جرت الأيام بسرعة، تبقى سبعة أيام فقط على اليوم الموعود…
بيلي لم يتحرك من بيت الضيوف منذ يومين بالفعل، يتمشى ذهاباً و إياباً في غرفة الإستقبال متوتراً بلا توقف
خلال الفترة الاخيرة قامت زارا بالإنتهاء من تأهيل الأفران واحداً تلو الأخر و تم إرسالهم بالفعل للمصانع، حصلت بضع مشاكل في الطريق حيث حاول المتمردون المتعصبون قطع الطريق عليهم لكن جنود عائلة بورتون تمكنوا من توصيل كل الأفران بسلام
لكن الوضع العام لم يتحسن كثيراً…
الجيد انه كلما إقترب اليوم الموعود اكثر كلما هدأ عمليات هجوم المتمردين، حتى مؤخراً لم تحدث أي عمليات تُذكر
لكن ايضاً كلما إقترب اليوم الموعود كلها شعر جنود عائلة بورتون ان الأرض تضيق من حولهم، الهدوء الخانق و نظرات مواطني دوليفار و التعامل الحذر من العائلات الكبرى، كل هذا ينبئ ان التمرد لم يهدأ… بل وُضع في وضعية الخمول حتى يرى الجموع ما يننون فعله
و لو خلفوا بوعودهم، فسوف…. حسناً، لم يرغب احد بالتفكير في هذا.
بل في الحقيقة، حسب كلام واشي من أهالي دوليفار المحليين، الكلام يتناثر ان قادة التمرد يتمنون مجئ ذلك اليوم بسرعة!
هم يقولون انه يستحيل على *عائلة آيرل وضيعة* اعطاء الاهالي اموال كثيرة مقابل العمل في مصانع، و حتى إعطاء عائلاتهم تقنيات تدريب، انهم يريدون ان تكون الشرارة الحقيقية للتمرد هى يوم انتهاء المهلة الرسمية..
يتمنون اللحظة حين يخرج مسؤول من عائلة بورتون و يقول انه حصلت مشاكل و انهم يطلبون مدة اخرى كمهلة…
الأفران في المصانع، و ميلا قامت بعمل عدة نسخ من تقنية القانون الناري الثانوي… كل شئ جاهز تقريباً، ما عدا شئ واحد… مشيئة روبين!
جيش عائلة بورتون في الاراضي الجديد رفع اقصى حالات التأهب، قاموا بتقسيم أنفسهم لخمسة جيوش صغيرة بقيادة القديسين الخمسة و اتخذوا المصانع الخمسة الكبرى كمراكز دفاعية
خلال العام الماضي أنهى الجينرال إدوارد تدريب الجيش الجديد المكون من 50 الف جندي، مع انهم مسلحين بأسلحة حديدية صدئة، إلا انه ما يزال جيش نظامي… و كلهم الأن في وضعية إستعداد عند الحدود بين دوقية ألتون و دوقية آيفرين، مستعدين للإنضمام للمعارك إن لم يعطي روبين الإشارة الخضراء قبل الموعد
الشئ الوحيد الذي لم يمنع بيلي من إرسال الجيش بعد هو انه قبل اسبوع فتح روبين باب غرفته و اخذ الألواح المعدنية التي كان طلبها من أمام الباب، ثم أغلق مجدداً بصمت…
مع انه لم يقل شيئاً، إلا انه على الاقل بدا انه يحرز تقدماً!
بعد خمسة أيام اخرى، أي قبل اليوم الموعود بيومين فقط… فُتح باب روبين مجدداً اخيراً.
عندما سمع بيلي صوت الباب يُفتح لم يحتمل الانتظار حتى يرى ما إن كان روبين سيخرج حقاً و يأتي له، بل إندفع بكل سرعته و وقف أمام الباب في غمضة عين، امسك بكتف روبين الذي كان على وشك وضع قدمه خارج الغرفة و اخذه يهزه، “ما الذي اخرك لهذه الدرجة بحق الجحيم؟ انا اعطيت الاوامر لجيشنا الجديد بالتحرك و هم الان في طريقهم نحو الأراضي الجديدة!”
رفع روبين يده و لطم جبهة بيلي بقوة، ” و ما ذنبي ان كنت انت اهوج، إبتعد عن طريقي!!” ثم اكمل للخارج، و تحت إبطه يوجد تسعة ألواح معدنية…
عندما وصل لغرفة المعيشة، قامت بتحية ميلا و زارا، ثم طلب من زارا إعداد شئ دافئ يشربه، بعدها وضع الألواح التسعة جانب كرسي و جلس ينتظر زارا مبتسماً، تاركاً بيلي الذي ما يزال يقف ملتصقاً به و ينظر له بإستغراب شديد
عندما لم يقدر بيلي على الإحتمال اكثر، صاح ” ألم يخبرك احد من قبل انك شخص بارد؟!”
“هاها في الحقيقة سمعتها اكثر من مرة، اجلس.. حسب حساباتي فما يزال امامنا يومين، صحيح؟ هذا سيكفيك للذهاب و سيتبقى بضع ساعات زيادة.. تعال إستمتع بشئٍ من المشروب و ودع العالم كما تعرفه..” إبتسامة كبيرة راضية كانت مرسومة على محيا روبين و هو يتكلم
“ايه؟” إستغرب بيلي من ما يسمعه، ثم تحرك و شد كرسي و جلس بجوار روبين مباشرةً، ” ماذا تقصد؟”
إلتقط روبين أحد الألواح و ألقاها نحو بيلي، ثم تكلم بجدية ” انظر يا بيلي، هذه الألواح إستخدمتها كوسيط لرسم اشياء لها علاقة بالروح قمت بإبتكاره خلال الشهور القليلة الفائتة.”
“اووه؟ اشياء لها علاقة بالروح؟ ماذا تفعل بالضبط؟ .. ثانياً ألم تجد اسم ثاني غير الطلاسم؟” اخذ بيلي يُقلب اللوح الصغير يمياً و يساراً
“… لا لم اجد إسماً بعد… دعنا في المهم!! عندما تقبل طلب عائلة للإنضمام لنا و إستلام التقنية، اطلب ان يقوم عشرة شيوخ من اعلى مكانة بينهم بوضع ايديهم على اللوح و تمرير حسهم الروحي من خلالي، ثم القسم بأنهم سيفعلوا كل ما بوسعهم لمنع تسرب التقنية لخارج عائلتهم و انهم سيبقوا أوفياء لعائلة بورتون لمدة.. ألف عام، جيد؟ اعتقد ان الف عام مناسب جداً… إحم، و إن خرقوا القسم فيجب ان يموتوا”
“… أهذا كل شئ؟” تكلم بيلي مستغرباً
“هذا كل شئ.”رد روبين مبتسماً
ظل بيلي صامتاً لبضع ثوانٍ، ثم سأل بتردد ” هل أوقفت تنفيذ العملية حتى الان.. و في الاخر خرجت .. بهذا؟!”
بيلي لم يكن مقتنع ابداً، هو كان مُستغرب من كلام روبين ان هذا له علاقة بالـ *روح* منذ قالها اول مرة، في النهاية إتضح ان كل هذا عبارة عن طريقة لتخويف سادة العائلات!!
الإبتسامة على وجه روبين إختفت، فأمسك بلوح اخر و ألقاء بكل قوته نحو وجه بيلي، ثم صاح ” افهم يا عديم الفهم، هذا حقيقي! إن يخرق القسم سيموت فعلاً!!”
بيلي تفادى اللوح الذي كان يصدم وجهه بشق الأنفس، لكنه لم يتمكن من تفادي الكلام الذي صدم كيانه..
“مـ… ماذا قلت؟!” بيلي لم يستطع إتسيعاب ما قيل للتو
“إسمع جيداً هذه المرة! هذه الألواح لديها القدرة على التعرف و تذكر بصمات الأرواح و ستحفظ جزء من قوة روح الشخص داخلها، و ستحفظ القسم مع كل بصمة روح الخاص بها،
تلك البصمة و القوة الروحية الصغيرة ستبقى على وصال دائم مع الروح الرئيسي، إن أخل الشخص ببنود القسم، سيقوم النمط تلقائياً بتنفيذ العقاب… لو شخص أقسم على انه سيمنع خروج التقنية لكنه لاحقاً سمح لشخص بفعلها او مثلاً عرف ان شخص فعلها و تناسى الأمر، و كان قد اقسم انه يستحق الموت لو حد هذا.. فسيموت.”