القديس إدوارد لم يرد، انه ليس كبقية القديسين الذي يهتمون بتدريبهم الشخصي فحسب، بل منذ صغره لديه حب لقيادة الجيوش و يعتبر الجنود جزءً من عائلته اثناء المعركة
و الان هو تحت ضغط ليرسل 50 الف جندي الذي قام بتدريبهم بنفسه إلى حتفهم!
هو يتفهم مطلب البطريرك، فإن لم يرسلهم الان سيُقتل الجنود الموجودين في الاراضي الجديدة و سيكون عليهم إرسال الجيش الجديد على أي حال وقتها
هذا بالتأكيد لم يكن قراراً سهلاً.
لكن الصمت كُسر فجأة بصوت روبين، ” هذا لن يحل شيئاً.. كنت اعتقد في البداية انه سيكون تمرد بسيط يمكن قمعه و الإنتهاء من الأمر، لكن الدائرة تتسع و السيطرة تُسحب منا، انا متأكد ان اوغاد دوليفار يتدخلون لإثارة الفوضى و إمداد المواطنين بالسلاح و المعلومات..”
اومئ البطريرك، ” هذا بالتأكيد ما يحدث، لكن ماذا قد نفعل؟ لا يمكننا فعل شئ سوى إكمال قمعهم بالقوة..”
هز روبين رأسه، “لو كان هذا ينفع، لنفع! واضح ان الإنتصارات الصغيرة التي يحرزها المتمردين تجذب المزيد من المتطوعين لقضيتهم، هذا يجذبنا لحرب إستنزاف لا نهاية لها.. حتى لو ارسلنا الجيش الجديد فسيكون بضع عشرات من الآلاف ضد عشرات الملايين!”
“فعلاً، هذا احد مخاوفي.. الجنود يموتون بلا فائدة، على هذه الوتيرة سنجهز جيش كل سنة ليتم ارساله ليقتل فحسب.” اومئ القديس إدوارد مثقل الملامح
الصمت عاد للغرفة مجدداً… إرسال جيوش بدون تسليح لائق لقتل عشرات الملايين من المواطنين الغاضبين… الوضع كأن طفل صغير يريد إخضاع ثور هائج!
“نحن لم- اممم…”
صوت صدر فجأة كسر الصمت مما جعل الجميع ينظرون نحو مصدره، كانت زارا… لكن عندما رأت انا محط الأنظار سكتت مجدداً و خفضت رأسها
عندما رآاها روبين تتصرف هكذا إبتسم و تكلم، ” تكلمي ولا تخافي يا عزيزتي، ماذا كنت ستقولين؟”
“حاضر، نحن.. نحن لم نحتل تلك الأرض لنسرقها و نقتل أهلها، صحيح؟ أليس من المفترض انها أراضينا الأن؟ لماذا نحاول قتلهم من الأساس..” تكلمت زارا بصوت منخفض و هى تحرك أصابعها بتوتر
“هاهاها فعلاً الأطفال لطفاء” ضحك البطريرك بصوت عالٍ، ثم بدأ مشاورات جانبية مع بيلي و الجينرال إدوارد… واضح انه لم يأخذ كلامها بمحمل الجد
لكن روبين هو الذي عقد حاجبه عند سماع كلام زارا، بعض بضع ثوانٍ تكلم اخيراً، ” ….معها حق.”
“عفواً؟” البطريرك نظر بإتجاه روبين
أكمل روبين كلامه، ” أياً يكن من وراء ذلك التمرد، الدم الذي يسيل سيظل على يدنا للأبد… نحن الان ما نزال على البر و يمكننا تصحيح الوضع، لكن لو تمادينا بإرسال جيوش و إسالة المزيد من الدم، ففعلاً سنفقد اهلي الاراضي الجديدة للأبد!
لا، لا يجب ان نسميها الاراضي الجديدة بعد الان بل دعونا نسميها المزرعة طالما سنقتل من فيها بمزاجنا و نسرق خيراتها!”
“ليس و كأنه بمزاجنا يا روبين، هل نتركهم يهاجموا رجالنا هناك و نقف بلا حراك مثلاً؟ أو نترك لهم الارض بالكامل فيرجعوا لدوليفار و نصبح اضحوكة العالم؟ لو لديك فكرة جديدة فتفضل اخبرنا” هز بيلي رأسه
“… إن ضربت طفلك مراراً و هو صغير بحجة تأديبه فسيكبر ليكرهك، حتى لو أصبحت لطيفاً إتجاهه بعدها سيظل يحقد عليك.. يوجد طرق اخرى افضل لتأديب الأطفال، مثل… ترغيبهم بجوائز معينة إن تصرفوا بشكل جيد!” بدأ ينظر الجميع لبعضهم عند سماع هذا، واضح ان روبين يشبه المتمردين بالطفل لسببٍ ما..
البطريرك يعرف ان روبين غير مدرك بأساليب الحرب و الحُكم، لقد أخذوا الأرض و حق حكم الذات من سكان دوليفار الأصليين، ماذا قد يعطونهم ليتناسوا هذا؟
هو لم يرد ان يُسكت روبين بشكل قطعي حتى لا يحرجه، لذا سأل بإبتسامة، ” و ماذا يمكننا ان نستخدم لترغيب اولائك المتمردين في حُكمنا في رأيك؟”
“…” صمت روبين لبضع ثوانٍ، لم نظر بإتجاه القديس إدوارد، ” ما الذي يجعل السلاح يستحق ان يأخذ رتبة من الثلاث؟ و لماذا هم غير منتشرين؟”
إستغرب القديس من السؤال الذي جاء خارج الموقف، لكنه رد على أي حال، ” السلاح يُقيم في المقام الأول إعتماداً على مواد التصنيع، كلما كان المعدن الذي يُصنع منه النصل اقوى و اكثر حِدة ترتفع قيمة السلاح،بالطبع هنالك عوامل اخرى مهمة، مثل الحداد نفسه.. انت لو اعطيت نفس قطعة المعدن لحداد عبقري و شخص مجهول في الشارع، هل ستكون النتيجة متشابهة؟ لهذا تحديداً مع انه نفس الخام الرئيسي إلا ان القيمة تختلف.. لهذا قد تجد سيفان يُقال ان كلاهما منخفضي الرتبة، لكن واحد بـ 20 عملة ذهبية و الاخر بـ 200 عملة ذهبية!لكن لو تسأل عن ما يُكسب السلاح الرتبة بشكل عام، فهو الخام.
أما عن السبب في ندرتهم…هو ان عدد الفرسان و القديسين قليلين ايضاً، و من يعملون في المجال أقل و أقل!”
فتح روبين عينه بوسعهما، ” ما دخل الفرسان و القديسين بالموضوع؟”
“تطويع المعادن عالية المستوى يعتمد على القوة الجسدية بالطبع! النار يمكنها إسالة المعادن البسيطة مثل الحديد، لكن هذه السيوف تُكسر بسهولة في يد المتدربين عالي المستوى، و كلما إرتفع المستوى تصبح بلا فائدة!
أما المعادن الأعلى قوة لا تُصهر بالنار، يمكن فقط تسخينها لتصبح لينة بعض الشئ ثم يقوم الفرسان بالطرق عليها و قطعه و تسويته حتى يُشكل ما يريدون، و لو كان المعدن قوي جداً فسيتحتم على قديس ان يقوم بتشكيله بنفسه…
الفرسان غالباً يُشكلون تلك الأسلحة لمصلحة عائلاتهم، نادراً ما تقوم عائلة ببيع صناعاتهم لعائلات اخرى، فكل واحد من تلك الأسلحة يعتبر كنز خاص بهم سيُورث للأجيال القادمة،
و كما ترى فهذه المهمة طويلة و متعبة و غير مربحة لصاحبها، لذلك لا يوجد الكثير من الفرسان يختارون هذا الإتجاه، و بالتالي فالطلب على هذا النوع من الأسلحة لا ينضب ابداً، يستحيل ان تجد عائلة مُكتفية منهم!”
ملامح إستغراب و حيرة ظهرت على وجه روبين، ثم سأل، ” ماذا تقصد بأن النار لا يمكنها صهر تلك المعادن؟ لا يوجد شئ لا يمكن للنار صهره.”