بعد 53 يوماً اخرين..

زارا كانت ترسم طلاسم على الأرض في القاعة الرئيسية، بينما ميلا كانت تجلس و تراقبها بصمت…

بدأت ميلا تعامل زارا كأنها فرد من العائلة منذ إعلان الخطبة و أصبحت تقضي الكثير من وقتها معها، و مع انه يستحيل ان تفهم شيئاً مما تفعله زارا بمجرد المراقبة إلا انها ما تزال تتابع ما تفعله بصمت من الجانب بعدما تنهي إعداد الطعام

بما انها لا تفقه شيئاً في رسم الطلاسم حاولت إعطاء زارا نصائح في التدريب، لكن كل مرة كانت تحاول إعطائها نصيحة في طرق إمتصاص و تسيير الطاقة في الجسد و غيرها.. كانت ترد عليها زارا بنظرية افضل و اكثر كفائة من التقنية التي علمها لها روبين

لذلك مع الوقت وجدت ان زارا هى من تعلمها فنون القتال و ليس العكس…

مع انها ارادت حقاً ان ترى تلك التقنية العبقرية التي تحدثها زارا عنها، التقنية التي جعلت الفتاة التي بالكاد في الـ 11 من عمرها توشك ان تخترق للمستوى الثامن، إلا انها أمسكت نفسها من الطلب..
قررت الإنتظار حتى يمنحها لها روبين بنفسه.

بينما زارا منشغلة بالرسم و ميلا شاردة الذهن، في تلك اللحظة جاء صوت، ” يو~ ماذا تفعلان؟”

أدار الإثنتين رأسهما فجأة فوجدا روبين يستند على حلق الباب مبتسماً و ماسكاً كُتيبين صغيرين في يده

“أبي!” زارا تركت ما كنت تفعله و ذهبت لإحتضان روبين، اخيراً و بعد اكثر من 5 اشهر روبين خرج من عزلته!

“هاها فتاة جيدة، فتاة جيدة،” رتب روبين على شعرها بلطف

أما ميلا فكانت ما تزال جالسة مكانها مندهشة.. ” انت… كيف وصلت إلى هناك بدون ان اشعر بك؟”

قهقه روبين إبتسامة كبيرة، ” اردت إختبار شئ، و يبدو اني نجحت! هاي.. لما لا تقومين لتحيي خطيبك و تعطيه حضناً يا فتاة؟!”

إحمر وجه ميلا عندما سمعت هذا و تذكرت تلك القبلة، فنظرت بعيداً ” همف، هل كنت مسافر مثلاً؟ انا أراك مرة يومياً على الاقل!”

“هاهاها حسناً حسناً، انا معتاد على ان أقيم إحتفال صغير بعد نهاية كل فترة عزلة بأخذ احد الفتيان معي لمطعم… لكن بما انهم ليسوا هنا، أتود أحداكما المجئ معي؟”

“انا قادمة!” زارا رفعت يدها متحمسة

” جيد!” مسح روبين على رأس زارا، ثم نظر لميلا “ماذا عنك يا فتاة، أأنتي قادمة؟”

” …. و لما لا.” تنهدت ميلا

“ممتاز! انا اعرف مطعم جيد كنت أذهب إليه انا و بيلي عندما كنا صغاراً، اعتقد انه ما يزال مفتوح.. هيا بنا!”
—————–

…. زحام

منذ خرج روبين و الفتاتين من حوله من المبنى جذب أنظار الجميع في المنطقة الإدارية، لكن لأن الجميع هنا لديهم قوتهم أو سلطتهم الخاصة، كل ردود لفعل كانت عبارة عن تحية من بعيد ثم إكمال المسير

لكن الوضع تغير بالكامل عندما خرج روبين من المنطقة الإدارية…

الجميع تسمروا أماكنهم ينظرون *للمُعلم الاسطوري* و جميلة الجميلات ميلا، و المعجزة الصغيرة زارا، كلهم موجودين معاً يسيرون جنباً إلى جنب..

من السهل تخيل ما حدث… في غمضة عين الشوارع إزدحمت بالناس على كل الجانبين و بدأ بعضهم بالهتاف:

“روبين ! روبين ! روبين !”

“انتي مثلي الأعلى يا سيدة ميلا!!”

“زاراااا انتي فتاة أحلامي!”

الشئ الوحيد الذي منع كل هؤلاء من الإقتراب و إغلاق الطريق امام الثلاثة كان هالة ميلا الطاردة التي أبقت الجميع على مسافة معينة، لكن مع كل خطوة التجمهر يزداد! ” كان يجب ان تذهب لمطعم ها..”

قهقه روبين و هو يتابع السير، ” الإنخراط بين الناس ليس سئ، اُفضل ان يراني الجميع بينهم فيوجهون لي حبهم و إحتراهم خير من ان أن ابقى معزولاً في وادي و هم في وادٍ اخر… لا يملك لقائد جيد ان يقود شعبه من بعيد.”

“… انت حرفياً خرجت للتو من عزلة خمسة أشهر” نظرت له ميلا بإستغراب بينما واصلت التقدم و دفع الناس بهالتها

“هاها ليس و كأنه بمزاجي، هذا ما علي فعله لأوفر للجميع فرصة لغدٍ افضل..”

المحادثة لم تكن سرية، جميع من حولهم سمعوها… لم يعرفوا لماذا عزل نفسه الخمسة أشهر تلك لكنه رده أثلج صدورهم، و حقيقة ان القديسة الشهيرة ميلا تحاور إبنهم بطريقة طبيعية بدون تعالي و تمشي بجواره لإفساح الطريق له أفرحتهم اكثر… فالشائعات ان ميلا تتحكم بروبين قد إنتشرت كثيراً مؤخراً

“اها، هذا هو المطعم، كنت متأكد انه ما يزال يعمل!” أشار روبين نحو مطعم قديم المظهر و صغير الحجم على جانب الطريق ثم توجه نحوه مباشرةً

المطعم كان فارغ تماماً، روبين إختار طاولة على الجانب و قاد الفتاتين إليها، أما ميلا فهى أبقت هالته الطاردة عند البوابة حتى لا يدخل احد ورائهم

لم يكن هنالك احد في المحل سوى رجل عجوز عيناه تقريباً مغلقتان و فتاة صغيرة

بعدما إستقر روبين على طوالته نادى، ” عمي تيم، احضر ثلاثة من الطبق الخاص للمحل.”

“قادم..” رد صوت أجش ثم قام الرعجوز و توجه نحو المطبخ ببطئ

“حسناً إذاً، على الارجح هذا سيأخذ بعض الوقت.. إحم، ميلا، أخبريني ماذا حصل حولي خلال فترة تواجدي في العزلة؟” عاد روبين لينظر نحو ميلا و تكلم

“هممم بالنسبة لقاعة المزاد فهى تسير بشكل جيد، مع ان هى نفس البضائع تُباع شهرياً إلى انها دائماً تباع بأسعار جيدة و بسرعة، كان هنالك بضع محاولات لإثارة المتاعب لكن قمنا بالسيطرة عليها، اعتقد ان الارباح الكُلية وصلت نصف مليون عملة ذهبية بحلول الان..”

روبين اومئ بإبتسامة، ” جيد.. جيد.. ماذا عن الأولاد في أراضينا الجديدة؟ لقد أوشكوا على نصف سنة هنالك.. ألم ينتهي ذلك التمرد بعد؟”

“بالنسبة لهذا….” ملامح ميلا تغيرت بوضوح عند فتح الموضوع

روبين عقد حاجبه و سأل مجدداً، ” ميلا.. ماذا يحدث هناك؟ هل الاولاد الثلاثة بخير؟!”

من Zeus

-+=