بعد المحادثة القصيرة بين روبين و زارا، ركضت زارا للبحث عن بيلي لتخبره بالأوامر الجديدة
بينما روبين عاد مُسرعاً لغرفته مجدداً ليُكمل ما عليه فعله…
قد يكون نمط توليد الحرارة قد اخذ شكله النهائي اخيراً، لكن مُهمة تشغيل الأفران ما تزال بعيدة كل البعد عن الإنتهاء، ما أنهاه كان مجرد جزء من الصورة النهائية
فمثلاً، النمط موجود و زارا ستبدأ تتدرب على رسمه على اوراق و جلود وحوش بحبر عادي، لكنلا عندما تأتي لحظة التنفيذ الفعلي كيف ترسمه فوق حجارة نارية؟ بماذا ترسمه ؟ و كيف يتم إخفاء النمط بعد الإنتهاء منه حتى يتمكن المتلصصين من رؤيته؟
هذه الاسئلة اُجيبت سابقاً في الطلاسم العادية، لكن الكتابة على الجلود ليست كالكتابة على الصخور، و إخفاء الأنماط داخل الجلود قطعاً ليست كإخفائها داخل الصخور..
مع انه سيتوجب عليه إبتكار كل شئ من جديد، بسبب انه لديه فكرة أولية عن المجال كان الامر اسهل عليه..
خلال ثلاثة اسابيع تمكن من التواصل لتركيبة خاصة من مسحوق الاحجار النارية و عصارة نباتات لها خواص النار ايضاً للإستخدام كحبر و عمل الختم المطلوب لإخفاء النمط داخل الصخور.
ثلاثة اشهر و ثلاثة أسابيع تقريباً قد إنتهوا بالفعل منذ بداية عُزلة السباق مع الزمن…
لكنه لم يحاول اخذ إستراحة، في نفس اليوم بدأ في تحضير الشِق الثالث الذي سيُضاف لنمط توليد الحرارة، مصدر الطاقة!
حتى الان روبين إخترع ختمين كمصادر للطاقة، الاول يملك القدرة على تخزين طاقة بداخله ثم تفعيله لمرة واحدة بعدها يختفي و لا يصلح للإستخدام مجدداً، كما في طلسم النار
الثاني أعلى مرتبة و هو مصدر الطاقة في طلسم الصوت الذي يمكنه تفعيل لمرات عديدة ثم يرجع كما كان ليستعد للتفعيل مجدداً، لكن هذا النوع يمكن تفعيله لفترة قصيرة جداً ثم سيتحتم تركه لفترة حتى يُعاد هيكلته و إستخدامه مجدداً، كما انه لا يصلح للإستخدام في الطلاسم التي تتسبب في تدمير الجلد المُستخدم كوسيط مثل طلسم النار
لكن هذين الختمين لن يصلحا هذه المرة… روبين يحتاج لختم يمكنه البقاء مُفعل لفترات طويلة بدون الحاجة للراحة، كما يحتاج لتحمل ضخ كمية طاقة كبير لتوليد حرارة كافية لصهر المعادن القاسية، و في نفس الوقت يجب ان يقتصد في كمية الطاقة التي يحتاجها!
فلو تطلب كمية طاقة كبيرة من قديس مثلاً او حتى فارس مرتفع المستوى ، فهذا سيُبطل أهمية المشروع ككل!
لذلك في النهاية يجب ان يكون الختم قادر على تحويل طاقة اشخاص إلى طاقة صافية يستخدمها نمط توليد الحرارة + يجب ان يظل مُفعل طوال الوقت بدون إنقطاع + يجب ان يكون متطلبات طاقة التشغيل الخاصة به منخفضه
و هذا… صعب.
مع ان تصميم الختم يعتبر إعادة تصميم للأختام القديمة و عملية تصحيح فحسب، إلا انه إستغرق من روبين خمسة أسابيع كاملة!!
في النهاية النتيجة كانت ختم يحتاج لكمية طاقة قليلة و ثابتة ليظل شغال طوال الوقت، متدرب في المستوى العاشر مثلاً يمكنه إبقاء فرن إسالة المعادن يعمل لمدة ربع يوم بلا مشاكل قبل ان يحتاج للإستراحة معاودة ملئ مخزونه من الطاقة، و عندها يمكن لشخص اخر أخذه مكانه و إبقاء الختم ممدود بالطاقة، و بالتالي إبقاء الفرن يعمل..
يمكن لشخص اقل من المستوى العاشر محاولة تشغيل الفرن لكن الفترة التي يمكنه تشغيلها فيها ستكون اقل بالطبع، مثلاً شخص في المستوى الرابع يمكنه تشغيل الفرن لربع ساعة، فعندما يتصل المتدرب بالختم، يختم الختم مباشرةً بسحب الطاقة التي يحتاجها بشكل ثابت.. هذه الإضافة جعلت تشغيل الأفران بلا متطلبات تقريباً، حتى عشرة اشخاص منخفضي المستوى يمكنهم التبديل فيما بينهم على التفعيل و الإستراحة طوال اليوم!
لهذا عند إنتهاءه من وضع اللمسات الاخيرة، روبين كان فخور جداً بالختم لدرجة لا يمكن وصفها، تقريباً كل شئ قام بصنعه حتى الان في هذه العزلة يعتبر إبتكار جديد تحت إسمه.. لكن ختم إمداد الطاقة هذا بالذات جعله يسبح في خياله.. لقد فتح له عالم لا محدود من الإحتمالات!
لكنه سرعان ما لطم نفسه ليخرج نفسه من التفكير في المستقبل، و ألقي تصميم الختم جانباً، ثم رجع ليجلس في وضعية التأمل وسط الغرفة… مهمته لم تنتهي بعد!
تشغيل الأفران مكون من شقين، الاول هو توفير الحرارة و هذا قد تم إكتشافه بالكامل، و الأن تبقى طريقة حماية الفرن نفسه من الحرارة التي ينتجها
مع انتهاء الشهر الخامس و بدأ اول يوم من الشهر السادس من عُزلته، بدأ روبين البحث في اغرب شئ عليه إبتكاره… و هو إيجاد طريقة لكبح إبتكاره بنفسه
بسرعة مر خمسة ايام، لم يتحرك فيهم روبين شبر من مكانه… الطعام خارج بابه يتبدل كل بضع ساعات بدون ان يأخذ منه قضمة
ميلا قلقت كثيراً عليه، كمتدرب مستوى عاشر يمكن لروبين إحتمال الطعام بضع أيام، لكن هذا كثير جداً!
مر اليوم السادس.. فالسابع… إنتهى صبر ميلا و كانت على وشك طرق الباب عندما تعلقت زارا بيدها و ترجتها ان لا تفعلها، اخبرتها ان هذا طبيعي بالنسبة له و انه سيغضب منها إن قطعت حبل أفكاره…
اخيراً.. في اليوم الثامن، فتح روبين عيناه المُجهدتين و ظهرت إبتسامة خفيفة على وجه…
إستغرق بضع دقائق حتى تمكن من دفع جسده الهزيل للوقوف و بصعوبة اخذ بضع خطوات نحو الباب، ففتحه و وجد أطباق طعام طازجة ما تزال تتصاعد منها البخار، فإنقض عليها مكانها كأنه اول مرة يرى طعام طوال حياته، ثم دخل و أطبق بابه مجدداً…
الفتاتين فرحتا كثيراً عند موعد تبديل الطعام التالي عندما تأكدتا انه بخير، لكنهما لم يعرفان ان روبين كأن اشد سعادة منهما…
فالأنماط التي رسمها حتى اليوم كانت مجرد محاكاة لأنماط حقيقية في الطبيعية و هو فقط وضعها على ورق، لكن مهما عصر رأسه على مدى ايام لا يمكنه التفكير في نمط طبيعي يمكنه حماية الحجارة بدون ان يُخفف من تأثير نمط توليد الحرارة
الحل النهائي كان: إن لم يكن يوجد نمط كهذا في الطبيعة.. فلا داعي لأخذه من الطبيعة!
بعد بضعة ايام من التأمل قرر روبين ان يقوم بتجميع نمط جديد من قطع من القوانين التي درسها!
النمط الجديد الذي عليه رسمه لم يكن مجرد اخذ قطعة من نمط كبير ثلاثي الأبعاد و إعادة رسمها على ورق لتكون بُعدين فقط، بل حرفياً صُنع شئ ليس موجود في الطبيعة!
الموضوع التاليالموضوع السابق