1301 -مجتمع الروح اخيراً

تحت ظل البرج الهائل، اقترب روبين من المدخل مبتسمًا، “عذرًا، أهذا هو مقر مجتمع الروح؟”

الشخص الواقف أمام روبين كان يملك ثماني أعين وأربعة أذرع، تتحرك أعينه في وجهه باستمرار كالأحجية، ولا يملك آذانًا ظاهرة. كل شيء حوله كان غريبًا. تلك الأعين بدت وكأنها ترى ما لا يراه غيرها، لكن الشخص نفسه لم يبدو أن له علاقة بالبشر لا من قريب ولا من بعيد!

ومع ذلك، لم يشك روبين للحظة في أنه سيفهم سؤاله؛ فالجميع هنا يتكلمون لغات مختلفة، لكنهم يفهمون بعضهم، إذ تُعَد تقنيات الترجمة من الأساسيات شديدة الأهمية في عصر الانفتاح الكوني!

وبالفعل، رد الحارس بصوت غريب:
“هل تريد استلام طرد، أم ترغب في الولوج إلى المجتمع؟”

“أرغب في الولوج إلى المجتمع!” رد روبين دون تفكير.

“…”، مسح الحارس روبين بعينيه من الأعلى إلى الأسفل ببطء، “أهذه أول مرة لك؟”

“صحيح.” أومأ روبين بقوة، فلم يكن هناك سبب للكذب.

أومأ الحارس وأشار إلى أحد الأبواب الجانبية،
“اذهب للتسجيل هناك.”

“همم؟” التفت روبين إلى تلك البوابة الصغيرة ثم سار نحوها، وبخلاف ما كان يظنه، لم تكن هناك صفوف طويلة بالداخل، بل فقط امرأة ذات رأس بصلية وفم كبير.

رفعت تلك المرأة رأسها ببطء وتكلمت بروية:
“أهلًا، قف في تلك الدائرة. لا تتحرك. ولا تقلق. كل المعلومات تبقى طي الكتمان. بأوامر من الحالم مورفيوس شخصيًّا.”

“أوه، هنا؟” لاحظ روبين دائرة من النقوش أمام المرأة مباشرة، فخطا داخلها دون أن يفكر مرتين في مسألة الكتمان تلك.

“همم؟”
فورًا، خرج من الأرض حلقة ضوئية مسحت جسده ببطء شديد حتى وصلت إلى شعره ثم اختفت. بعد ذلك، تحرك قلم على المنضدة أمام المرأة وبدأ يكتب شيئًا على لفافة، قبل أن يسقط مجددًا.

من دون أن تنظر نحو اللفافة أو تستخدم حسها الروحي، أمسكت المرأة بها ودفعتها نحو روبين.
“تفضل. هذا رقمك. يمكنك الولوج به، كما يمكنك استلام طرودك من خلاله. مجتمع الروح غير مسؤول عن أي أضرار تنتج عن تسريب هذا الرقم. من الأفضل أن تحفظه بطريقتك الخاصة وتتخلص من اللفافة. كل شيء واضح؟”

“…” تسلم روبين اللفافة بيمناه، وقد كانت تحتوي على عدة معلومات: عمره الجسدي بدقة، عمره الروحي، عرقه وجنسه، رسمة عامة لجسده، وحتى حقيقة أنه يتدرب على قانون الحقيقة السيادي!!
وأخيرًا، رقم ضخم مكوَّن من 16 خانة مختلفة.

لكن، مهما كان الرقم طويلًا، لن يعجز عن ذاكرة روبين.
شوالااا، بعد مسح الرقم بعينه مرة واحدة، دمّر الورقة وأومأ:
“مفهوم.”

لم يفكر روبين مرتين في أن تلك الآلة سحبت منه كل هذه المعلومات، لا، بل بالتأكيد سحبت أكثر مما كُشف عنه. تصرف الموظفة بعدم النظر كان لطيفًا، لكن هذا لا يهم؛ فمن المؤكد أن تلك الآلة أرسلت المعلومات إلى مركز متخصص. إنهم يعرفون كل شيء عنه الآن.

لكن، وماذا لو تضايق؟ ليس وكأنه يستطيع الاستغناء عن مجتمع الروح طالما هو في الحزام الكوكبي المتوسط. طالما يريد استخدامه، فعليه اتباع شروطه.

“جيد. الآن عليك فقط دفع رسوم تشغيل حجرة الولوج. بعدها يمكنك الدخول.”
المرأة ذات الوجه البصلي أشارت نحو منطقة معينة، ثم عادت لترتيب القلم واللفائف بحرص وبطء شديدين.

“شكرًا.” رد روبين مبتسمًا وتقدم نحو قاعة كبيرة خلفها.

كانت القاعة دائرية، هائلة بكل معنى الكلمة، وتشغل تقريبًا كامل مساحة قاعدة البرج. أما جدران القاعة، فكانت مكونة من أبواب متلاصقة، جنبًا إلى جنب. بمسحة بصرية سريعة، أحصى روبين مئات الأبواب المغلقة!

وفي وسط كل هذا، وُجد مركز استقبال صغير في منتصف القاعة، عبارة عن بار متوسط الارتفاع، يقف خلفه أربع فتيات وشبان من أعراق مختلفة، يرتدون زيًا موحدًا، ويمتلئون بالابتسامات.

“مرحبًا!” رفع روبين يده بتحية، “أحتاج لتأجير حجرة ولوج.”

“بالطبع، سيدي.”
إحدى الفتيات الأربعة تقدّمت للوقوف أمامه بابتسامة كبيرة.
“رسوم التشغيل هي 70 لترًا من جوهر الطاقة لليوم الواحد.”

صفير~ فتح روبين عينيه بدهشة وأطلق صفيرًا خافتًا.
لقد كان يتساءل للتو لماذا لم يأخذوا منه رسومًا مقابل الدخول لأول مرة. تبيّن أن تلك العملية لا تساوي شيئًا أمام سعر الدخول اليومي!

سبعون لترًا من الجوهر؟ وفقًا لأسعار السوق، هذا رقم كبير، بل ثروة صغيرة!
على سبيل المثال، الطابق الذي كان بيتسو يستأجره، طابق كامل في فندق مليء بالطعام والموارد المستهلكة، لا يكلف عادة أكثر من عشرة لترات يوميًا!

“همم.” مسح روبين على خاتمه وأخرج كمية كبيرة من جوهر الطاقة السائل، تطفو أمامه في فقاعة كبيرة،
“أهذا يكفي؟”

“آسفة، سيدي، نحن لا نقبل سوى الجوهر المختوم من قِبل السلطات المعترف بها كونيًّا فقط. يمكنك التوجّه إلى البنك التابع للمجلس وتقديم ما وجدته من جوهر ليقوموا بختمه لك وتحويله إلى عملة.”
الابتسامة لم تفارق وجه الفتاة.

“يختموه في صورة عملة؟ أوه، تلك العبوات الزرقاء؟”
تذكر روبين الزجاجات التي استخدمها الرجل ذو الشارب للدفع لممتحني عشيرة الأرواح السبعة.

ثم حكّ رأسه للحظة. لا يريد التراجع الآن والذهاب لفعل شيء غبي آخر وهو على بعد خطوات من مجتمع الروح، الذي طالما اشتاق لرؤيته.
بـ شوو، أعاد الجوهر إلى خاتمه، وأخرج درة طاقة.
“هل هذه تكفي؟”

“بالطبع، سيدي، درة الطاقة تعادل مئة لتر من الجوهر.”
مدّت الفتاة يديها الاثنتين لتستقبل الدرة.

“هاها، ممتاز. احتفظي بالباقي لنفسك.”
ألقى روبين الدرة بحذر في يديها، وكلماته أشعلت الحسد في صدور زملائها.
“ما الذي عليّ فعله الآن؟”

“شكرًا لك، سيدي. يمكنك الآن التوجّه إلى الحجرة رقم 707، إنها لك ليوم كامل.”
بابتسامة عريضة، أشارت الفتاة إلى اتجاه معين.

“همم؟” نظر روبين في ذلك الاتجاه، فلم يجد سوى باب مغلق آخر، لكن ذلك لم يدم طويلًا.

كركر، بدأ ذلك الباب ينزل إلى أسفل الأرض ببطء، ثم من فوقه نزل باب آخر،
صرر، وما إن نزل تمامًا، حتى فتح الباب جزئيًّا.

“واو…”
مفتونًا بما يراه، تقدم روبين بسرعة نحو ذلك الباب، متلهفًا لما يوجد خلفه.

طق، فور دخوله، أُغلق الباب خلفه تلقائيًّا.

لكنه لم يُعر الأمر اهتمامًا، فقد سلبت الغرفة كل تركيزه، رغم أنها كانت شبه فارغة.

بدت الغرفة وكأنها قلب نجم؛ شديدة البياض، لا يُرى فيها سقف ولا زوايا، وبالعين المجردة، لا يمكنك أن تعرف إن كانت الغرفة ضيقة أم تمتد إلى اللانهاية!

ولم يكن بداخلها شيء سوى كرسي، على بُعد بضع خطوات من الباب.

“….”
بعد قليل من التردد، أخذ روبين خطوات قليلة نحو الكرسي، جلس، ثم أغلق عينيه.

هووووم

تدخل زيوسي/

ادرك ان التعليقات الجديدة لا تعجبكم، لكنها السبيل الوحيد الذي وجدته لمنع التعليقات من الضياع.

حالياً امامنا خيارين…

تحبوا ارجع تعليقات ديسكس، لكن 100% ستُحذف كل شهر او شهرين؟

ام نبق كما نحن و ربما نعتاد عليها؟