1307 -نصائح من مختار حقيقة

اذكروا الله///

“..هلا أغلقت فمك قليلاً يا صاح؟ يوجد من يحاول التركيز هنا.”

“…؟!” عقل روبين صُعق. ببطء شديد، تركت عيناه الجدار وبدأ يلتف للوراء.

الغرفة ما تزال مظلمة، لا يوجد فيها سوى شمعة تعطي ما يكفي من الضوء لرؤية ظلال هنا وهناك.

عندما جاء أول مرة، تعامل عقله مع ما يراه تلقائياً على أنها غرفة فارغة، لمح بطرف عينه بضع ظلال لمقاعد وطاولات، لكنه لم ينتبه لها، وفوراً بدأ يبحث عن أهدافه على الجدران. لكن هذه المرة بدأ يتفحص جيداً…

تحت ضيّ الشمعة، كان هناك ظل يتحرك من وراء أحد المقاعد. لم يرَ من الشيء سوى شعر شائك يطل من فوق الكرسي.

وجود ذلك الشخص هنا… هذا يعني أنه…؟! بصعوبة، فتح روبين فمه ليقول شيئاً.

فإذا به يسمع، “هوه هوه… الشباب دائماً مندفعون… عندما جئتَ أنت أول مرة اندفعت نحو الجدار أيضاً…”

“….؟!؟!؟!” روبين التفت بسرعة نحو جانب آخر، وهناك لمح ساق رجل عجوز بالية، متدلية من على مقعد، وصوت العجوز يوحي بأنه قارب على نهاية عمره أيضاً.

“تسك~ أعتقد أنك محق.” من وراء المقعد خرجت يده وأشار نحو مقعد آخر، “اسحب لك ورقة واجلس وابدأ العمل في صمت، ولا تتوقع مساعدة مني.”

“هوه هوه، لا تشغل له بالاً أيها الأخ الجديد. عندما جاء هو أول مرة، كان يطلب الكثير من المساعدة، وما يزال يطلبها بين كل حين وآخر مني ومن البقية.”

“من البقية؟ يوجد المزيد من مختاري الحقيقة هنا؟” روبين أخذ خطوة إلى الأمام.

“هوه هوه، بالطبع. منذ جئتُ هنا أول مرة قبل 985 ألف عام وحتى اليوم، رأيت تسعة غيرك. منهم ذلك ذو الشعر الشائك هنا، وهناك واحد آخر يذهب ويأتي كل فترة… أما السبعة الآخرون، فتوقفوا عن المجيء منذ فترة بعيدة.”

“يعني أنه غيري، يوجد ثلاثة مختاري حقيقة يترددون على هذه الغرفة؟ أربعة إجمالاً؟” روبين عقد حاجبيه قليلاً، “…هذا كثير جداً بالنسبة لي الذي لم أرَ واحداً من قبل، وقليل جداً بالنسبة لعدد سكان الكون. فعلى حد علمي، هذه الغرفة تجمع المختارين من الحزام المتوسط كله، وليس من القطاع المتوسط 100 فقط!”

“…!!” فور انتهاء روبين من الكلام، شعر بعيونٍ عليه، خاصةً ذلك الشخص ذو الشعر الشائك الذي نظر إليه بعدوانية ووقف، “ذلك الغِر لا يفهم شيئاً، لقد أفصح عن موقعه بكلمتين، سأغادر!”

وووش

وفوراً اختفى.

“ما خطبه بالضبط؟” روبين أشار نحو الكرسي الذي كان يجلس عليه.

بعد صمت مطوَّل، سُمع صوت العجوز مجدداً، “همم، أيها الشاب، هل اصبحت مختار حقيقة مؤخراً، ام صعدتَ مؤخراً من الحزام اليافع؟”

“…صعدت من الحزام اليافع قبل ايام. أدرك أني لا أعرف الكثير، لكن ما المشكلة في القول إني في القطاع رقم 100؟ هذا قطاع يحتوي عدداً لا يُحصى من الكواكب، يمكن القول إنه كون في حد ذاته!” روبين عقد حاجبيه.

“تعال، اجلس.” مختار الحقيقة العجوز أشار لأقرب مقعد له، “لدي بضع كلمات لك، كشخص نجا طويلاً.”

“…؟!” روبين عقد حاجبيه بقوة، لكن قدماه تحركتا وبدأ بالفعل يقترب نحوه.

“أرى أنك اخترتَ إخفاء هويتك، ربما أنت لست ميؤوساً منك بالكامل.” العجوز ضحك بصوت منخفض، ثم مال للأمام ليظهر أمام روبين بالكامل.

“…” ما رآه روبين جعله يجزع للخلف خطوة.

رأس الرجل العجوز كان أقرب إلى كلب داكن ذي آذان كبيرة مُدلدلة جنب رأسه. وجهه ملئ بالجلد الميت والمترهل لدرجة أنه يحجب عينيه. أما بقية جسده، فهو جسد بشري. “…تبدو لطيفاً اليوم.”

العجوز لوّح بلطف، “هوه هوه، لا داعي لتكبح نفسك، أعلم أن هذا الأفاتار قبيح، لكنه يُعبّر عني… إنه قناع، كالذي ترتديه أنت، لكن صدقاً، قد أكون أبشع في الحقيقة، فلا ترفع آمالك وأنت تتخيلني، هوه هوه.”

“كالذي أرتديه؟” بعدما جلس، روبين أظهر نافذة الحالة، ثم بدأ يحوّل حتى وصل إلى صفحة فارغة تماماً، وبدأ يرى انعكاسه عليها… على وجهه كان هناك قناع معدني من الفضة، ومُزيّن من الأطراف بمسامير. حاول أكثر من مرة رفع حاجبيه أو فتح فمه، لكن لا توجد استجابة. لقد كان ثابتاً كأنما مثبّت بمسامير حقيقية!

“اسمعني، أيها الشاب…” مختار الحقيقة العجوز تكلم ببطء، “أتتذكر السبعة الذين ذكرتهم قبل قليل؟”

“الذين توقفوا عن الظهور؟” روبين عقد حاجبيه قليلاً.

“أغلب الظن أنهم ماتوا.” العجوز ضرب على فخذه، “هذا هو السبب الوحيد الذي يجعل المرء يترك غرفة الحقيقة لمئات آلاف السنين. لا سبب آخر… حتى أنا، كعجوز أزهد في كل شيء، آتي هنا كل فترة لكسب لقمة العيش، ولأُساهم بشيء للكون قبل موتي.”

“…أتفهم ذلك، لكن لماذا تخبرني بهذا؟” روبين رفع حاجبه قليلاً.

“لأنك تكرّر أخطاءهم.” العجوز تحدث بجدية، “نحن مختارو الحقيقة، طريقنا البقاء في الظل. سواءً تبقَ مختبئاً كمدني وتمارس عملك في صمت، أو ربما تجد شخصاً قوياً ليُظهر عملك للنور بالنيابة عنك، أو ببساطة تذهب للعمل مع قوة كبرى كتابع لهم، حتى يوفّروا لك الحماية والموارد التي تحتاجها بدون إزعاجات خارجية. أدرك جيداً أنك واجهت هذه الخيارات كبقيتنا.”

“…لكن هناك مختارين، هيه~ حسناً، لن أقول حمقى، فلنقل فقط إنهم طموحون أكثر من اللازم. يظنون أنه يمكنهم العمل بمفردهم، وأنهم أقوياء ومستقلون لأن لديهم قانوناً سيادياً أو شيئاً كهذا… ليس هكذا يعمل الكون.” هزّ المختار العجوز رأسه، “عندما يرفع أحدهم سكيناً عليك، أنت لن تُخيفه عندما تحدّق له بعينك الخضراء!”

“أنا لن أسأل عن أي مسار حماية اتخذته، فقط اعلم أن كمختار حقيقة يجب أن تبقَ صامتاً. حتى لو انضممت لإمبراطورية تحميك، يجب أن تُغلق فمك. تلك الإمبراطورية ضعيفة بالنسبة لإمبراطورية أخرى، ولو عُرف أن لديهم سيد حقيقة بجانبهم، ستُقام حرب ضدهم، إما لأخذك منهم، أو لقتلك… لا أحد يريد أن يكون لعدوّه سيد حقيقة بجواره!”

ثم مال أكثر، “أولئك السبعة كانوا يتحدثون كثيراً، وثقوا ببعضهم أكثر مما ينبغي، ونعتقد أن أحدهم، وربما كلهم… وشى على البقية، فتسبب ذلك في موتهم جميعاً.”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي :

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

بينانس أي دي : 39853995

سعر الفصل 5$
سعر الفصل بعد يوم 20 من كل شهر 10$
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 60/15