-” سألتني عن اسمي.. لقد نسيته. لا تستغرب، عندما تعيش طويلاً مثلي ستتوه عنك اشياء تافهة كهذه.. لكن لقبي هو الإله المستبصر و انا حاكم بضع كواكب متوسطة العمر” قال رجل الضوء كأنه شئ عادي

=” حاكم.. كواكب؟ ما الذي تقصده بهذا ؟”

-” لست بحاجة لتعرف الان، فقط اعرف اني مثلك.. شخص بنى أعمدته من قانون الحقيقة، أمثالنا نادرون حتى في كل الكون.. لم أطق ان ارى واحداً يموت، هاي.. يمكنك ان تدعوني بالأخ الاكبر المستبصر هاهاها

سأترك معك شظية من روحي، يمكنك إستخدامها لتسألني عن اي شئ إن واجهت عائق، لكن احذر.. قد لا اجيبك! لقد تدخلت بمصير هذا الكوكب بما يكفي.

شئ اخير.. عندما ترجع للمستوى الاول من اساس الطاقة و تبدأ ترى الأنماط.. كُن لطيفاً ولا تستهلك كل شئ.. اترك شئ لمن يأتي بعدك ولا تغتصب الكوكب ” ضحك رجل الضوء بصوت عالٍ بينما تبدد جسده ثم انفصلت نقطة ضوء بسيطة و دخلت في رأس روبين

كلمات رجل الضوء ارسلت روبين في دوخة * انماط؟ ما هذا..؟* لكنه سرعان ما استعاد صفاء ذهنه بما ان التفكير لن يفيده بشئ قبلما يستعيد المستوى الاول من اساس الطاقة..

ثم شاح بصره نحو قيصر الذي كان قد أتم تحوله ايضاً و عاد لطفل بعمر الـ12، فبدأ يضحك بشكل هستيري “هاهاها تبدو ألطف الأن ايها العاق”

نظر قيصر بإستغراب لوالده و قال” انت من يتكلم؟ لم اكن اعرف انك بهذا الوسامة و الدلال.. طوال عمري عهدتك كضرطة عجوز، لدي رغبة بقرص خديك!” اقترب قيصر و هو يشير بيديه عن القرص

هنالك شئ اغفل الإله المستبصر عن ذكره، -عملية إعادة الطفولة التي قام بها لم تكن بهذه البساطة- الغرض الأساسي منها كان انقاذ روبين فعلاً، لكن جسده الحالي ساهم بصنعه عدة قوانين رئيسية حتى اصبح يملك جسد شِبه كامل! اي نقاط ضعف فيه قد اختفت و ملامحه اصبحت أدق كأنها مرسومة بالقلم، بشكل عام هو ما يزال يحتفظ بتركبية وجهه و جسده، لكن من يعرفه سابقاً و يمعن النظر سيجده اصبح أوسم بكثير.. طبعاً نفس الكلام ينطبق على قيصر.

“ابتعد ايها الإبن العاق و إلا صفعت مؤخرتك! حتى لو كنت ابدو اصغر سناً لا تنسى اني ما زلت أباك بالتبني ..هاي.. اعتقد انه علينا التخطيط لما سنفعله لاحقاً..” قالها روبين بينما ذهب ليجلس على سريره واضعاً قادم فوق الاخرى و سند ذقنه بإحدى يديه ،

ثم وقف و قفز فجأة “ياهاااهااااو” ثم قال “إحم..” و جلس مجدداً في نفس الوضعية.. واضح انه معجب جداً بحالة جسده..

جلس قيصر على الأرضية بجوار السرير و نظر للأعلى ينتظر ما سيقوله والده

=”واضح انه لا يمكننا البقاء هنا، لو عرفت الوحوش اننا اصبحنا فانون بلا ذرة طاقة سيتعاركون على من يعض عظامنا اولاً.. لقد أريناهم الويل خلال القرن الماضي فلا ألومهم” قالها روبين بينما بدأ يحرك اصابعه التي يسند بها ذقنه

-” لكن إلى اين سنذهب يا ابي؟ منذ وعيت على الدنيا و نحن نسكن هذا الكهف.. لو ذهبنا للقرى الحدودية لن يعرفوننا و سنُعامل طفلين لقيطين و قد نتعرض للإستعباد”

=” اوه.. في الحقيقة انا سليل عائلة كبيرة في دوقية ألتون تسمى عائلة بروتون، هنالك عشرات آلاف يحملون إسم العائلة و اضعاف هذا العدد من العبيد و الجنود، لن يمانعوا وجودي انا وانت.. ان اردت يمكنني الرجوع، لابد ان بعضهم ما يزال يذكر هيئتي و انا صغير! ….لكن اعتقد ان هذا لن ينفع، لا احب شعور ان يتم إستعمالي و هم بالتأكيد لن يبقوا صامتين و هم يراقبون سرعة تدريبنا”

-” ألم تقل ان تلك المخطوطات ثمينة؟ لما لا نبِع واحدة و نشتري بيت من ربحها و نعيش بما تبقى من النقود، بعد بضع سنوات سنكون اقوياء بما يكفي للتجوال بحرية” قال قيصر و كأنه حل الوضع برمته

=”ذكرتني!” قام روبين فجأة و امسك بالشمعة على مكتبه و ألقاها فوق كومة المخطوطات

-” ما- ما الذي تفعله بحق الجحيم؟ هل جننت؟ انت تحرق حصيلة تعبك طيلة حياتك!!” صرخ قيصر بعلو صوته، كاد يجن من المنظر امامه.. مع انه لم يهتم كثيراً بتلك المخطوطات إلا انه يعرف انها كانت كل شئ بالنسبة لروبين، لقد افنى حياته من اجل كتابتهم، كيف اخذ قرار حرقهم بهذه السهولة؟

=” حصيلة تعبي موجودة في رأسي. كنت اسجل بإستمرار حتى أترك ورائي إرث ينفع العالم و يخلد إسمي.. لكني لم اعد بحاجة لهذا الأن!

ليس و كأني اصبحت بخيل على العالم.. لكن الوقت لم يحن بعد، لو خرجت احد هذه المخطوطات للنور فستتم ملاحقتنا فوراً من قِبل اعداء لا يمكننا الصمود امامهم، إما يقتلوننا من اجل المزيد او يجعلوني أعمل كعبد لديهم طيلة حياتي، طبعاً قد يكون هنالك شخص لطيف يحاول ان يتبنى موهبة مثلي، لكني لن اترك خيار كهذا للقدر!” تكلم روبين بهدوء و هو يشاهد اللهب يأكل تعب حياته..

-“… ما العمل إذاً ؟ الان اصبحنا فعلاً بلا مصدر للمال او مكان يأوينا، كلانا مجرد طفلان ضعيفان.. تباً.. أكان عليك ان تطلب منه تعديل جسدي ايضاً؟ كان بإمكاني توفير الحماية و دخل ثابت من اجلك ! لماذا وضعتنا في هذا الموقف المزري.. منذ متى انا و انت كنا بحاجة لأحد يهتم بنا؟ ” قيصر قال ثائراً

=” بالطبع فكرت في الامر، لكن كان علي إستغلال الفرصة و منحك هذه الفرصة لتصبح اقوى.. لن استغلك لحمايتي في البداية ثم ألقيك جانباً عندما اصبح اقوى.. كلانا يجب ان نتقدم معاً ! تريد ان تحميني؟ حسناً.. انا سأركز على دراساتي و انت ركز على فنون القتال و قم بحمايتي لبقية حياتك ايها الوغد العاق” قالها روبين ضاحكاً بينما ربت على رأس قيصر

صمت قيصر و نظر بإتجاه الارض، إمتلئت عيناه بالدموع ثم إبتسم و مسحهم بسرعة و رفع رأسه لينظر بإتجاه روبين الذي أدار ظهره له و إتجاه نحو المدخل.. فقام و ذهب و خلفه و هو يفكر *لقد انقذتني من بين افواه الحيوانات، أطعمتني علمتني و دربتني .. لم تجعلني اشعر يومياً اني يتيم.. تقول احميك لبقية حياتك؟ اقسم ان حتى ملك الموت لو جاء لن يأخذك مني.*

دام صمت لفترة طويلة بينما كان روبين يقف امام الكهف و قيصر خلفه.. ثم انتفض صائحاً ” تذكرت! هنالك فتاة غنية مدينة لي منذ اكثر من قرن، حان الوقت لأعطيها فرصة لتسديد دينها!”
-“هاه؟ اكثر من قرن؟ أتعتقد انها ستتذكرك؟ هيه~ على الاقل لدينا مكان نبدأ منه.. اين هى؟” قال قيصر

=” دوقية برادلي! هيا إبدأ بحزم أمتعتنا.. احضر النقود التي تبقت معنا و بضع فواكه من الحديقة.. همم ذلك الطاووس يبدو جيد، اقطع منه بعض اللحم و احضره معنا لنأكل منه في طريقنا.. لدينا رحلة طويلة!” ضحك روبين بصوت عالي

صُدم قيصر من ما سمعه.. انه يريد الذهاب لدوقية اخرى! مع ان دوقية برادلي على الحدود مع دوقية آلتون إلا ان المسافة ما تزال بعيدة، ثانياً هو لا يريد الذهاب لحدود دوقية برادلي بل سيبحث على فتاة داخلها! هذا سيستغرق بضع شهور!! لكنه وثق في ذكاء والده و ذهب ليبدأ بقطع لحم طاووس الدم

و هكذا بدأت الرحلة التي ستغير وجه العالم… بطفلين غريبي الأطوار و واحد طاووس مُعلب.

من Zeus

-+=