بعد خروج روبين و ميلا من القاعة، توجه الإثنان نحو المنزل مجدداً لإصطحاب زارا، ثم تحرك الثلاثة بإتجاه المكان الذي غاب عنه روبين لسنة.. مطعم العم تيم!

مشيهم في الشوارع لم يكن أكثر هدوءً من المرة السابقة، نفس الهتافات و التجمهر، بل ربما اكثر قليلاً هذه المرة!

فمدينة يورا اصبحت احد مراكز مملكة الشمس السوداء، و التجمع الثاني لكل العائلات النبيلة بعد العاصمة، فكل العائلات سواءً كبيرة او صغيرة اصبح لهم ممثلين دائمين هنا، مما اعطى المدينة طابع دبلوماسي رسمي كانت تفتقده

و ايضاً بخلاف المساهمة في المزادات، تلك البعثات الغنية تشتري كل مستلزماتها من يورا مما جلب نمو اقتصادي كبير و رفاهية للطبقة العاملة و التجارية من ابناء عائلة بورتون

الشوارع اصبحت اكثر نظافة، بعض المباني الجديدة واضح انها اطول و أجمل مما حولها، التطور واضح في كل أرجاء المدينة.. حتى ملابس المواطنين في الشوارع واضح انها جديدة و نادراً ما رأى روبين شخص يبدو عليه الفقر

لكن اكثر ما اثار إستغراب روبين فعلاً هو عندما وصل للمكان المنشود، فوجد مبنى عملاق من عدة طوابق مكتوب عليه بالخط العريض *مطعم تيم بورتون و اولاده*

عندما سأل ميلا اخبرته انه بعد زيارتهم للمطعم و مديحه له امام الجميع بدأت الطبقة العاملة يتوافدون عليه تيمناً بك و يقفون طوابير امام المحل الصغير ليل نهار

هذه الظاهرة الغريبة جذبت أنظار مبعوثي العائلات النبيلة الأثرياء فجاؤوا ايضاً ليروا لماذا يتجمع الناس فجربوا الطعام و اعجبهم و دفعوا الكثير للعم تيم، شيئاً فشيئاً عاد اولاده و احفاده الكثر الذي كانوا مُغتربين للعمل في المناجم، و بدأوا يستخدموا الارباح الكبيرة من المطعم ليعيدوا بناءه حتى يساع اعداد اكبر من الناس

الطعام الجيد و الاسعار الرخيصة تجذب زوار جدد يومياً، و حتى الان المبنى 5 طوابق، منهم 4 طوابق مملوئين على اخرهم… 3 طوابق للفقراء و الطابق الرابع يوفر راحة اكبر للدبلوماسيين و الاثرياء… اما الطابق الخامس فمغلق يقولون انه مكان إداري.

و ما تزال هنالك خطط للتوسع اكثر… انها ولادة حوت جديد في عالم الطعام!

روبين صُدم من شرح ميلا و نظر لها مفتوح العينين، ” انا تسببت في كل هذا؟!”

بعد سؤال مباشرةً وجد روبين نفس على بعد خطوات من المطعم، لكن قبل وصوله وجد اشخاص يرتدون زي موحد يخرجون بشكل منظم و وقفوا صفين مُشكلين طريق حتى باب الطعم، و كلهم إنحنوا انحاءة كاملة و رددوا بصوت واحد ” نحيي مولانا و مُنقذنا”

روبين صُدم من ما رأه.. بعد امعان النظر قليلاً وجد ان احد الاشخاص المُنحنين هو العم نفسه، و الشخصين بجواره يسندانه حتى لا يقع و هو يُميل جسده

تحرك روبين بسرعة إتجاه فرفع رأسه، ” ما الذي تفعله يا عمي؟ لا داعي لكل هذا، انا مجرد ضيف اخر.. رجاءً عاملني على هذا الأساس..”

عينا الرجل العجوز بدأت تُدمع و تكلم ” اولادي و احفادي.. كانوا يموتون في المناجم و يُصابون بالجفاف في الاماكن القاحلة حتى يجنون بضع عملات.. انت جمعتهم كلهم حولي… انت جمعتهم كلهم حولي.. شكراً لك..”
لم يكن يدري روبين ماذا يقول فإبتسم و اومئ فحسب، كل ما يدور في رأسه و هو * الراجل دا هيخليني اعيط* ..

تقدم شخص يبدو في الخمسينات من و انحنى قليلاً، ” رجاءً تفضل ورائي مولاي روبين، طاولتك جاهزة.””
“حسناً.. إعتني بنفسك عمي تيم!” ثم مشي و معه الفتاتين وراء الرجل الخمسيني الذي بدأ يصعد السلالم، الفارق ان هذه المرة لم تستخدم ميلا لدفع الجميع خارج المطعم فالمطعم كان ملئ بالعُملاء بالداخل بالفعل، ابناء و احفاد العم تيم تكفلوا بالمهمة و ابعدوا الحشود.. اما روبين تكفل بالتلويح ومبتسماً لمن حيوه من العملاء

بسرعة تخطوا جميع الطوابق المملوءة، و حتى الطابق الراقي، و وصلوا للطابق الخامس… الطابق كان جميل جداً، الزخارف فيه صادمة و مُزين بالورود و حتى توجد بحيرة صغيرة صناعية مليئة بأسماك الزينة الخلابة، لكن هنالك شئ واحد غريب..

الطابق بالكامل لم يكن فيه سوى طاولة واحدة تكفي أربعة اشخاص و فتاة صغيرة ترتدي الزي الموحد و تقف بجانبها، كانت الفتاة التي كانت مع العم تيم في زيارتهم اخر مرة…

ميلا نظرت حولها بإستغراب، ما تزال تستوعب ما تراه في الطابق الخامس، لكن حيرتها لم تُدم، حيث تكلم الخمسيني مبتسماً.. ” هذا الطابق مُعد لزيارات المولى روبين، فكرنا انه سيُحب بعض الخصوصية في زياراته.. نتمنى ان تكون فكرتنا اعجبتك، مولاي.”

روبين وقف متسمراً لم يكن يدري ما إن كان يبكي ام يضحك، هو لم يقصد كل الاشياء الجيدة التي حدثت لعائلة العم تيم، لقد جاء من اجل وجبة بحق الجحيم!!

لكنه في النهاية اومئ بإبتسامة ليست إبتسامة، “شكراً على اللفتة الجميلة، سأقبلها بكل سرور، لكن هلا توقفتم عن مناداتي بالمولى؟ انا لست مولى احد!”

” هاها انت متواضع جداً يا مولاي، رجاءً تفضل تفضل..” الرجل الخمسيني ضحك و اشار نحو الطاولة

سار روبين نحو الطاولة مُتخبطاً و الفتاتين بجانبه يحاولان كبح الضحك، هذه كانت اول مرة يرون روبين مُحرجاً لهذه الدرجة

خاصة بعدما طلب روبين الطعام و غادر الخمسيني و الفتاة الصغيرة و تركوا الثلاثة فقط في الطابق، إنفجر الفتاتان ضحكاً بينما كان يود روبين ان يختبئ داخل ملابسه..

هو فعلاً كان يكره ان يُشكر على شئ لم يكن له فيه يد، لكنها ستكون وقاحة إن وبخهم و كسر مشاعرهم الجيدة بعد كل هذه الإعدادات التي صنعوها من اجله…

بعد الأكل جلس الثلاثة لأكثر من ساعة يتحدثون بشأن مختلف الاشياء، أحياناً عن زارا و خبراتها في التدرب على تقنيات الروح و ترقية الأفران.. حتى انهم اختاروا اسم جديد لطريقة الرسم نفسها بعيداً عن النتيجة النهائية

فبعد إمتداد الرسم ليشمل أشياء ضخمة غير متحركة كالأفران، و فتح باب الإنضمام للمزيد من الرسامين، بعض القواعد يجب ان توضع..

الطلاسم تحتوي على النمط الرئيسي و بضع اختام اخرى جانبية، لذلك لم يكن من اللائق ان تُسمى بالأنماط فقط، و ليس من اللائق ايضاً ان يسمى كل شئ بالطلاسم لأنها كلمة تشير لفئة معينة من إستخدامات تلك الطريقة في الرسم

لذلك اتفقوا ان تسمى طريقة الرسم نفسها بالنقوش .. و إطلاق اسم *سيد نقوش* على الشخص الذي يصنعهم بدلاً من *رسام* الغير واضحة

من Zeus

-+=