منطقة الوحوش كانت هى الحدود المعروفة بين الدوقتين برادلي و آلتون، لكن كان هنالك منطقة اخرى آمنة في الحدود يستخدمها المتاجرين و المسافرين العاديين يطلق عليها منطقة الحدود النارية، و هذا كان هدف روبين و قيصر..
مع ان الاسم يبدو خطراً إلا انه لن يكون اسوأ من التعامل مع الوحوش! خروجوا من منطقة الوحوش و إلتفوا حولها لمسافة بضع مئات من الأميال حتى يسلكوا الطريق الآمن،
لكنه كان آمن من الوحوش و ليس البشر! طفلان بدون طاقة و معهما حقيبة كبيرة يعتبران قطعة لحم متحركة في اعين الكثيرين، لهذا إستخدم روبين و قيصر خبرتهما الكبيرة في التخفي و الترصد لأقصى درجة.. يمشيان بسرعة في وقت الظهيرة في وسط الطرق ليكونا تحت حماية العامة ثم يختفيان تماماً باقي اليوم
لكن هذه الاستراتيجية بالإضافة للطريق الطويل جعلا الوقت المقدر للوصول اطول بكثير.. فقد مر شهر تقريباً و قد وصلوا للحدود النارية بالكاد. المفاجئ ان -الحدود- كانت عبارة عن مدينة صغيرة مكتوب على مدخلها -الحدود النارية- مما جعل روبين ينفجر من الضحك..
لكن بعد التفكير هذا يمكن تفهمه.. فالدوقتين تابعتين لمملكة الشمس السوداء و لن يكون هنالك حدود قوية بنيهما.. إختار روبين احد الباعة الجائلين و إستوقفه ” يا عم كيف نصل للمدينة التي تعتبر عاصمة الدوقية.. تلك التي يسكن فيها الدوق و عائلته”
-“تريد الذهاب لمدينة لؤلؤة برادلي؟ تحرك بإتجاه الشمال لمئتا ميل ، لكن لا ترفع آمالك فلا اعتقد انه سيسمح لك بالدخول” شخر الرجل بينما ينظر للأسفل على الطفلين
“ااااه يبدو ان امامنا مسيرة طويلة اخرى يا أبي، دعنا نسترح هنا بضع ساعات على الاقل” تزمر قيصر
“حسناً حسناً! اولاد هذه الأيام لا يملكون اي عزيمة.. إبن عاق!” قالها سيزر بينما يتجه نحو شجرة عالية و بدأ يتسلقها هو و قيصر
*0_0* هذا كان منظر البائع و هو يستمع للمحادثة بين الطفلين.
——-
مر اسبوعين اخرين قبل وصول الطفلين لبوابة مدينة لؤلؤة برادلي.. كانت مدينة ضخمة و اسوارها عالية تليق بأن تكون قلب الدوقية، على الاقل كانت افضل بكثير من مدينة ميرا التي وُلد فيها
-“قف مكانك!” صرخ احد الحراس بينما وجه الرمح نحوهما ” إلى اين تظنان انفسكما ذاهبين؟ إن لم تكونا من سكان المدينة او ليس لديكما دعوة فأغربها فوراً.”
=” الانسة ميلا برادلي هى من دعتني” اعلن روبين بصوت عالٍ لجذب انتباه بقية الحراس، و كان له ما اراد.. و اكثر قليلاً..كل الحراس و كل العامة داخل البوابة و خارجها صمتوا و نظروا إليه في وقت واحد، لو كان روبين او سيزر اشخاص عاديين لبللوا ملابسهما
-” انت.. أتدري عقوبة الكذب في شئ يخلص السيدة ميلا؟” قالها الجندي بينما ينظر لروبين كأنه شخص ميت
=”فقط اخبروها ان الشخص الذي انقذ حياتها في منطقة الوحوش الخارجية قبل اكثر من مئة عام هو من ارسلني، و أتمنى ان تتفهموا مدى خطورة الوضع.. لو حاولتم التنمر علي او لم ترسلوا الرسالة.. فرقابكم كلهم ستتطاير!” قالها روبين بعزم و طريقة تهديدية، لكنه بدى لطيف بخدوده الحمراء…
و مع ذلك كلماته كانت كفيلة بإخافة كل الحراس *الشخص الذي انقذ حياتها*.. لو كان هذا الولد مُحق و تصرفوا معه بشكل سئ، فرقابهم و رقاب أهليهم و أهالي أهاليهم ايضاً ستطاير ” اذهب لقصر الدوق و اخبر السيدة ميلا بما حدث هنا!” قال رئيس الحراس لأقرب حارس له
ثم نظر لروبين من اعلى لأسفل..” اتمنى ان تكون محق.. انصحك ان تتمنى هذا انت ايضاً…” حيث لمعت عيناه قتل و اختفت فجأة
إستمال روبين على قيصر ” هاي.. عندما اعطيك الإشارة ألقي الحقيبة في وجه رئيس الحراس و اركض بإتجاه اليمين، و انا سأركض بإتجاه اليسار و نتقابل عند اخر شجرة نمنا فوقها”
-“اتمزح معي؟! أكل هذا كان تمثيلية؟ اولائك الحراس سيأكلوننا أحياء!” حاول قيصر ابقاء صوته منخفضاً قدر الإمكان لكنه كاد ينقض على روبين
=” ربما هذه الميلا اصبحت عاهرة بمرور الوقت و ستنقض عهدها، ما أدراني؟” رفع روبين كتفيه و ابتعد عن قيصر خطوتين، لقد بدأ إستعداده للهرب.
————–
بعد مرور عشر دقايق من الجو الخانقن عاد الحارس وحيداً فزاد الجو إختناقاً ، لكن سرعان ما هبطت من السماء سيدة رائعة الجمال ذات جسد مثير و ممتلئ في الأماكن الصحيحة
عندما رآى روبين وجهها عرفها مباشرةً*انها هى!*
ثم نظر نحو صدرها الكبير فأعاد التفكير للحظة ، لكن هويتها تأكدت عندما رآى كل الحراس ينحون أمامها
تسمرت المرأة في مكانها لبضع لحظات ايضاً عندما وقعت عينها على روبين و توسعت عيناها ” ارسلوه لمنزلي!” أشارت نحو روبين ببرود ثم إستدارت و طارت بعيداً بروعة كما جائت
” أرأيتم ايها الحمقى؟ كدتم تقتلون أنفسكم! هاهاها أبي ضيف مميز هيا انحنوا امامه!! هاهاهاها” انفجر قيصر بدون سيطرة على نفسه عندما عرف ان الموقف المريب قد انتهى، لكنت كلمته *أبي* جعلت كل الحراس ينظرون له بنفس طريقة البائع المتجول 0_0 ، لكنهم صرفوا النظر بأنها ربما تكون كنية او ما شابه
انطلق روبين و معه سيزر برفقه اثنان من الحراس بإتجاه منزل ميلا، اثناء الطريق إستمال روبين عليه و قال ” هاي.. توقف عن مناداتي بأبي! انت تبدو اطول و اقوى مني الان ايها الوغد.. ناديني بأخي الاكبر”
وجد قيصر صعوبة في الرد عليه لكن أومئ.. فقد مر اكثر من 26 عاماً و هو يناديه بأبي، أي لقب اخر بدى غريباً عليه..
———
الجنديان قاما بتسليم روبين و قيصر لمنزل السيد ميلا الضخم و الذي كان يقع بجانب قصر الدوق نفسه، و اخبرا خدم المنزل بما حدث ثم رافقهم الخادم للقاعة الرئيسية في المنزل و أمرهما ان ينتظرها حتى تعود السيدة و ان الامر قد يستغرق ساعات
اعرب روبين عن قبوله و ذهبت ليجلس على احد الكراسي هو و و قيصر مستعدان للإنتظار لساعات.. عندما تأكد الخادم من ان كل شئ في مكانه ترك القاعة،
في تلك اللحظة دخل ظل من الشباك بسرعة و قبض ياقة روبين ” ماذا تكون بالضبط؟!”
كانت تلك ميلا.. هى لم تكن حتى بنصف الروعة و البرود الذي بدت عليه عندما رأته عند البوابة، لكنها لم ترد عمل مشهد أمام كل اولائك الحراس و العوام ، أما هنا فالتمثيل غير ضروري.
ثم أكملت صياحها، ” انت كنت عجوز في قمة المستوى العاشر قبل اكثر من قرن! كيف يعقل انك الأن طفل بعمر الثانية عشر و لست في المستوى الأول حتى؟! و لا تخبرني انك إبنه او شئ كهذا فأنا لست غبية ، ملامحك تغيرت قليلاً لكن انت بالتأكيد ذلك العجوز!! ” صرخت ميلا بينما ضيقت قبضها على ياقة روبين
=” ….انا بالفعل هو ، لم اعتقد ان لديك هذه الذاكرة القوية و الحدس العالي، لكنك اخطأتي في شئ واحد.. انا لم اكن عجوز وقتها بل كنت في مثل سنك!” قال روبين المعلق في الهواء
-“كاذب!” ألقته جانباً لكنها تحكمت في قوتها حتى لا تؤذيه “انا كنت و مازلت العبقرية المطلقة في كامل المملكة، لا احد يجرؤ داخل الشمس المظلمة ان يقول انه يملك موهبة افضل مني، لكنك تقول انك انت اقوى اعلى مني بمستوى كامل وقتها؟!”
=” أذلك العجوز ما يزال حياً؟” قال روبين بينما كان ينفض ملابسه بعد السقوط
-“من تقصد” ضيقت ميلا عيناها
=”العجوز الذي كان يراقبك و يحرص على سلامتك عندما إلتقينا، لابد انه رصد عمري الحقيقي وقتها.. إتي به و هو سيقطع الشك اليقين”.
الموضوع التاليالموضوع السابق