بل سيكون حاكمًا أوحدًا عليها… استمع لما سأقوله لك جيداً.”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي :

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

بينانس أي دي : 39853995

سعر الفصل 5$
سعر الفصل بعد يوم 20 من كل شهر 10$
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 83/64