“…!!” فتح روبين عيناه ببطئ، طبقة جديدة من الإستيعاب اظهرت نفسها له.

لو نظر للأمر من وجهة نظر المستبصر، فهو كان مجرد جندي على رقعة شطرنج، نجاحه او فشله، نجاته او موته، كل هذا لن يؤثر و ليس له وزن…

المستبصر لعب به حيث وضعه هو، جندي صغير، في بقعة ساخنة على رقعة الشطرنج مليئة بالفرسان و القلاع و الوزراء، لو تمكن من عمل معجزة و قتل احدهم فهذا جيد، إن لم يتمكن من فعلها فلا بأس، المستبصر سيكون قد فهم نقاط القوة في تلك البقعة بشكل افضل. بعدها يمكنه لعب حركته الحقيقية!

واضعاً هذا في الإعتبار، روبين ابتسم، “و ماذا الان؟” ثم اشار حوله، “أعد كل شئ لما كان عليه و اترك مهمتي تنتهي كما قُدر لها من البداية، بالموت.”

“….” المستبصر اطال النظر في عينا روبين، ثم هز رأسه، “لو كان احد غيرك لما ترددت لحظة، و صدقني، كان هناك غيرك، الكثير منهم… لكن انت، كلا، انت افضل من تموت مبكراً، ليس بهذا الشكل.”

“ماذا تريد اذاً؟ ما خطب كل تلك الكلمات عديمة الفائدة؟ هل تريدني ان اكون تابع كامل و اركع لك؟!” صرخ روبين بقوة، “اجل انا ما زلت اذكر ردي في الكهف، و سأكررها لك، انا لن اركع لأحد!”

“هيهي انا لست مستعد للجدال مع جدار.” ضحك المستبصر بخفة و اشار حوله، “لو كان لديك النية في الركوع لما وصلت لهذه الموقف،” ثم الابتسامة اختفت، “…لو كان لديك النية لما ظهرت لك مجدداً ابداً.”

“انت.. انا..؟!” روبين امسك رأسه بكلتا يداه و تركع بضع خطوات، “ماذا يحدث؟ إلى اين تريد ان تصل بالضبط؟!”

“اُعلمك عن الحياة! اعرفك اخطائك!! هل تعرف مقدار المسارات التي فوتتها بسبب رعونتك؟” تحدث المستبصر بصرامة، ثم اخذ بضع خطوات للجانب و امسك بـ خد رينارا و اخذ يحركه كأنه يلاعب طفلة، “لماذا لم تستغل هذه الفتاة؟”

“ماذا تقصد؟ لقد ظهرت لأول مرة اليوم، جائت بنية سيئة لإستعبادي، و بعد كل محاولاتي لإراضئها تمكنت من جعلها تتكلم لصالحي، كيف كان يفترض بي استغلالها بالضبط؟!” مزيج من الاستغراب والتوتر ظهر على وجه روبين.

“خطأ!” المستبصر عاد ليواجهه بحاجبيه معقودة، “لقد عرفت بوجودها منذ غزو كوكب جودا، كان لديك المحليين لتأخذ منهم الاحداثيات الخاصة بها ايضاً، لماذا لم تحاول التواصل معها؟” ثم اشار نحوه بقوة، “خاصةً بعد ظهور مكعبات ختم الكارثة الثلاث في نيهاري، خاصةً بعدما أكد لك الطاعون المتحور ساكار ان المكعبات تحمل شظية روح بسيطة لهيلين، كيف لم تفكر للحظة واحدة في طلب المساعدة قبل ان يأتي هذا اليوم المحتوم؟ لقد رفضت التواصل معك لتعتمد على نفسك لأنك احمق واصلت التفكير بي في مؤخرة رأسك طوال الوقت!”

“…يبدو انك تراقب كل شئ من البداية.” عينا روبين تحولتا لنظرة باردة، “ألم تر اذاً كيف حاولت تهديدي بفضح الطاعون الاحمر الذي مدحته لي؟ انها كانت تحاول جعلي تابعاً بعدما رأت كل شئ املكه؟”

“خطأ اخر!” المستبصر اخذ خطوتين و امسك قرن امون، “انا من نصحك بإبقائ الطاعون الاحمر بجوارك، و اعطيتك احداثيات كوكب دم اليتيم لتقويهم فيه و تؤويهم بداخله بعيداً عن الاعين، لكنك تجعلهم يمشوا في الشوارع بين اتباعك، خاصةً بعدما سمعت عن خطورتهم و سمعتهم السيئة اكثر من مرة! لماذا لم تتركهم في كوكب دم اليتيم كما كان ينبغي لهم؟!”

ثم فتح ذراعيه، “لو ارسلت مبعوث لإمبراطورية المسارات التسعة و عرضت عليهم شيئاً من ابتكاراتك كل مجرى الاحداث كان سيتغير، من اين كانت تلك الساذجة رينارا ستعرف عن الطاعون الاحمر؟ هذه كانت ورقتها الوحيدة للمساومة، بدونها كانت ستتعاون معك، على الاقل كانت ستعطيك سلاحاً يبقيك حياً!” ثم اخذ خطوة نحوه، “لا، بل لو كنت عرفت عن حقائق امبراطورية المسارات التسعة اكثر و ساعدتهم بشكل اعمق، كانت هى بنفسها ستأتي بجسدها الحقيقي لحمايتك من هيلين!” ثم اشار لعينا رينارا، “انظر، انها تراك كقطعة حلوى تريد ان تفترسك في قضمة واحدة، في هذه اللحظة بالذات لو عرضت اخذ نصف كواكبها مقابل تسليمك لها، ستوافق بدون تفكير!”

“انا…” قبض روبين يداه بقوة

“انت احمق! لقد فوتَ حركة كانت ستقلب مجريات الامور في الكون كله.” المستبصر صاح عليه بقوة، “لو فعلتها كنت ستضرب امبراطورية المسارات التسعة بإمبراطورية حفرة الدمار، عندها هيلين العنيدة الواقعة تحت هجوم شرس من عدوين قويين كانت ستضطر لطلب قرض هائل من أباها لتدمير امبراطورية المسارات التسعة، ليس التصدي لهم، بل تدميرهم. لكن بالطبع زافاروس الوحشي لم يكن سيسمح لإمبراطورية المسارات التسعة التي رعاها اثناء نشأتها الأولى بالتدمير، فكان سيدخل هو ايضاً في الصراع.”

ثم لوح بندم، “حركة واحدة منك، حركة واحدة كانت ستُدخل زافاروس الوحشي في معركة غير مباشرة ضد هيلمور المُدمر، معركة بالوكالة كانت ستتحول لحرب كونية بمقتل هيلين!”

“زافاروس الوحشي… هيلمور المدمر؟ من هؤلاء؟ ما علاقتهم بي؟!” رأسه روبين كاد ينفجر، “لحظة، اسم هيلين هذا…”

حماسة المستبصر هدأت قليلاً و لوح بغير اهتمام، “اوه، لعلك تعرف هيلمور المدمر بإسم اخر… آب عائلة ديسترا.”

“ااهـ!!” روبين اخذ بضع خطوات للخلف بسرعة حتى اصطدم بعامود ضخم، عيناه تبرزان هلع دفين، “عائلة ديسترا؟ انا– انا كنت في حالي اجلس في كهف صغير ارصد قانون ثانوي هنا و هناك، لكنك وضعتني على رقعة شطرنج على لوح بينك و بين عائلة ديسترا المجرية؟ في ماذا كنت تفكر؟!”

“بل بين زافاروس الوحشي و عائلة ديسترا، ما دخلي انا؟ اووه هذه الحرب لو وقعت كان مشهد الكون كله سيتغير.” المستبصر رفع حاجباً، ثم تابع كلامه ببعض الانزعاج، “لكنك افسدت كل شئ!” ثم اشار نحو رينارا مجدداً، “انظر، ليس بيدها أي حيلة لإنقاذك، و الأسوأ، هيلين تعرف ذلك. سواءً تركتك تموت اليوم او انقذتك فلن يكون لرينارا علاقة بك و لن يوجد سبب لعداوة بينها و بين هيلين، كيف يفترض بحرب ان تنشب بينهما الان؟!”

“…منذ البداية… كل شئ… كان علي ان اعرف عندما عرفت انك تكذب بخصوص استعداد جيشهم لخمسين عام.. لقد قالوا انهم وجدوا الكوكب صدفة بسبب الثقب الدودي، كان علي ان—” روبين نظر للأسفل بعين غير مُركزة، يُعيد التفكير في تسلسل الاحداث، بعدها شئ انفجر في رأسه، “الثقب الدودي!!”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamoney

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

بينانس أي دي : 39853995

إجمالي دعم هذا الشهر:285$
سعر الفصل 5$
السعر مؤقتاً لحد اخر الشهر الحالي 10$
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 57/53

من Zeus

-+=