بعد الإختراق للفروسية، روبين ظل في غرفته لبضع أيام اخرى يحاول الإعتياد على قدرته الجديدة و منظور العالم الجديد الذي إتضح امامه
و ايضاً مساره الرئيسي كباحث لم يمنع حب إستطلاعه في تجريب قوته الجديدة كفارس، لكنه سرعان ما أُصيب بالإحباط..
قوته كُمتدرب زادت لكن ليس كثيراً، فقانون الحقيقة بحد ذاته لا يمكن إستخدامه بقوة تدميرية اثناء قتال، و بالتالي فما زاد في قوته هو مقدار الطاقة التي يمكن صبها في قبضتها فحسب..
لكن هذا لم يزعج روبين كثيراً، القوة ليست ما كان يطمح إليه عندما إختار مسار الحقيقة… كما انه يمكنه إستخدام مسار الحقيقة بطرق كثيرة غير مباشر اثناء القتال.
بعد اسبوع كامل من إختراقه للفروسية خرج روبين اخيراً من عزلته..
هذا الإختراق اخذ 8 أشهر من حياته منهم شهر في عزلة تامة، و هذا اكثر مما كان يتوقع في البداية.. لكنه على الاقل فعلها الأن و أزاح ثقل كبير عن صدره
و مباشرةً غادر روبين منزله بدون محاولة البحث عن أحد فيه، فزارا و ميلا تركتا المنزل تقريباً منذ بُنيت الأكاديمية و أصبحتا تقضيان معظما وقتهما هناك و لا ترجعان إلا عند النوم
خصيصاً بعدما بدأت ميلا تتعلم الطلاسم ذات المستويات الأعلى مباشرةً من زارا و بدأت تساعدها في تجهيز مبيعات المزادات الشهرية
سأل روبين بضع اشخاص في المنطقة الإدارية عن مكان الأكاديمية و توجه نحوها مباشرةً مبتسماً، و إبتسامته زادت عندما رأى المبنى..
المبنى ضخم بكل ما في الكلمة معنى!
لن تكون مبالغة إن لم قال روبين ان هذا اكبر مبنى رأه في حياته بعد القصر الملكي!
فهذا المكان مُجهز خصيصاً لإحتواء حياة ألف شخص داخلها، من حيث المعيشة و العمل و الراحة و اماكن للدردشة و تبادل الأفكار و حتى قاعات محاضرات ضخمة!
روبين دخل مباشرةً ولم يزعجه الحراس و اخذ يتفحص كل كبيرة و صغيرة في الأكاديمية بمفرده و يومئ فرحاً بما يراه
“روبين! اخبرني الحراس للتو انك جئت للأكاديمية، متى خرجت؟ و ماذا لم تستدعِنا؟ .. إيه؟ انت فارس!!” صوت ميلا جاء من وراء ظهر روبين بينما كان يتفقد احد قاعات المحاضرات الكبيرة
إلتف روبين فوجد ميلا واقفة تمسك فرشاة و يداها ملطختان بحبر لونه اخضر غامق، و توجد بضع بُقع على ملابسها ايضاً، فإنفجر ضحكاً ” هاها يبدو اني إتخذت القرار السليم بعدم إستدعائكما، أراك تتدريب على طلسم الحيوية الأن؟”
“همف، توقف عن السخرية مني و إلا..” تقدم ميلا بضع خطوات رافعة الفرشاة و تحركها في الهواء
اخذ روبين خطوتين للوراء بسرعة خشية ان يأتي الحبر على ملابسه، “وووه حسناً حسناً سأتوقف، بالعكس انتي تبدين افضل و انتي تعملين بجِد… سأذهب لمطعم العم تيم، أتريدين المجئ؟ و اين زارا؟”
” زارا مشغولة حالياً بتعليم صف النخبة عن طلسم الحيوية، انا فهمته و صنعت إثنان بالفعل حتى الأن، لكن أتوقع انه ما يزال امامها بعض الوقت معهم.. انتظر سأغتسل و اذهب لإحضارها معناً.” و كانت على وشك الإستدارة و المغادرة.. ليس كل يوم يأتي روبين و يطلب منها الخروج معه..
” لا داعي، الشغُل اهم، سأعوضها بخروجة اخرى لاحقاً.. و انت طالما إنتهيتي من التعلم تعالي معي، سأنتظرك خارج الأكاديمية بعد نصف ساعة.”
“حاضر!” ثم إلتفت ميلا و مشت، و روبين رجع للتمشي في الأكاديمية يتفحص تراثه..
————
“مرحباً عمي روبين”
“شكراً لك سيدي”
” انا و عائلتي ندعو من اجلك!”
“هاها كيف حالك يا روبين!”
“شكراً لك.. شكراً لك..”
المشي في شوارع المدينة برفقة ميلا لم يعد صاخب كما في البداية، ففي خلال السنة الماضي إعتاد روبين على الخروج و التمشي معها في ارجاء المدينة حتى إعتاد الناس عليه..
كما ان المدينة نفسها اصبحت تقتظ بالقديسين القادمين من كل حدبٍ و صوب لمتابعة المزادات.. لذلك رؤية اشخاص بمستوى ميلا في الشوارع لم يعد شيئاً غريباً
لكن ما جعل روبين يستغرب هو مصطلح *شكراً لك* الذي يتكرر كثيراً ممن يقابلهم في الشوارع بإستمرار…
هذه الظاهرة مستمرة منذ فترة لكنها تزداد بشكل ملحوظ مع كل خروجة له حتى بدأت تزيد ريبته هذه المرة، فاليوم من كل عشرة اشخاص يُحيونه يكون بينهم 7 تقريباً يشكرونه.. على ماذا؟ ليس من المفترض ان يعرف احد من العامة بخصوص إبتكاراته!
حتى بعدما أنهي طعامه و دفع الـ 50 عملة ذهبية، اخبره جاك انه * سيجعل الكثيرين شاكرين من اجله جراء هذا*… مما دفع روبين ان ينظر لميلا فوجدها تكتم ضحكتها بجانبه
و بعد اول خطوة خطاها في الشارع بعد خروجه من المطعم عادت الظاهرة الغريبة
” لقد جاء للمطعم مجدداً، اليوم سيكون يوم رائع! ”
“شكراً لك!!”
بعد المشي لحوالي مئتا متر و إستمرار الظاهرة، لم يستطع روبين كبح نفسه اكثر و امسك ذراع ميلا ، ” حسناً هذا يكفي، ما الذي تعرفينه ولا تخبريني به؟ على ماذا يشكرني كل هؤلاء؟ أهناك اخبار تسربت حول حقيقة ما افعل؟!”
“هاهاها اخيراً لم تعد تحتمل؟ كنت اتوقع ان تظاهرك باللامبالاة سيستمر لشهرين اخرين!”
“ميلا..” صوته اصبح اكثر برودة
“هيهي الكلام لن ينفع، تعال..” وضعت ميلا يدها على كتفه و غلفته بالطاقة ثم إنطلقت به بسرعة بإتجاه شمال المدينة..
بعد دقيقة تقريباً هبط كلاهما فوق مبنى عالٍ يطل على قطعة أرض واسعة مفتوحة، لا يوجد بها غير خيمة كبيرة و عليها علامة * عمل روبين بورتون الخيري * ، و امام الخيمة يجلس عدد كبير من النساء و الأطفال..
روبين إستغرب من اللافتة كثيراً و نظر لميلا، ” ماذا يحدث هنا؟”
” ألا تذكر ما قلته لجاك بورتون بشأن ما يفعله بأموالك؟ يطعم به الفقراء.. أتعرف قيمة 50 عملة ذهبية بالنسبة لطعام بسيط مخصص للفانون؟ دفعة واحدة بـ 50 عملة تكفي لإطعام عشرات العائلات لأكثر من شهر!”
” …إيه؟” لم يتوقع روبين هذه الإجابة ” هل اخذوا كلامي بشكل جدي ذلك اليوم؟!”
الموضوع التاليالموضوع السابق